تعمل حكومة الرئيس المصري محمد مرسي علي إذكاء وتأجيج الغضب ضد الولايات المتحدة, ولذا يجب علي إدارة الرئيس الأمريكي أوباما أن ترسل الآن رسالة واضحة إزاء هذا الأمر.
تعمل حكومة الرئيس المصري محمد مرسي علي إذكاء وتأجيج الغضب ضد الولايات المتحدة, ولذا يجب علي إدارة الرئيس الأمريكي أوباما أن ترسل الآن رسالة واضحة إزاء هذا الأمر.
إن صورة علم تنظيم القاعدة الأسود وهو يحلق فوق السفارة الأمريكية في القاهرة بالتزامن مع أحداث 11 سبتمبر قد هزت مشاعر الأمريكيين, وكان ينبغي أن تهز الحكومة المصرية أيضا. فمصر تحصل سنويا علي 1.5 مليار دولار من الولايات المتحدة كما أن واشنطن علي وشك أن تسقط مليار دولار من ديون هذه الدولة المترنحة.
لكن حكومة مصر ترسم مسارا مختلفا. فبدلا من استنكار هذا الانتهاك الفاضح للسيادة الأمريكية, تجاهل الحزب الحاكم في مصر الذي يمثله الإخوان المسلمون الأمر. والمظاهرة التي كان من المقرر أ يقوم بها يوم الجمعة الرابع عشر من سبتمبر, وذلك علي مسافة تبعد مرمي حجر من السفارة الأمريكية في القاهرة.
وفي مصر والولايات المتحدة تم عزو الهجوم علي نطاق واسع إلي فيلم غامض مسيء للإسلام. لكن الحقيقة هي أن الجماعة الإسلامية وهي منظمة وصمتها الولايات المتحدة بالإرهاب قد أعلنت منذ عدة أسابيع أنها سوف تحتج أمام السفارة الأمريكية في 11 سبتمبر للمطالبة بالإفراج عن الشيخ الضرير عمر عبد الرحمن الذي كان هو العقل المدبر لأول تفجير لـ ##مركز التجارة العالمي## عام .1993
ولا شك أن ظهور الفيديو قد أدي إلي تزايد دعم الجماعة الإسلامية خاصة بين السلفيين ومشجعي كرة القدم سيئي الصيت الذين انجروا إلي الأحداث والمعروفين باسم ##الألتراس.##
ومع أن الإخوان ربما لم يكونوا قد خططوا للهجوم إلا أن التنظيم سرعان ما تقبله مستغلا الجريمة لاستثارة التوترات الطائفية وزيادة نفوذه الذي يكسبه شعبية في الشارع بسبب معاداته للأمريكيين. وهذا يعني أنه في أول سرد رسمي لهم للأحداث باللغة العربية ادعي الإخوان أن الفيلم المسيء للإسلام قد موله مسيحيون أقباط في أمريكا وامتدحوا المصريين ##لانتفاضتهم انتصارا للنبي.##
وبعدها بيوم لم يقدم الرئيس المصري الإخواني مرسي اعتذارا للولايات المتحدة, بل وفقا لصحيفة الأهرام المصرية اليومية فإنه قد أصدر توجيها إلي السفارة المصرية في واشنطن باتخاذ إجراءات قانونية ضد منتجي الفيلم.
غير أن تحفظ مرسي لا يمثل مفاجأة, حيث إن لـ الإخوان تاريخا من البغض للولايات المتحدة وحلفائها. ومرسي نفسه هو من ##المشككين في هوية مرتكبي## أحداث 11 سبتمبر, وهذا موثق بالصوت والصورة. كما أن مصر تحت قيادته قد قامت بمبادرات دبلوماسية غير مسبوقة تجاه إيران.
لكن الهجوم علي السفارة الأمريكية قد خرج عن الحدود فيما كان بالإمكان منعه منذ البداية, ذلك أن دعوات التنظيم الإرهابي للاحتجاجات خارج السفارة كان ينبغي أن تستحث نشر قوات أمن مصرية إضافية. لكن تخلي مرسي عن مسئوليته ودفاع الإخوان المسلمين عن الهجوم ينبغي أن يكون هو القشة الأخيرة.
ولتدارك الأزمة تلتزم واشنطن بإسقاط مليار دولار من الديون كما أنها قد دعمت بقوة قرض ##صندوق النقد الدولي## المعلق والبالغ 4.8 مليار دولار. وفي هذا الأسبوع تحديدا رعت السفارة الأمريكية في القاهرة وفدا من رجال الأعمال الأمريكيين لتشجيع الاستثمار الأمريكي في مصر التي كانت ##مفتوحة للأعمال.##
غير أن كل هذا ينبغي تعليقه مؤقتا حيث تستطيع واشنطن التسامح بكثرة لكنها لا يمكن أن تستثمر في مصر في وقت ترفض فيه القاهرة تحقيق الحد الأدني من تأمين الدبلوماسيين الأمريكيين. وما دام الإخوان المسلمون وإدارة مرسي يصرون علي تشجيع السلفيين وبلطجية مشجعي الكرة علي استهداف المصالح الأمريكية فإن الولايات المتحدة تستطيع بل وينبغي أن تفرض تكاليف باهظة علي هذا الخيار.
وبالإضافة إلي التداعيات الاقتصادية ينبغي أن تكون هناك تداعيات دبلوماسية لسلوك مرسي. وفي ظل غياب التعبيرات الواضحة التي تعبر علنا عن الندم باللغة العربية ينبغي أن يرفض المسؤولون الأمريكيون مقابلة مرسي عندما يزور نيويورك في أواخر سبتمبر لحضور اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة.
فمرسي و الإخوان لم يخجلوا من التعبير عن مشاعرهم تجاه الولايات المتحدة سواء كان ذلك من خلال تبنيهم نظرية المؤامرة تجاه أحداث 11 سبتمبر أو بالدعوة إلي إطلاق سراح الإرهابي المدان عمر عبد الرحمن. وتعتبر زيارة مرسي إلي الولايات المتحدة فرصة لواشنطن لتوصيل رسالة بنفس درجة الوضوح, وهي أن التحريض علي احتجاجات عنيفة محتملة ضد الولايات المتحدة هو سلوك دولة مارقة وليست حليفة.
نيويورك ديلي نيوز