تمر مصر الآن بمرحلة صعبة وحرجة وفارقة في تاريخها وتحتاج أن يبذل كل منا ما بوسعه لمحاولة نهضتها في جميع المجالات, ولابد من تكاتف فئات الشعب للوصول لذلك ومن هنا جاءت ##وثيقة الأزهر## التي أعلن عنها فضيلة الإمام الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر وناقشها نخبة من المثقفين المصريين من مختلف الطوائف والمدارس الفكرية والتي تضمنت أحد عشر بندا مؤكدة دعم تأسيس الدولة الوطنية الدستورية الديموقراطية الحديثة, والاحترام الكامل لدور العبادة, ودخول عصر قاطرة التقدم الحضاري وأيضا اعتبار الأزهر الشريف الجهة المختصة التي يرجع اليها في شئون الإسلام… حول أراء المثقفين حيال تلك الوثيقة وكيفية تفعيلها فتحت ##وطني## هذا التحقيق…
استعادة لمكانة الأزهر
في البداية قال الشيخ فوزي زفزاف وكيل الأزهر الأسبق وعضو مجمع البحوث الإسلامية: كل مصري يعرف قيمة الأزهر ومكانته العلمية والثقافية عبر التاريخ فضلا عن مكانته الاجتماعية فكان له الكلمة المسموعة والاحترام عند جميع الطوائف نظرا لما يبثه من فكر إسلامي وسطي غير متشدد, لذلك يجب أن نتكاتف من أجل استعادة مكانة الأزهر فهو صمام أمان لمصر والعالم العربي في مواجهة انتشار الفكر المتطرف والمتشدد البعيد عن الفكر الإسلامي المستنير
واعتباره هو الجهة المختصة التي يرجع إليها في شئون الإسلام وأن يصبح هو المرجعية الإسلامية التي يحتكم إليها الجميع في العديد من القضايا بما يتوافق مع نصوص الشرع بوصفها المعبرة عن الفهم الصحيح للدين والتي لا جدال عليها.
الدين والحداثة
أكد الباحث سمير مرقص: الوثيقة توضح علاقة الدولة بالدين وتنص علي المصالحة بين الدين والحداثة والدخول إلي عصر المعلومات وهي بمثابة استعادة لروح الحالة المصرية من الاعتدال والرحابة الوطنية الواسعة في إطار عام يمكن نقاشه وكل بند من الأحد عشر بندا التي نصت عليهم الوثيقة يصلح أن نبني عليها الأفكار ونقلل الاحتقان وأيضا نعمل علي المصالحة المعاصرة والحداثة ونعمق الحوار.
نخلط الدين بالسياسة
من ناحية أخري قال الكاتب صلاح عيسي رئيس تحرير جريدة القاهرة: تدخل الأزهر في الشئون السياسية أمر مرفوض وخروج علي اختصاصاته العلمية والثقافية المنوط بها ولا يليق بمؤسسة الأزهر أن تخلط الدين بالسياسة بإصدار مثل هذه الوثائق وبإمكان الأزهر القيام بدوره في مواجهة الفكر المتطرف دون التدخل في الأمور السياسية التي هي من شأن الأحزاب وذلك عبر برامجه التعليمية التي يبثها لطلبة المعاهد الأزهرية أو في جامعة الأزهر وأيضا الاجتهاد في قضايا معينة خلال مجمع البحوث الإسلامية مثل قضية فوائد البنوك وقضية معاملة غير المسلمين وغيرها من القضايا الفقهية التي من المفترض أن يجتهد فيها الأزهر.
أضاف عيسي: بنود الوثيقة لا تحتوي جديدا فهي تعتبر الدولة الدينية هي الدولة المدنية ولديها آليات الديموقراطية من انتخابات الدستور وهذا تحايل علي الفكرة الأساسية التي تنادي بالدولة المدنية والفصل بين ما هو ديني وما هو سياسي وهو أمر لا يتعرض له البيان بل يكاد يرسخه, كما أنه يفسر المادة الثانية من الدستور تفسيرا مختلفا عن المحكمة الدستورية العليا التي تلزم كل القوانين التي تصدر بعد 25 مايو 1985- وهو تاريخ تعديل المادة الثانية من الدستور من مصدر رئيسي إلي المصدر الرئيسي- بعد المخالفة للنصوص الشرعية قطعية الثبوت والدلالة وبالتالي قد يسمح بتطبيق الحدود علي سبيل المثال.
إسلام وسطي
أوضح م. حسام الدين علي رئيس مجلس إدارة المعهد المصري الديموقراطي وعضو حزب الجبهة: الوثيقة تثبت أن إسلام المصريين إسلام وسطي أزهري يسمح بالتعايش السلمي بين الأديان وأعتقد أن الأزهر بهذه الوثيقة اتخذ الخطوة الأولي لمنع المزايدات في هذا التوقيت الراهن من قبل التيارات السلفية والتي تطالب بأفكار رجعية لا تتناسب مع مجتمعنا المصري, وعلي الأحزاب أن تتبني هذه الوثيقة.
وثيقة متوازنة
اتفق في الرأي الشاعر عبدالستار سليم قال: الوثيقة ترجمت كل ما نادي به المثقفون علي مدي سنوات طويلة لكي يعود الدين إلي أصوله ويكون لكل الأديان الاحتكام إلي شرائعهم الدينية في قضايا الأحوال الشخصية وهو ما نص عليه البند الأول في الوثيقة, وكون أن الشيخ الطيب ومجموعة علماء الدين المثقفين اتفقوا علي هذه الوثيقة المتأنية المتوازنة والتي التزمت الحدود التي يجب أن تسود بين الأديان كافة وبين الدين الإسلامي والدين المسيحي في مصر, وتم إطلاقها في هذا التوقيت الحرج فلا مانع من أن يستغني عنها كافة المثقفين والنقابات بكل المحافظات لكي يتم تعضيدها لتأخذ مساحة وشرعية ويتم تفعيلها من خلالهم في صورة ندوات ومؤتمرات وحوارات بين المثقفين وفئات الشعب المختلفة كل في محافظته.