أكد خبراء سياسيون أن خطاب الرئيس مبارك بشأن إعلانه عن دعوته للبرلمان بالنظر في تعديل المادتين 76, 77 ونيته في عدم الترشح لفترة رئاسية جديدة هي خطوات مهمة حتي ولو كانت متأخرة, إلا أنها تفي بعدد كبير من مطالب الأحزاب وقوي المعارضة وأصبح من الممكن الحصول علي مكاسب وإصلاحات دستورية وسياسية جديدة خلال المرحلة المقبلة.
ودعا الخبراء إلي استمرار الإصلاحات السياسية التي تم الإعلان عنها, والاستجابة لإجراء انتخابات برلمانية نزيهة تضمن تعديلات دستورية جزئية أو جذرية بشكل شفاف وجاد ونزيه يضمن إثراء العمل السياسي المصري.
تلبية المطالب
قال الدكتور مصطفي عفيفي أستاذ القانون الدستوري بجامعة طنطا إن التعديلات الدستورية التي أعلن عنها الرئيس مبارك مهمة وتلبي مطالب قطاعات واسعة من قوي المعارضة, إلا إنه من الضروري الالتفات إلي المطالب الأخري مثل تعديل المادة 88 من الدستور بشأن الإشراف القضائي علي الانتخابات لضمان إجراء انتخابات حرة نزيهة تضمن تشكيل مجلس الشعب الذي سيقوم بإجراء التعديلات الدستورية بشكل محايد ونزيه, وكذلك تعديل المادة 179 بشأن قانون مكافحة الإرهاب ضمانا للحريات والحقوق العامة.
ضرورة التغيير
من جانبه قال الدكتور مصطفي كامل السيد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن خطاب الرئيس مبارك تأخر كثيرا وأن كل المطالب التي تم الإعلان عنها كان يمكن تقديمها خلال السنوات الماضية, ولذلك زاد الاحتقان في المجتمع وتصاعدت بشكل أذهل العالم كله نظرا لإصرار الشباب علي بعض المطالب التي لم تنجح المعارضة في تقديمها بالشكل المناسب, وتجاهل الحزب الوطني الحاكم وكل أجهزة الدولة الاستجابة لهذه المطالب, حتي تفجرت ثورة الشباب, وأصبحت هذه المطالب واجبة التنفيذ وهو ما استجاب إليه الرئيس مبارك خطوة خطوة وبشكل بطئ.
نوه د. مصطفي كامل إلي أن الانتقال السلمي الآمن لابد أن يحدث في هذه الفترة من أجل طمأنة المواطنين حتي لا يتم الالتفات علي مطالب المحتجين, والإحساس بأن التغيير قادم لا محالة ولا يمكن المناورة للإبقاء في السلطة.
أشار د. كامل إلي أن قوي المعارضة لم يكن لها دور كبير فيما حدث من تظاهرات بالشكل الذي تطرحه حاليا وتطالب من خلاله بالمشاركة في جني ثمار هذه التظاهرات, لذلك من المهم أن يتم الحوار مع الشباب الذي قاد المظاهرات قبل البحث عن قوي المعارضة.
وأوضح أن المرحلة المقبلة تتطلب تعديل الدستور بشكل كامل, ووضع نظام انتخابي جديد, وتشكيل حكومة قادرة علي العبور بمصر إلي مرحلة مهمة يمكن من خلالها تعزيز الشفافية وتقديم مزيد من الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
الخروج من اللحظة الراهنة
وفي هذا الإطار قال الدكتور جمال عبدالجواد مدير مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام إن خطاب الرئيس مبارك كان مهما وقدم عددا كبيرا من المطالب التي نادت بها قوي المعارضة وشباب التظاهرات, وإنه يمكن منح النظام الحالي فرصة أخيرة لتحقيق مزيد من الإصلاحات الدستورية والسياسية لتحقيق الخروج الآمن للسلطة.
وأضاف د. عبدالجواد أن مصر تمر بمرحلة راهنة وهناك مشكلات إقليمية دولية ليست بمعزل عن الشأن المصري الداخلي, وبالتالي لابد من الخروج من اللحظة الراهنة بشكل يسمح باستمرار الإصلاح السياسي الشامل مع الحفاظ علي استقرار الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية, في ظل معاناة المجتمع من غياب الأمن الاستقرار خلال الفترة الماضية.
التعديلات الدستورية
من ناحية أخري, أكد صفوت جرجس مدير المركز المصري لحقوق الإنسان أن التعديلات الدستورية التي نادي بها الرئيس مبارك تحقق نسبة كبيرة من مطالب المتظاهرين, وأن المرحلة التي تمر بها مصر حاليا تتطلب تعزيز الحوار وأهمية أن تجلس قوي المعارضة مع نائب رئيس الجمهورية لتقديم ورقة عمل يمكن من خلالها العبور من الأزمة الحالية بشكل يضمن استمرار الإصلاح السياسي والدستوري وإعادة الانضباط للشارع المصري.
نوه جرجس إلي أن هناك حاجة مهمة لتعزيز الشفافية ومكافحة الفساد من خلال محاسبة ومساءلة كل الشخصيات التي تسببت في الفراغ الأمني الذي عاني منه المجتمع المصري وحتي لا يتم تكرار هذا الخطأ مرة أخري.
كما دعا صفوت إلي ضرورة وضع قيود علي تطبيق حالة الطواري وفصل رئيس الجمهورية أثناء توليه مسئولياته عن رئاسة أي حزب سياسي, وأن يتم الدعوة لجمعية وطنية لوضع دستور جديد للبلاد يضمن الحفاظ علي مدنية الدولة والفصل بين السلطات وإطلاق الحريات والحقوق العامة للمواطنين.