التنوع يعني التعدد بالاختلاف, والاختلاف قد يكون عرقيا, شكليا, مزاجيا, أو دينيا. والتنوع من أساسيات التمييز بين البشر والذي بدوره يقودنا إلي مصطلح العنصرية والتي أتمني أن يفهمها الناس من جانبها الإيجابي وليس السلبي, فأحيانا قد يتبادر إلي ذهن الأغلبية من الناس إلي أن العنصرية تعني أن شعبا ما يعتبر نفسه أكثر تحسنا وتميزا من الشعب الآخر, وهذا هو المفهوم السلبي للعنصرية, أو كما كنا نقرأ في صفحات الكتب القديمة والمجلات عن أصحاب الدماء الزرقاء, رغم أن لون الدم واحد ومعروف وهو اللون الأحمر.. فمثلا لو كنت في رحلة إلي إحدي البلاد الأوربية وهناك تعرضت لإصابة في حادثة سير ما مثلا وتم نقلي إلي المستشفي, فإذا كانت هناك الحاجة إلي إجراء عملية نقل دم اضطراري فلن يسأل عن لون دمي بل الفئة التي أحملها ما نوعها والذي يحمل الأسود والأبيض في آن واحد.
الشعب المصري ورغم ضغوطات الحياة المعيشية الصعبة أجد نفسي أمام شعب عظيم وطيب ومتسامح وجدير بالاحترام. والدليل علي حب هذا الشعب العظيم للمسامحة هو أنه إذا ما أخطأ أحدهم في حقك وأحس بخطئه سرعان ما تجده وراءك طالبا منك السماح والعفو. وما أجمل السماح بين الناس والذي بدوره يقضي علي مرارات الكراهية والحقد والبغضاء. ورغم اختلاف الأديان لدي المصريين تجدهم يحملون نفس الوجه ذي الملامح الواحدة فمهما حاولت أن تفرق بين المسيحي والمسلم لا تقدر إلا من خلال التمعن الشديد. المشكلة فقط تكمن في أن هناك قطاعا عريضا من هذا الشعب العظيم يجهل معرفة أبسط الأمور لدي بعض من الشعوب التي من حوله ربما سبب ذلك عدم وجود نوع من الاتصال بين تلك الشعوب مع الشعب المصري أو العكس سواء عبر وسائل الإعلام أو وسائل أخري.
إن العلاقات السودانية – المصرية قديمة, ضاربة في القدم وذلك منذ أيام الحضارة الفرعونية مرورآ بكل العصور حتي عصر الاستعمار التركي – المصري في 1820م إلي الاستعمار الإنجليزي – المصري في 1889م حتي إعلان استقلال السودان في 1956م. وأيام العهد التركي – المصري في جنوب السودان سميت بعد المناطق بأسماء مثل الإسماعيلية والذي أطلق علي منطقة غندكورو والتوفيقية والتي تقع بالقرب من نهر السوباط حيث منتهي قناة جونجلي.
النظام المجتمعي في جنوب السودان قائم علي الأساس القبلي فهنالك أكثر من 63 قبيلة ولكل قبيلة لغتها الخاصة وبعض تلك اللغات تكتب بالحروف اللاتينية وقد شجع في ذلك البعثات التبشيرية المسيحية التي دخلت جنوب السودان في بدايات القرن الماضي, ويغلب علي سكان جنوب السودان الطابع الريفي, والاقتصاد البسيط.
هذه المنطقة قد تأثرت سلبيا بالحرب الأهلية السودانية في جنوب السودان منذ الاستقلال في عام 1956م, مما أدي إلي إهمال المنطقة وعدم تطوير البنية التحتية, وتدمير وتشريد السكان أكثر من 2 مليوني شخص قد لقوا حتفهم, وأكثر من 4 ملايين من المشردين داخليا أو أصبحوا لاجئين نتيجة للحرب الأهلية وبسبب التأثيرات ذات الصلة بالحرب. وضرب المنطقة المجاعة قتل مئات الألوف من البشر.
الزيارة الأخيرة التي قام بها الفريق أول سلفاكير ميارديت, رئيس حكومة جنوب السودان إلي القاهرة بدعوة من الرئيس محمد حسني مبارك, كانت لها تأثيرها الإيجابي وكان من نتائجها تشجيع وفتح باب الاستثمار المصري في جنوب السودان.