لأهمية موضوع غياب الحوار الاسرى فى البيت المصرى إلتقت “وطنى” العديد من الأسر لمعرفة أرائهم، حيث أكدت الأسر التى تتخذ من الحوار أسلوبا فى معايشتها مع بعضها البعض على أن الحوار له أهمية كبيرة حيث يقوى الروابط بين الآباء والابناء على أساس من الحب والتقدير والاحترام المتبادل، ويساعد على تحقيق التفاهم بين أفراد الأسرة الواحدة، ويخلق المناخ المناسب لمشاركة الابناء فى اتخاذ القرارات وبالتالى تحمل أعباء هذه القرارات، كما أن الحواريعد من أفضل الوسائل التى تصل الى الاقناع وتغيير الاتجاه وتعديل السلوك دون الاحتياج لأسلوب الضغط او القمع، هذا الى جانب أنه يساعد أفراد الاسرة على تقبل النقد وآراء الآخرين حتى لو كانت مختلفة ، كما يعزز ويقوى مفهوم العطاء والتعاون وبالتالى يقلل من الانانية بين أفراد الاسرة .
وفى المقابل ذكرت بعض الأسر الاخرى التى يحتجب الحديث والحوار فيها على أن الحوار يعد نوع من الرفاهية فى ظل انشغال الزوجين فى البحث عن الرزق لتحسين ظروف معيشتهم وتحقيق طلبات الابناء التى لا تنتهى، وهذا الانشغال يتبعه تعب وإرهاق كلا الابوين الى الدرجة التى تجعل من الحوار مع
أبناءهم عبء عليهم لا يستطيعون تحمله ، وخاصة فى ظل كثرة الأعباء المالية وقلة الإمكانيات المادية، وبالتالى ينصب الحوار الاسرى على جانب واحد هو قائمة من الطلبات التى لا تنتهى ومن ثم لا تنفذ، مما يولد لدى الابناء شعور بالاحباط وبتقصير الاباء نحوهم وبمرور الايام تحدث فجوة بين افراد الاسرة يعقبها تفضيل للصمت على الحديث عن رغبات وأحلام لا تتحقق، هذا الى جانب كثرة المشاكل والخلافات بين الزوجين بسبب الاختلاف على مجالات الانفاق والمصروفات المالية فى الأسرة مما يولد نوعا من التوتر وعدم الاستقرار الذى يؤدى ايضاً الى تفضيل الصمت عن الشجار وليس الحوار .
وبسؤال د.ميشيل حليم أستاذ علم الاجتماع بكلية الاداب جامعة حلوان عن مفهوم الحوار الاسرى ؟ وكيف يكون الحوار ايجابياً بين افراد الاسرة أجاب قائلاً : إن الحوار الاسرى كلمة تتردد الان كثيراً والمصطلح يعنى ببساطة تبادل أطراف الحديث والمناقشة بين أفراد الأسرة الواحدة فيما يتعلق بشئونهم وهمومهم وأهدافهم ورغباتهم والعقبات التى يواجهونها من أجل الوصول الى حلول لها وذلك عن طريق تبادل الاراء والافكار مما يخلق هذا جو من المحبة والتواصل بينهم .
وأكد دكتور ميشيل حليم أن الحوار بين أفراد الاسرة له فوائد كثيرة منها تعميق المعرفة والمساعدة على حل المشكلات الطارئة فى مهدها قبل استفحالها، والشعور بالأمان والرضا والصدق والاستقرار بين أفراد الاسرة، كما أنه يساعد على تنمية شخصية الأبناء منذ الصغر واكتشاف مواهبهم وتنميتها، وغرس القيم والسلوكيات الصحيحه فى نفوسهم، وتنمية الثقة والشجاعة الادبية لدى الأبناء وحمايتهم من الانحراف.
وأوضح أستاذ علم الاجتماع بكلية الاداب جامعة حلوان أن الحوار الاسرى يجب
أن يكون حواراً ايجابياً وليس حوارا تسلطيا أو قمعيا، ولكى يكون الحوار مفيداً يجب أن يكون الفرد مهيئا .. نفسياً وعقلياً لإجراء الحوار، وأن يتسم بالتواضع ويتقبل آراء الاخرين مهما كان يختلف معها، وكذلك أن يكون الحوار موضوعيا بعيداً عن الجدل العقيم، وأن يتميز بالصدق والأمانة والهدوء، وطالب د. ميشيل أن يتعلم كل فرد من أفراد الاسرة متى ينصت ؟ ومتى يتكلم ؟ وعند الكلام يجب ان يبدأ بنقاط الاتفاق مع مراعاة مشاعر الآخر والثناء عليه لكسب ثقته واحترامه ولبناء جسر من التفاهم يجعل الحوار مستمر بصورة ايجابية، أما البدء بنقاط الخلاف فهذا من شأنه ان ينسف الحوار فى مهده .
أضاف دكتور ميشيل حليم أن القاعدة الذهبية لبناء حوار ناجح هى عدم اعلان الغضب او الضيق من الشخص الذى نتحاور معه، أو التسفيه من آراءه بدعوة أننا نعلم كل شئ عن بواطن الأمور بسبب عمق خبرتنا فى الحياة، لأن هذا يجعل الاخر يتهكم أيضاً على الرأى الآخر حتى لو كان صحيحا، كما أن الاعتراف بالخطأ فى حالة تأكد الشخص منه – حتى لو كان هذا الشخص هو رب الاسرة – يرسخ فى نفوس أبنائه فكرة تحمل مسئولية تصرفاتهم وأن الاعتراف بالخطأ شجاعة يجب أن يتمتع بها الكبير والصغير على حد سواء، هذا الى جانب عدم تضخيم اخطاء الآخرين والتقليل من شأن أخطاءنا لان هذا يعطى انطباع للطرف الاخر بعدم الموضوعية اوالمصداقية وكل هذا من شأنه أن يغرق سفينة الحوار فى بحر من الجدل العقيم .