الحديث عن الأسعار والغلاء ومعدلات التخضم ودقة الحسابات وتناقض الأرقام أعاد إلي ذاكرتي مرحلة مرت بها مصر كانت من أصعب المراحل بالنسبة للسلع والسوق والغلاء.. لكن وزيرا استطاع أن يضع في المواجهة خططا عبقرية مما استحق عليها نقلة من ترتيب وزير إلي نائب رئيس وزراء.. وزير متخصص كأستاذ في المحاصيل والاقتصاد الزراعي وزير تموين اسمه
- دكتور كمال رمزي ستينو (طابت روحه عند ربه وطابت لدينا ذكراه).
وجد كمال رمزي ستينو نفسه أمام تلال من القرارات السياسية الصعبة التي عكست نفسها علي الأسعار والسوق وكل متطلبات معيشة المجتمع.. قرارات صدرت كلها في توقيت واحد تقريبا..
* آثار حصار اقتصادي دولي علي البلاد منذ عدة سنوات بدأت مع تأميم قناة السويس خاصة أننا كنا نستورد 70% من طعامنا..
* قرارات التأميم وتثبيت العمالة وتشغيل المصانع ثلاث ورديات يوميا.
* تعيين الخريجين في الحكومة والشركات التي تخضع لسيطرة الحكومة.. خريجي الجامعات والمعاهد العليا والمتوسطة كلها وذلك كله معناه إضافة مليون مواطن جديد إلي سوق العمل وجدول الأجور الثابتة وذلك معناه أيضا مزيد من الإنفاق في حين أن حجم المعروض محدود مما أغري التجار برفع الأسعار إلي درجة مخيفة حتي بلغت في بعض السلع 100%.
ولأنه وزير متخصص ويدرك حجم المسئولية التي عليه لجأ إلي مبدأ التخطيط للمواجهة فقلب الموائد علي تجار السوق السوداء.
* قام بإنشاء المجمعات الاستهلاكية ولأنها كانت تبيع بأسعار رخيصة كان الإقبال عليها شديدا ولازلنا نتذكر طوابير الجمعية الأمر الذي أجبر التجار علي خفض الأسعار.
* لجأ إلي إصدار البطاقة التموينية للأسرة فعرفت الأسرة كيف تحصل علي سلع مدعمة.
* وحتي تنتشر فكرة المجمعات وحتي تستطيع الأسرة حاملة البطاقة التموينية الحصول علي احتياجاتها فكر في تشكيل شبكة مختارة من ذوي السمعة الطيبة أطلق عليها اسم البقال التمويني.
رغم كل ذلك كان حجم الهجوم علي د. كمال ستينو شديدا سواء عن غيرة شخصية لأنه أصبح نائبا لرئيس الوزراء وبعض الهجوم راجع إلي صراع سياسي سوف أحكيه يوما ما.. المهم أنني كتبت ذلك بمناسبة تصريحات د. محمود محيي الدين وزير الاستثمار ملعنا أنه بصدد إحياء دور المجمعات الاستهلاكية كصمام أمن للأسرة والسوق والأسعار.
اللعب.. والملعوب.. بالأرقام..
** تستطيع أن تستخدم الرقم وفق ما تريد أن تحققه سياسيا وسواء استخدمت الرقم للحقيقة الخالصة أو استخدمته لوجهة نظرك الخاصة.. علي سبيل المثال:
* أحكام الإفلاس الابتدائية والنهائية التي صدرت في عام 2006 من يناير إلي ديسمبر كانت 115 حكما نهائيا لكن الرقم ارتفع إلي 179 في العام الأخير 2007 من يناير إلي ديسمبر أيضا.. هنا يمكن أن نقول إن الزيادة كانت في حدود 64 حكما ويمكن أيضا أن أقول إن زيادة أحكام الإفلاس النهائية زادت في العام الأخير عن العام السابق بنسبة 55.7% وفي الحالتين أنا صادق..
* أعلن البنك المركزي زيادة الاحتياطي الدولي إلي 31.9 مليار دولار.. وهنا يمكن أن أدلل بالرقم علي تطور في صالح الاقتصاد الوطني.. وإن كان هناك من يري في ذلك مخاطر في بلد يستورد 70% من طعامه ويعاني عجزا تجاريا قيمته عدة مليارات من الدولارات ويعاني – وذلك أخطر – من تفاقم في الأسعار الدولية انعكست آثاره علي أسعار المعيشة في الداخل وكان يمكن من الاحتياطي التحوط بالتعاقد علي احتياجاتنا بما يجنبنا آثار التصاعد السعري.. وهو هذا الاحتياطي كتبت هنا في وطني في العام الماضي تساؤلات حول جدواها وعدم استخدامه في الداخل وسوف أعود إلي ذلك في عدد قادم إن شاء الله.
* رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات وقف في مجلس الشعب يتحدي الحكومة ويعارض سياستها منددا بوزير المالية لأن العجز في الموازنة العامة للدولة زاد عن العام السابق بتسعة مليارات جنيه.. الرقم صحيح ولكن عندما لا نذكر تضخم أرقام الاعتمادات الجديدة للدعم والأجور نكون قد قصدنا غير وجه الحقيقة واتجهنا إلي مسلك المعارضة فما بالنا والموارد السيادية للدولة زادت بفضل سياسة الوزير الذي قصد الرجل مهاجمته.
* عدد شركات الأشخاص التي تم قيدها في السجل التجاري عام 2006 حوالي 10.7 ألف شركة برأس مال 13.2 مليار جنيه ويرتفع الرقم 11.5 ألف شركة برأس مال 21 مليار جنيه.. الأرقام صحيحة ولكن لم يذكر شيئا عن رأس المال المدفوع وكم عدد الشركات التي دخلت الإنتاج وحجم القروض المصرفية إلي رأس المال المدفوع حتي تأتي الصورة أكثر وضوحا.
* شركات الأموال التي تم تأسيسها خلال نفس السنوات 4595 شركة عام 2006 زادت إلي 7562 شركة في 2007 وكان رأس المال في حدود 29 مليار جنيه في كل من العامين لكن الزيادة حدثت علي جانب التوسعات وزيادات رأس المال في 2006 44.5 مليار جنيه زادت إلي 54.5 مليار جنيه في عام 2007.. أين هذه الأموال؟.. وما النتائج؟ وهل سجل الإنتاج بالفعل زيادات ملحوظة يمكن أن تنعكس علي حياة المواطن العادي.. أم أن الأمر مجرد أرقام؟ فحصيلة الأرقام يجب أن تكون أرقاما أيضا..
حروف ساخنة
* مات حكيم الثورة مات جورج حبش كالأشجار الباسقة واقفا لم يحن رأسه إلا لخالقه..
الكاتب الفلسطيني عبدالقادر ياسين
* التاريخ لا يعود أبدا.. ولكن ذاكرة التاريخ خالدة أبدا..
د. أنور عبدالملك
* إذا أخطأت ولم تصلح الخطأ فأنت قد ارتكبت ذنبا جديدا..
كونفوشيوس – حكيم الصين