كالعادة شهد افتتاح المهرجان أخطاء وسوء في التنظيم لعل أبرزها حالة الارتجال في فقرة التكريسات والتي تسببت في الملل لدي الحضور وجعلتهم يتركون القاعة قبل تكريم وزير الثقافة الإسباني,وكذلك الممثلين الإسبان الذين صعدوا علي المسرح دون التعريف بهم أو تقديمهم بشكل لائق!! ولولاإداركفاروق حسني وزير الثقافة لهذه السقطةوتصرفه الذكي والسريع بعد أن طالب من الحضور الانتظار والاستماع إلي الوزير الإسباني.لحدثت مشكلة كبيرة خاصة أن إسبانيا هي ضيف شرف المهرجان.
بعد انتهاء الحفلة بدأ عرض فيلم الافتتاح الإسباني عودة إلي حنصلة,حيث أصبحت قاعات الأوبرا خالية إلا من قلة صغيرة وظهر الأمر وكأن المشاركين لا يهتمون بمشاهدة الأفلام؟!
جاء اختيار فيلم الافتتاح موفقا لتشابه مضمونه مع الواقع المصري,حيث يطرح الفيلم مشكلة هجرة الشباب العشوائية من المغرب إلي إسبانيا وتعرضهم للغرق في البحر,يسجل الفيلم معاناة شابة تدعيليليفي استعادة جثة شقيقهارشيد-الذي غرق في محاولة هروبه إلي إسبانيا-إلي قريته-حنصلة(من أفقر قري المغرب) لكي يدفن حسب الشريعة الإسلامية, مما يكلفها الكثير من المال للسمسار الإسباني الذي يعمل في هذا المجال.ومن أكثر مشاهد الفيلم جرأة المشهد الذي يتم فيه عرض ثياب الشباب الغارقون بالأسواق لكي يتعرف عليها أقاربهم!
المهرجان شارك فيه أكثر من150 فيلما من 52دولة,واهتمت هذه الدورة بتقديم قسم بعنوان نافذة علي السينما الأفريقيةعرض فيه6 أفلام وهيسوف تمطر السما فوق كوناكريمن غينيا.
وفيلم وجوة متغيرةأيضا من غينيا وفيلموجوه متغيرةأيضا من غينيا ومن جنوب أفريقيا تم عرض فيلمي(النصر)وزيمبابوي ومن مالاوي فيلم مواسع الحياة ومن موزمبيق فيلم أرض السائرون نياما.
عقدت علي هامش المهرجان ندوة بعنوانالسينما الأفريقية…دعوة لفك العزلة.
أكد المتحدثون فيها أن معوقات اللغات واللهجات بأفريقيا وسيطرت الفيلم الأمريكي علي الأسواق من أهم أسباب الجهل بالسينما الأفريقية.
افتتحت الندوة بفيلممواسع الحياةمن مالاوي إخراج شيموجويا ويدور حولسونجستا التي تعمل خادمة عند ثري تحمل منه سفاحا وترفض الإجهاض ثم تلتحق بالجامعة لتصبح محامية مرقومة وتدخل في صراع ضد سيدها الثري الذي أراد أن يضم ابنه منها.
وبمناسبة مرور60 عاما علي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عرض المهرجان قسم خاص للأفلام التي اهتمت بقضايا الإنسان.
وفي السطور التالية نستعرض بعض الأفلام المهمة بهذه الدورة
يوم ما تقابلنا
كانت إدارة المهرجان في موقف لا تحسد عليه وهي تبحث عن أي فيلم يصلح لتمثيل مصر بالمسابقة الدولية وبعد رحلة بحث شاقة أعلنت عن وجود فيلميوم ما تقابلنا للمخرج إسماعيل مراد عن قصة لتغريد العصفوري وسيناريو وحوار زينب عزيز.وهو فيلم علي المستوي الفني لا يصلح للاشتراك في مهرجان دولي,وذلك لأخطاء كثيرة بـ الديكورات,-متابعة المشاهد حسب توقيت الزمن والمكان بالسيناريو-فمثلا هناك مشهد بالفيلم نعرف منه أن التوقيت هو الثانية ظهرا في حين نفاجأ بالظلام الدامس يخيم علي المشهد!كما أن الإنتاج بالفيلم ضعيف.إلا أن مضمون الفيلم يمثل حالة إنسانية شديدة العذوبة والجمال,تدور الأحداث حول الممثل يوسف-محمود حميدة-الذي يذهب لأداء أحد المشاهد بالحي الذي نشأ فيه,وهناك يعود إلي ذكرياته الجميلة في فترة الطفولة حيث كان يحب الطفلة زينب والتي أصبحت الآن أم ترعي ابن زوجها وأولادها بحب-تألقت في دورها لبلبة-والتي يصادف أن يسقط تي شيرتابن زوجها وهي تنشره إلي الشارع وعندما تنزل لإحضاره تنسي مفتاح الشقة,وتفشل كل محاولتها للعودة إلي شقتها,فتقرر الذهاب إلي جارتها في العمارة المجاورة وهي سيدة عجوزة-أبدعت في دورها أنعام سالوسة-تعيش مع خادمة صغيرة.بعد أن هاجر ولديهانصيف وعدليإلي أمريكا ويحسب للفيلم أنه قدم هذه السيدة القبطية وأجواء الوحدة الوطنية بشكل مصري حميم افتقدناه كثيرا ودون تشنج أو مبالغة ولكن بمعايشة وصدق إنساني رائع.وفي شقة هذه السيدة المسكينة يلتقيا يوسف وزينب…وعندما تقرر السيدة أن تزور شقيقتها في دار المسنين يصطحبها في سيارة يوسف وفي دار المسنين يكتشفان وفاة الأخت منذ 6سنوات…
الفيلم ملئ بالمشاعر الإنسانية أضفت عليه الموسيقي بحالة من الشجن البديع,وكذلك الأغاني الدرامية التي تجاهل تيتر الفيلم اسم المطربة التي قامت بأدائها.
خلطة فوزية
ارتبطت العشوائيات في أذهاننا بالمآسي التي استخدمتها السينما كبيئة غنية للميلودراما,وأقرب مثال علي ذلك فيلمحين ميسرةللمخرج خالد يوسف الذي قدم وجبة دموع سوداء لكل مشكلات العشوائيات لكن الكاتبة المتميزة هناء عطية صنعت عالم مدهش للعشوائيات في فيلمها الرائعخلطة فوزيةفقد رأت التواجد بتلك الأماكن نوعا من انتصار إرادة الحياة رغم كل المضايقات,ولذا اختارت نموذجا دراميا غريبا هو شخصيةفوزية-قامت بدورها الفتاة إلهام شاهين-التي تطلب الزواج من كل من يعجبها,وعندما تكتشف عيوبه تطلب الطلاق بعد أن تكون قد أنجبت منه.
يحدث هذا 4مرات والعجيب أن الأزواج الأربعة يتحولون لأصدقاء لها يطرقون بابها كل خميس يحملون الأكل والهدايا لأبنائهم في ود ومرح.هو فيلم يصعب أن يحكي لأن سخريته ساحرة والشجن ساكن في كل مشهد,ولكن نحاول أن نقتنص بعض خيوطه.فعندما يريد أحد أزواج فوزية السابقين عزت أبو عوف الزواج من صديقتها-غادة عبد الرازق-ترحب بذلك ويساعده الجميع ولكن رصاصة طائشة في حفل الزواج ترديه قتيلا وأثناء العودة من الدفن تعجب فوزية بسائق السيارة-فتحي عبد الوهاب-وتطلب منه الزواج رغم أن دموعها لم تكن قد جفت بعد,إلا أن حب الحياة عندها أقوي من أي شئ…ونظرا لسيطرة فوزية بروحها الجميلة العاشقة للحياة علي أجواء الفيلم غلفت مشكلات العشوائيات بطعم البهجة فلا يشعر المشاهد بقسوة وجودحمام واحدلكل أهالي المنطقة!ولكن روح فوزية الوهاجة تصاب بعطب عندما يموت ابنها البكر-يوسف عثمان -إثر حادث سيارة ولكن تعاون أزواجها في بناء حمام خاص بها يعيد روح الحياة لها؟!..قاد مخرج الروائع مجدي حامد علي فريق العمل من الممثلين في سيمفونية بديعة,أخرجت أجمل ما عندهم فتجب الإشادة بلطفي لبيب وحجاج عبد العظيم ونجوي فؤاء بل وبالمشهدين اللذين شاركت بهما هالة صدقي,فقد ظهرت لثواني علي الشاشة ولكنها صنعت بصمة لاتنسي في دور الأخت الطيبة التي تعمل كممرضة في مستشفي المجانين.
الحب علي الطريقة الهندية
فيلم سويسري..ظريف حصل علي جائزة الإبداع الفني ويستحقها عن جدارة الفيلم,يدور في إطار كوميدي لقصة حب طباخ هندي لعاملة في مطعم سويسري حيث ينتصر صوت حبه الفوضوي.علي صوت حب خطيبها السويسري المنظم الدقيق والذي يحسب كل شئ..وقد أبدع المخرج في تصوير مبتكرات الأطعمة التي كان يشكلها الطباخ الهندي,وكأنها لوحات فنان تشكيلي ماهر.
حرب الشاي
فيلم ياباني متميز استغل أسطورة صينية قديمة حول طريقة شرب الشاي وأنواعه المختلفة لكي يقدم معاناة إنسان جبان أهمل عمله وابنته لأنه يظن أنه واقع هو وأسرته تحت لعنة الشاي الذي كانت تتاجر فيه أسرته وخسرت كل شئ وكل مشكلة يتعرض لها يرجعها إلي هذه اللعنة,لذلك تقرر ابنته أن تخرجه من أوهامه فتسافر إلي تايلاند.وتقترب من عالم السوق السوداء للشاي وتخوض مغامرات كثيرة حتي تستطيع أن تثبت لولدها أن لعنة الشاي وهم كبير صنعه من خياله فيعود إلي عمله كبائع شاي!وقد اقتنع أن الإنسان يصنع داخل ذاته…أوهام ومخاوف..أو أسرار للقوة…
بصمة ملاك
حصل الفيلم الفرنسيبصمة ملاكعلي جائزة أحسن عمل أول -جائزة نجيب محفوظ-قصة الفيلم قد يرأها الكثيرون غير منطقية كأنه فيلم عربي -علي رأي مشاهدة-أو هندي !فالأحداث تدور حول أم احترقت مستشفي الولادة التي وضعت طفلتها بها بعد خمسة أيام من ولادتها,وتم دفن الطفلة…ولكن بعد مرور6سنوات تنتقل الأم للعيش في باريس إلي جوار أسرة صغيرة تتكون من زوج وزوجته ولديهم ولد وبنت,وبمجرد أن تري الأم التي فقدت ابنتها الطفلة حتي تعلن أنها ابنتها وتظل تطارد تلك الأسرة بكل الأشكال,وهي تلح علي الزوجة أن تجري تحليل الـD.N.A للطفلة في حين أن الجميع يتهمها بالجنون.ولكن الذي يحدث أن ضمير الزوجة يستيقظ بعد صراع مرير مع النفس حيث كانت بالفعل في نفس المستشفي واستبدلت طفلتها التي اختنقت من الحريق بتلك الطفلة التي كانت والدتها في غيبوية,وقد يري البعض أن القصة غير منطقية.ولكن الأداء الرائع لأبطال الفيلم جعله مباراة فنية رائعة لصيد المشاعر الإنسانية الراقية حتي لو انتصرتالأمالتي كانت ضد الجميع.
بصرة
فيلم بصرة سيناريو وإخراج أحمد رشوان والحاصل علي جائزة أحسن سيناريو بالاشتراك مع الفيلم الفلسطينيعيد ميلاد ليليللمخرج رشيد مشهراوي.
كان يستحق أن يمثل مصر في المسابقة الدولية بديلا لفيلميوما ما تقابلنا.نظرا لجودته الفنية العالية علي الرغم من أنه الفيلم الأول لمخرجة الفيلم.ينتمي إلي الأفلام الذاتية من خلال استعراض علاقة 3أصدقاء:وهم مصور صحفي ,مخرج إعلان وعامل في السياحة,وتأثير الحرب علي العراق وعليهم ,امتاز الفيلم بالدراما الإنسانية ولكن إقحام صوت القومية العربية والربط بين كلمةبصرةذات الدلالة المصرية…عندما تقع أفعال متشابهة دون قصد فتترد كلمةبصرةمع سقوطالبصرةفي العراق أضعف ما في الفيلم.
أما فيعيد ميلاد ليلي فيجسد معاناة أب في رحلته داخل فلسطين لكي يقيم حفلة عيد ميلاد ابنته وتعرضه للاحتجاز والتهديد…معاناة شاقة ولكنه يصل بالفعل وينتصر لطفلته,أي للمستقبل.
Em:[email protected]