في ملفات الزمن الجميل توجد كتب وحكايات تافهة أسقطت وزراء ووزارات.
في وزارة صدقي باشا الأولي تم اختيار مراد سيد أحمد باشا وزيرا للمعارف,وكان من المنتظر أن يكتب اسمه علي صفحات التاريخ بحروف من نور,غير أنه ما أن تولي منصبه حتي أثبت نفوره للسياسة ورغبته في الابتعاد عنها,والأكثر من ذلك أنه تجرأ وأنشأ معهدا للتمثيل…واندلعت ثورة الرجعيين ضده وحمل الشيخ أبو العيون علم الثورة.
وكانت أقل تهمة يوصف بها معهد التمثيل والرقص التوقيعي,هو إنه كفر وإلحاد…واستقر الرأي علي أن وجود مراد سيد أحمد باشا غير مرغوب فيه من أحد ويجب البحث عن طريقة لإبعاده من الوزارة.فلم يكن ذلك أمرا سهلا لتمسكه الشديد بالوزارة.
إلي أن جاءت الفرصة,ويشاء الحظ العثر للوزير أن تؤخذ له صورة في نهار شهر رمضان المبارك وهو يمسك سيجارة بين أصبعيه,فكان هذا السبب كافيا لإبعاده عن الوزارة وإرساله إلي مفوضية مصر في بلجيكا.
كما أن كتاب أصول الحكم للشيخ عبد الرازق -وهو قاض شرعي- أبعد أربعة من الوزراء كلهم من الأحرار الدستوريين.
أوعز يحيي باشا إبراهيم رئيس الوزراء بالإنابة -حيث كان زيور باشا رئيس الوزراء في أوربا في ذلك الوقت- إلي مشيخة الأزهر بتجريد صاحب الكتاب من العالمية وأن تحكم عليه بخروجه علي الدين وهو ما تم بالفعل ولم يكتف يحيي باشا بذلك بل طلب من وزير الحقانية عبد العزيز باشا فهمي أن يحيله إلي مجلس تأديب إلا أن وزير الحقانية أبي ذلك,فما كان من يحيي باشا إبراهيم إلا أن أقاله وأدي ذلك إلي تضامن الوزراء الدستوريين مع زميلهم المقال وهم صدقي باشا وعلوبة باشا وتوفيق دوس باشا وهكذا استقال أربعة وزراء بسبب كتاب,كما كانت المرة الأولي الذي يقع فيها خلاف بهذه الحدة بين الاتحاديين والدستوريين.
مازلنا مع الكتب وأزماتها وأبرزها الأزمة المستفحلة التي تسبب فيها كتاب الشعر الجاهلي للدكتور طه حسين فلم يصدر هذا الكتاب حتي أثار عاصفة من النقد والتهجم,وكان الأزهريون هم الذين يقودون العاصفة.
كانت وزارة عدلي باشا الائتلافية,فتقدم بعض النواب باستجواب للوزارة يطلبون فيه معاقبة د.طه حسين علي كتابه,وأجاب عدلي باشا بأن الوزارة لا تري ما يراه النواب حتي تعاقب د.طه حسين علي آراء علمية خالصة.
تحمس النواب وقاموا بحملات شديدة علي وزارة عدلي كما اشترك في الحملة كثير من النواب الوفديين…ولأن وزارة عدلي باشا كانت تحكم علي أساس ثقة الأغلبية الوفدية بها,فقد اعتبر عدلي اشتراك نواب وفديين في الحملة علي وزارته,ما يعني أن وزارته لم تعد حائزة علي ثقة الأغلبية.لذلك أعلن استقالة وزارته وأصر عليها رغم تدخل الزعيم الخالد سعد زغلول باشا في الأمر,وكان رئيسا لمجلس النواب.
وهناك أسباب قد تكون شخصية بحتة ونذكر منها أن محمد مصطفي باشا اختير من القضاء إلي وزارة الأوقاف إلا أنه لم يكن يعني بشئون الوزارة ولم يجد المسئولون صعوبة تذكر في إخراجه.
إلي أن أقيمت مرة حفلة في السراي الملكية حضرها الوزراء والوزراء المفوضون وزوجاتهم.وشاءت الصدفة أن تجلس بجوار محمد مصطفي باشا سيدة أجنبية تحب الرغي واللت والعجن وكان علي المائدة طبق من الفضة فيه كمية من حبوب الـسنسن وسألت السيدة الوزير: علشان إيه السنسن ده؟ فأجاب الوزير ببساطة: ده علشان لما ياكلوا بصل…ياخدوا منه فيمنع ريحة البصل!!! وكان هذا الجواب سببا في إخراج الوزير من الوزارة.
بذلك أصبحت التفاهات سلاحا قويا,يستعملها البعض للإطاحة بالوزراء.
المرجع الشعلة 1938