من مفاعيل الروح القدس تكريس النفس وتقديسها لله وتخصيصها له,وهو ما يعبر عنه في الكتاب المقدس بـتقديس الروحتسالونيكي الثانية 2:13,بطرس الأولي1:2.وإذا تكرست النفس لله بالروح القدس فلا تحيا لشهوات الناس بل لإرادة اللهبطرس الأولي4:2ويقول ماربولس الرسول أما تعلمون أنكم هيكل الله, وأن روح الله مستقر فيكم,من يفسد هيكل الله يفسده الله, لأن هيكل الله مقدس وهو أنتمكورنثوس الأولي 3:16.أما تعلمون أن أجسادكم هي هيكل الروح القدس الذي فيكم الذي نلتموه من الله وأنكم لستم لأنفسكم..فمجدوا الله في أجسادكم وفي أرواحكم التي هي لله كورنثوس الأولي6:20,19. ويقول أيضاولكنكم قد اغتسلتم بل تقدستم بل تبررتم باسم الرب يسوع وبروح إلهناكورنثوس الأولي6:11.انظر أيضا أفسس5:26, كورنثوس الثانية5:15, أعمال 2:26,32:18. ومن مفاعيل الروح القدس أنه يصير الذين ينالونه ملوكا وكهنة وأنبياءملوكا رومية5:17:21 انظر أيضا رومية6:12 علي أجسادهم فيسيطرون علي ميولها وشهواتها بروح القوة إشعياء11:2. قارن الخروج19:6, عدد16:20,3-35 مع بطرس الأولي2:9,5, الرؤيا1:6, 5:10. وكهنة يقدمون أنفسهم وأجسادهم لله ذبيحة مقدسة مرضية عند اللهرومية12:1,بطرس الأولي 2:5,انظر أيضارومية6:19,16,13كورنثوس الأولي6:20,13.ويقدمون عن أنفسهم صلوات وأصواما وصدقات وذبائح التسبيحعبرانيين13:15.انظر أيضا مزمور49:23,14, 106:22, 115:17, هوشع14:2. ثم ذبائح الخير والرحمة والعطاء والتوزيع عبرانيين13:16,كورنثوس الثانية9:13,12,أفسس4:28.رو12:13,فيلبي4:18.وذلك بروح التقوي ومخافة الربإشعياء 11:2. قارنالخروج19:6,عدد 16:20,3-35مع بطرس الأولي 2:9,5,الرؤيا 1:5,6:10,ثم أنبياءلأن الروح القدس يهبهم روح النبوة والحكمة والفهم والمشورة والمعرفة.
يقول القديس أمبروسيوسإن كل مومن يمسح كاهنا وملكا, غير أنه لايصير ملكا حقيقيا ولا كاهنا حقيقيا,بل ملكا روحيا وكاهنا روحيا يقرب لله ذبائح روحية وتقدمات الشكر والتسبيح. في الكهنوت ,جزء4.
ويقول القديس يوحنا ذهبي الفم347-407م:إن الذين كانوا يمسحون في العهد القديم هم إما كهنة وإما أنبياء وإما ملوك, أما نحن المسيحيين أصحاب العهد الجديد,فيجب أن نمسح لكي نصير ملوكا متسلطين علي شهواتنا,وكهنة ذابحين أجسادنا ومقدمين إياها ذبيحة حية مقدسة مرضية عبادتنا العقلية, وأنبياء لاطلاعنا علي أسرار عظيمة جدا وهامة للغاية.
***
ومن مفاعيل الروح القدس أيضا النمو في الحياة الروحية. وكما أن الولادة الجسدية شيء والنمو في الحياة شيء آخر, كذلك فعل المعمودية في الحياة الروحية,غير فعل مسحة الروح القدس.
وكما أنه لايكفي للمولود أن يولد, وإنما تلزمه قوة تكفل له النمو إلي أن يبلغ إلي ملء قامة الإنسان الكامل كذلك الحال في الحياة الروحية, فالمعمودية تعطي لمن ينالها امتياز الولادة الثانية, ولكن المولود يمكن أن يظل علي الصورة التي ولد عليها ما لم يزود بسر النمو.وسر النمو هو سر المسحة بالروح القدس, أو التثبيت الذي يكفل لمن ناله أن ينمو ويتقوي بالروح إلي الإنسان الكامل,إلي قياس قامة ملء المسيح, فننمو في كل شيء إلي ذاك الذي هو الرأس المسيح. أفسس4:13-15.
فإذا كنا بالمعمودية نتطهر ونخلص من الخطيئة وننجو من حكم الموت,فبمسحة الروح القدس نتقوي ونثبت في البرارة ونتوطد في الحياة الجديدة. وإذا كنا بالمعمودية ننال الميلاد الثاني,فبمسحة الروح القدس ننال سر النمو الروحي الذي يكفل لنا البلوغ إلي النضوج في الإنسان الباطن والوصول إلي الكمال الروحاني متي5:48, لو6:36,كولوسي1:28, 4:12 يعقوب1:4, بطرس الأولي1:16,15.
ولما كان في النمو تغير,وفي التغير تجديد ,صار التجديد من أعمال الروح القدس في سر المسحة بالروح القدس.ولذلك قال القديس بولسخلصنا بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس الذي أفاضه علينا بكثرةتيطس3:6,5.وتجديد الروح القدس عمل دائم في حياة المعمدين الذين نالوا سر مسحة الروح القدس,عمل متواصل لايقف, ومن أجل استمراره دائما يطلب المصلي في صلاة الساعة الثالثة من النهار, وهي الساعة التي حل فيها الروح القدس علي التلاميذ الأطهار مثل ألسنة من نار قائلا:روحك القدوس يارب الذي أرسلته علي تلاميذك القديسين ورسلك المكرمين في الساعة الثالثة, هذا لاتنزعه منا أيها الصالح,لكن جدده في أحشائنا, قلبا نقيا, أخلق في يا الله, وروحا مستقيما جدد في أحشائي.قال مخلصنامن آمن بي كما قال الكتاب ستجري من باطنه أنهار ماء حي. وإنما قال هذا عن الروح الذي كان المؤمنون به عتيدين أن ينالوهيوحنا7:39,38.ومن مفاعيل سر مسحة الروح القدس أنه يبكتنا علي خطايانا كلما أسأنا إلي الله وإلي الآخرين.
يقول السيد المسيح: ومتي جاء هذا=الروح القدسفسيبكت العالم علي الخطيئة يوحنا16:8.وحقا إن الروح القدس يعمل عمل التبكيت قبل التوبة,وقبل الإيمان بالمسيح وقبل المعمودية ,وبذلك يقود الإنسان إلي الإيمان, كما بكت اليهود في يوم الخمسينوخزتهم قلوبهم وقالوا لبطرس ولسائر الرسل ماذا علينا أن نعمل أيها الرجال الإخوة؟أعمال الرسل2:37ونخس أيضا حافظ السجن الذي كان فيه بولس وسيلا فقال:يا سيدي ماذا ينبغي أن أفعل لكي أخلصأعمال 16:30ولذلك يقول الرسول بولس في إحدي رسائله وليس أحد يقدر أن يقول :يسوع رب إلا بالروح القدس.1كورنثوس12:3لكن للروح القدس في سر مسحة الروح القدس عمل التبكيت أيضا علي الخطايا التي نقع فيها بعد المعمودية المقدسة إنه يلومنا عليها .1يوحنا3:21,20. .1كورنثوس4:4 فنندم .2كورنثوس7:8 علي أننا أسأنا إلي الله أو إلي أنفسنا أو إلي إخوتنا الذين مات المسيح من أجلهم أو لأننا أعثرناهم أو أعثرنا غير المؤمنين أيضا.وهذا التبكيت هو الذي يقودنا إلي الحزن النافع.2كورنثوس7:9-11لنا ثم إلي التوبة وهو بالنسبة للمؤمنين المعمدين بمثابة معمودية ثانية.
ومن مفاعيل سر مسحة الروح القدس أيضا أنه يعزينا بالتعزيات الروحية,فيغذي أرواحنا بالخصوبة الروحية فنشعر بالانتعاش والفرح والسلام والطمأنينة التامة.وأما ثمر الروح فهو محبة فرح سلامغلاطية5:22.
قال السيد المسيح له المجد:وسأطلب إلي الآب فيعطيكم معزيا آخر ليقيم معكم إلي الأبديوحنا14:16والمعزي الآخر هو روح القدس الذي وعد تلاميذه بإرساله إليهم من الآب بعد انطلاقه هو إلي السماء وقد بر بوعده إذ بعد صعوده إلي السماء بعشرة أيام أرسله إليهم فحل عليهم في هيئة ألسنة من نار منقسمة وحلت علي كل واحد منهمأعمال الرسل2:1-4وإلي هذا المعزي أشار مخلصنا مرة أخري من نفس الأصحاح موضحا حقيقته وأنه هو الروح القدسحتي إذا جاء المعزي وهو الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي فسيعلمكم كل شيءيو14:26وفي الأصحاح التاليومتي جاء المعزي الذي سأرسله أنا إليكم من عند أبييوحنا15:26وفي الأصحاح الذي يليه إنه خير لكم أن أنطلق ,لأنه إن لم أنطلق ,لا يأتيكم المعزييوحنا16:7.
ومن أساليب العزاء من جانب الروح القدس معاضدته للمؤمنين ومساندته لهم وأما الكنيسة في كل اليهودية والجليل والسامرة فكانت في سلام وكانت تبني وتسلك في خشية الرب,وتزداد من تعزية الروح القدسأعمال9:31.
ويتصل بهذا المعني أن الروح القدس يشفع فينا بمعني أنه يحرك مشاعرنا الروحية,ويلهب قلوبنا بالمحبة الإلهية ,ويثير فينا حاجتنا إلي الصلاة,بل ويلهمنا أيضا ما نصلي من أجله,فهو إذن يشفع فينا لأننا من دونه ما كنا لنصلي أو حتي نشعر بحاجتنا إلي الصلاة ,ولا نعرف أن نصلي كما ينبغي سواء من أجل نفوسنا أو من أجل الآخرين.
قال الكتاب المقدس:وكذلك الروح أيضا يعين ضعفاتنا,فإننا لانعلم ما نصلي لأجله كما ينبغي,ولكن الروح نفسه يشفع فينا بأنات لاينطق بها,والذي يفحص القلوب يعلم ما هو اهتمام الروح لأنه بحسب مشيئة الله يشفع في القديسينرومية8:27,26انظر أيضارومية8:15,غلاطية4:6.