تعيش مدينة أبوقرقاص حالة من التوتر الطائفى تدفع للعديد من المخاوف حول عودة أحداث العنف الطائفى إثر وقوع أحداث عنف الثلاثاء الماضى أسفرت عن مقتل مسلمين ووقوع إصابات من الجانبين وحرق أكثر من ست منازل وعدد من المحال التجارية والسيارات يملكهم أقباط، وعلى أثرها قامت قوات الشرطة والجيش بفرض حظر التجول بالمدينة منذ الساعة السابعة فى ظل حالة التوترات الطائفية، كما ألقت القبض على عدد من المشتبه فيهم من الطرفين ومازالت النيابة تباشر التحقيق فى مقتل المسلمان والخسائر التى وقعت فى ممتلكات ومنشآت الأقباط واستخدام الأسلحة النارية، وتم القبض على 15 قبطى، وثمانية مسلمين وتم تحويلهم لمحاكمة عسكرية.
مطب صناعى
بدأت الأحداث المؤسفة مساء يوم الاثنين الماضى عندما نشبت مشاجرة بين بعض المسلمين وغفر فيلا اللواء علاء رضا رشدى المحامى، بسبب مطب صناعى أمام الفيلا عندما طلب المسلمين إزالة المطب الصناعى الذى تسبب فى أحداث تلفيات فى سيارتهم الميكروباص، وعلى أثر هذه الاشتباكات بين الطرفين الذى أطلق فيها غفر المحامى أعيرة نارية فى الهواء، وبعدها قام مسلمو القرية بتدمير كافتير يا سياحية يملكها علاء رضا ونهبها وحرقها، وإصابة العامل بها ويدعى ملاك ميشيل وحرق كافتيريا أخرى يملكها نفس الشخص بمدينة الفكرية، وأثناء تلك الأحداث وقعت اشتباكات بين المسلمين والأقباط سقط خلالها مسلمان متأثران بإصابتهما بأعيرة نارية، وهما معبد أبو زيد (38 سنة)، وعلى عبد القادر على ( 40 عاما )، وأصيب اثنان آخران تم نقلهما لمستشفى المنيا العام، وعلى الفور انتقلت قوات من الشرطة للمدينة لإحكام السيطرة على الأوضاع بعد تجمهر المئات من المسلمين لمهاجمة أقباط المدينة ودوت طلقات الأسلحة النارية بالمدينة حتى استقرت الأوضاع لتعود للاندلاع مرة أخرى الثلاثاء عقب تشييع جنازة المسلمين، حيث احتشد الآلاف من المسلمين وتضامن معهم مسلمو قرية الفكرية، وبعض القرى المجاورة إثر دعوة للانتقام، وبدأ مسلسل مهاجمة منازل ومتاجر الأقباط فى وجود الشرطة والجيش اللذان لم يتمكنا من السيطرة على الأوضاع، حيث بدأ الهجوم على منازل الأقباط بمنطقة أبو قرقاص البلد، وهم أقلية قبطية تتوسط منازل المسلمين بجوار الجمعية الشرعية، حيث تم نهب وحرق ستة منازل قبطية وسرقة ماشيتها وإصابة بعض سكانها.
العقاب الجماعى
استمرت الأحداث حتى مساء يوم الثلاثاء وقام خلالها مسلمو المدينة بمهاجمة عدد من محال ومتاجر الأقباط ونهب مصنع للبلاستيك، ومخازن للأسمنت والحديد وسرقة الماشية، وانتقلت أعمال العنف إلى قرية مدينة الفكرية بأبوقرقاص، حيث تم حرق بعض المحال يملكها أقباط وبعض السيارات، حيث تم حرق أكثر من ستة منازل بقرية أبوقرقاص البلد، ومنها المنازل التى نهبت، وحرقت منازل كل من فانوس رضا إبراهيم، وعيد رضا إبراهيم، وعادل إسطاورى صالح، وعبد الله ميخائيل الذعيرى، وصفوت كامل حبيب، ومجدى كامل وعدلى عبد الله، وصلاح وإبراهيم الزعيرى، وممدوح خير البار، وعقب وقوع هذه الأحداث المؤسفة كثفت قوات الجيش من تواجدها أمما الكنائس بالمدينة لمنع الاقتراب إليها، وقاموا بفرض حظر التجول بالمدينة من السابعة، ومصادرة عدد من الأسلحة، وألقت القبض على 15 قبطى وأربعة مسلمين وتحويلهم للنيابة.
قال أحد أقباط مدنية الفكرية إن مدينة الفكرية تبعد 2كم عن أبوقرقاص البلد التى تفجرت فيها بديات الأزمة، ورى تفاصيل الأحداث بأن حدثت مشكلة بين عائلتين مسلميتين قبل حادث المطب الصناعى، وأثناء الاشتباكات أصيب مسلم وانتقل للمستشفى ولقى حتفه بعد ذلك وتزامن مع هذا الحادث وقوع مشاجرات أمام منزل المحامى علاء رضا رشدى بسبب وجود مطب صناعى أمام المنزل تم بناؤها نظرا لسرعة السيارات، وعندما جاءت سيارة ميكروباص مسرعة اصيبت بتلفيات نتيجة المطب فحدثت مشاجرة بين سائق الميكروباص ومن معه وبين غفر فيلا علاء رضا ،وبعدها تجمع المسلمين وزادت حالة الفوضى، واضطر بعض الأقباط إطلاق أعيرة نارية فى الهواء لمنع المتجمهرين من الاقتراب من منازلهم وعند ذلك سقط قتيل مسلم نتيجة طلق نارى أشير إلى أن القبطى عبد الله الديرى أصابه عندما أطلق أعيرة نارية من أعلى منزله ضد أشخاص حاولت اقتحام منزله كما أصاب اثنين آخرين، وبدأت الأصوات تصيح فى المدينة أن الأقباط، قاموا بقتل مسلمين منهم القتيل الثانى الذى أصيب برصاص القبطى، والقتيل المسلم الأول الذى أصيب ولقى حتفه فى مشاجرة مع مسلمين وعندها نزلت قوات الجيش والشرطة مساء يوم الاثنين وفى يوم الثلاثاء أثناء تشييع جثمانى المسلمين الذى قتل أحدهم بيد قبطى، والآخر بيد مسلم، عاد المشيعون ليشنوا حملة من الاعتداءات والهجمات على منازل الأقباط بأبوقرقاص البلد وأحرقوا ستة منازل بأكملها بعد نهبها وسرقة الماشية، وهم من عائلات كبار البلد الأغنياء ومنهم تجار ماشية، كما هاجموا بعض المتاجر والمحال وأثناء هجماتهم أحدثوا إصابات ببعض الأقباط، مما أدى إلى مقتل قبطى يدعى ” عيد رشدى ” متأثرا بإصابته بعدة طعنات، وتوفى بمستشفى المنيا الجامعى.
كافتيريا تحويلها لمسجد الشهيدين
وأضاف شاهد العيان عقب هذه الهجمات التى تمت فى وجود قوات الجيش والشرطة التى لم تستطع التعامل معهم واكتفت بتأمين الكنائس، انتقلت الهجمات إلى مدينة الفكرية حيث تم مهاجمة عدد من المحال التجارية وكافتريا سياحية يملكها علاء رضا التى تم حرقها بعد نهبها وقاموا بوضع لافته على الكافتيريا مكتوب عليها “مسجد الشهدين” إشارة إلى المسلمين اللذين لقيا حتفهما، كما تم مهاجمة مخازن للأسمنت والحديد يملكها القبطى عادل صلاح ونبيل صلاح، رغم أن الاثنين يقدمان تبرعات لأى مسجد يتم بناؤه بتبرع بجزء من الحديد والأسمنت، ووصلت خسائرها إلى ما يزيد على مليون جنيه، وتم حرق محل للبويات وتدمير صيدلية الحياة واستوديو ” العريس ” بشارع الحرية وحرق سيارة لزوجة الدكتور لطفى نبيل، فضلا عن بعض متاجر أخرى مثل مقلة رفعت، وكوافير، وبلغ إجمالى ما تم حرقه ونهبه من متاجر بمدينة الفكرية إلى 10 متاجر ومحال .
وقال شاهد عيان آخر رفض ذكر اسمه إن قوات الجيش ألقت القبض على عبد الله الديرى وثلاثة من أبنائه بتهمة قتل المسلم الثانى وإصابة اثنين وتم اعتقالهم بسجن إسيوط، وألقت القبض على بعض الأقباط الآخرين ليصل عدد المقبوض عليهم من الأقباط 15 قبطى، و8 مسلمين، وأضاف أن قوات الجيش فرضت حظر تجول بالمدينة من الساعة السابعة مساءً إلى السادسة صباحا، ورغم فرض التجول فهذا لم يمنع من إحراق متجرين فجر يوم الأربعاء بالفكرية وحاول أكثر من 70 شخصا مهاجمة كنيسة الأمير تادرس، إلا أن قوات الأمن تصدت لهم، وأبدى الأقباط مخاوفهم من التهديدات المستمرة لتعرضهم لهجمات أخرى، أشيع أنها ستكون عقب صلاة الجمعة وآخرين يهددوهم ليلة عيد القيامة ووسط حالة الفزع والمخاوف لاسيما بعد ما تردد من معلومات غير مؤكدة عن دخول كميات من الأسلحة للقرية، وقامت قوات الشرطة بضبط بعضها فى حين مازال بعضها غير معلوم موقعه أدى هذا إلى هجرة بعض الأقباط من أبوقرقاص البلد إلى مدن المنيا والقاهرة وأسيوط خشية على أبنائهم بعد تدهور الأوضاع وزيادة الاحتقان وقيام أشخاص متطرفين بنشر دعوات بالقرى المحيطة للتجمع للانتقام من الأقباط .
وقال عدلى عبد الله أحد أقباط المدنية والذى حرق منزله وألقى القبض على أشقائه الثلاثة ” عادل، مجدى وعيد عبد الله، فضلا عن والدة عبد الله الزعيرى أكد أنهم ليس لهم أى علاقة بالمشاجرات التى حدثتK وما حدث أن مشاجرة وقعت بين عائلة الديرى وسائق الميكروباص أمام منزل علاء رضا والذين اتهموه بالتحريض رغم عدم وجوده بالمنزل، وعلى لأساس ذلك قاموا بتدمير كافتيريا سياحية يمتلكها وقعت مشاجرة بين الطرفين أسفر عن مقتل مسلمين، ولكن اتهموا الأقباط بقتلهما ونظرا لأن منازلنا وهى خمسة منازل تقع بجوارهما فقاموا بالهجوم علينا وحرق منازلنا وسرقة ماشيتنا أمام مسمع ومرأى قوات الشرطة والجيش، التى لم تتحرك لصدهم وقاموا بمهاجمة مصنع للبلاستك امتلكه وسرقة ما به من أموال سائلة وتدميره والتهديد بحرقه وهو ما ينذر بكارثة فى حالة حرقة قد يأتى على أكثر من 100 منزل بجواره.
وطالب علاء رضا رشدى المحامى بسرعة تدخل الجيش لحمايتهم فى ظل تجمع الآلاف من القرى المحيطة لمهاجمتهم والتهديد بالانتقام مؤكدا أن جهات التحقيق سوف تكشف عن المتورطين فى هذه الأحداث، فهناك القانون الذى يطبق على الجميع رافضا ما يحدث من مسلسل العقاب الجماعى للأقباط دون أى ذنب، وطالب الجيش بحمايتهم وحماية الكنائس لاسيما أن هذا الأسبوع يحتفل الأقباط بعيد القيامة المجيد، وهو ما ينذر بخطر. وأضاف أن الخسائر بلغت 750 ألف جنيه نتيجة تدمير كافتيريتين بالفكرية وأبوقرقاص البلد، وتم وضع لافتة على إحداهما عليه اسم ” مسجد الشهدين “، مؤكدا أنه أثناء وقوع الأحداث كان بالقاهرة لممارسة عمله فى إحدى القضايا وفوجئ بجميع الأحداث.
ويستغيث أهالى المدينة الأقباط لنجدتهم فى ظل عمليات الاعتداء التى يتعرضوا له وقام بعض المواطنين بإجراء اتصال بمديرة أمن المنيا لإنقاذهم دون جدوى لصد الغوغائية .
تكثيف أمنى
وفى ظل حالة التوتر الطائفى التى تعيشها المدينة يباشر اللواء ممدوح مقلد مدير أمن المنيا بنفسه تطور الأوضاع، وأقام بموقع ثابت داخل المدينة طوال لوقت فى محاولة لنزع فتيل الفتنة، ونبه الأمن على مواعيد حظر التجول في ميكروفونات المساجد، فيما طافت سيارات الشرطة بمكبرات صوت أيضاً كافة شوارع المركز، وتكثف قوات الأمن من تواجده على مبانى الكنائس بمركز أبوقرقاص، والتى تبلغ 13 كنيسة للطوائف الثلاث الأرثوذكسية والكاثوليكية والإنجيلية بمختلف مذاهبها، وحاول اللواء ممدوح مقلد مدير الأمن عقد جلسة تهدئة بالمدينة واللواء أحمد خميس، البحث الجنائى، والشافعى محمد واللواء صفوت شعبان، مدير إدارة الأمن، واللواء عاطف القليعى، مدير إدارة البحث الجنائى، إلا أن الأوضاع لم تسمح فى ظل حالة التوتر القائمة.
وقالت مصادر إن تم الاستعانة بالشيخ محمد حسان الذى مازال بمحافظة قنا فى محاولة لتهدئة الأوضاع وعقد صلح، ورغم تردد الأنباء عن قرب حسان إلا أن مصادر أخرى أكدت أن حسان تراجع عن المجئ دون معرفة الأسباب .
انتدبت النيابة لجاناً فنية لمعاينة وحصر التلفيات الناجمة عن أحداث العنف التى وقعت الثلاثاء فى أدى إلى حرق عشرة متاجر وستة منازل وستة مخازن ومنشآت مختلفة الاستخدامات، وحتى الآن لم تكشف جهات التحقيق عن الأعداد الحقيقة للمقبوض عليهم من الطرفين، وأعلن المستشار مصطفى عبد الكريم، المحامى العام لنيابات جنوب المنيا، أن المجلس العسكرى قرر إسناد التحقيقات فى الأحداث إلى النيابة العسكرية منذ مساء الثلاثاء، عقب سماع النيابة العامة أقوال المصابين، وأسر الضحايا ومن جانب آخر أكدت مصادر طبية عن وجود ثمانية مصابين يتلقون العلاج فى مستشفيات المنيا والجامعى .
وطالب حقوقيون فى رسالة تقدموا بها للمجلس العسكرى الخميس بضرورة تكثيف الإجراءات الأمنية للتصدى للفتنة الطائفية ومعاقبة الجناة وردع المحرضين.