الأقباط شعروا بالغدر بعد وعد المحافظ بالكنيسة
أقباط ومسلمي المنطقة تربطهم مشاعر الحب
رفضت الكنيسة ما تم ترويجه من قبل بعض وسائل الإعلام حول اعتذارها للجهات الرسمية عن أحداث العمرانية ووصف الإعلام أن وفدا كنسيا برئاسة الأنبا ثيؤدوسيوس الأسقف العام للجيزة قدم اعتذارا وبشدة عن الأحداث المؤسفة التي وقعت, واعتبرت الكنيسة أن ما نشر ينتقص من حق الكنيسة وأبنائها الذين تعرضوا لعمليات عنف غير مبررة استخدم فيها الرصاص الحي, رغم وعود المحافظ بحل الأزمة قبيل الأحداث, ووصف القمص مينا ظريف كاهن كنيسة العذراء بالعمرانية – والذي يتولي ملف الأزمة – ما حدث بالغدر المتعمد ضد الأقباط من أجل السيطرة علي المبني الكنسي ووضعه تحت الحراسة, ووصف زيارة الوفد الكنسي للمحافظ بأنها كانت للحوار والاستفهام حول تداعيات الأزمة وكيفية احتوائها..
حول الحقائق الكاملة لتفاصيل الزيارة والتحولات التي وقعت قبل اندلاع شرارة الأحداث التي وصفها الأقباط بالخيانة وتفاصيل لقاء الدكتور فتحي سرور والدكتور زكريا عزمي ولقاء قداسة البابا شنودة الثالث ووضع الشباب القبطي المحتجز.. أجرت وطني حوارا مع كاهن كنيسة العذراء بالعمرانية..
* فوجئ الجميع بخبر بالصحف عن اعتذار رسمي من جانب الكنيسة لمحافظ الجيزة عما بدر من الأقباط علي خلفية أحداث العمرانية.. ما حقيقة ذلك؟
* * ما نشر مغالطة ولا يعكس الحقيقة الكاملة عن هدف الزيارة. الكنيسة لم تقدم اعتذارا رسميا للمحافظة.. هذا لم يحدث, فزيارة الوفد الكنسي برئاسة الأنبا ثيؤدوسيوس الأسقف العام لمطرانية الجيزة وبعض كهنة المطرانية كانت بهدف الحوار حول الأزمة والاستفهام حول التحولات الأخيرة التي أدت إلي الأحداث رغم الوعود السابقة بحل الأزمة والبحث عن سبل لترطيب الأجواء واحتواء الأوضاع, وأيضا لمعرفة أسباب الاعتداء الأمني العنيف علي الأقباط داخل المبني الكنسي وأغلبهم من العمال, فالهجوم كان عنيفا جدا كأنه يستهدف تجار مخدرات أو خلية إرهابية, فالشعب يريد مكانا للصلاة وكان يستشعر الخطر من التواجد الأمني المكثف بهدف السيطرة علي المبني وهذا ما حدث.
وكيف نعتذر وأبناؤنا تم ضربهم بالقنابل المسيلة للدموع والرصاص الحي داخل مبني كنسي له قدسيته, وأتساءل متي تتم محاسبة هؤلاء المسئولين عن هذه الجريمة الإنسانية التي لا يمكن تبريرها؟ وحتي لو كانت هناك مخالفة قانونية فهل يكون المقابل إطلاق القنابل والرصاص الحي علي مواطنين يدافعون عن حقهم في الصلاة والخدمة؟
* ما الوضع الحالي للمبني محل المشكلة؟
* * المبني محاصر بقوات أمن مكثفة ومخرب من الداخل, وهذه كارثة فكيف تنشر الصحف اعتذار الكنيسة وقوات الأمن قامت بالدخول للمبني وتم تدمير وتكسير مقصورتين للقديسين, و سرقة بعض مقاعد الكنيسة وتدمير صندوق التبرعات وسرقة ما به, كون المبني به مخالفات فنية لا يدعو إلي هذه التجاوزات, فالعمرانية بها المئات من المباني المخالفة شكلا ومضمونا ولم يتم اتخاذ أي إجراء بشأنها وهناك العشرات من المساجد خارجة عن التنظيم ومقامة علي أراض زراعية, وهناك العديد من المباني المخالفة بالأراضي الزراعية وتجد الترحيب من المسئولين ولم نر قوات أمن بكل هذه المباني المخالفة, فلماذا التمييز ضد الأقباط في حقهم إقامة الشعائر الدينية والخدمات فهذا المبني تمارس فيه أعمال الفضيلة بتعليم النشء القيم والأخلاق والعطاء ومحبة الوطن. ما الخطر الذي يستشعره الأمن أو تستشعره الدولة من إقامة مبني كنسي أو وجود مصلين داخل مبني كنسي؟ أليس هذا أفضل من انصراف الشباب للمقاهي أو الأماكن المحظورة؟, فنحن نملك العشرات من الفيديوهات التي توضح البشاعة التي تعامل بها الأمن مع هؤلاء البسطاء وأمر طبيعي أن يرد الشباب بالقذف بالطوب للدفاع عن كنيستهم وإخوتهم الذين تساقطوا أمام أعينهم, فماذا كان ينتظر الأمن؟, وهل يعقل أن تستخدم القنابل والرصاص ضد 500 شخص أغلبهم من العمال كانوا محاصرين بأكثر من خمسة آلاف جندي؟ هل يستحق هؤلاء هذا الهجوم العنيف؟
* ما المخالفات التي أثبتتها اللجنة الهندسية؟
* * اللجنة الهندسية المكلفة من المحافظة أثبتت مخالفتين الأولي: وجود سلم طوارئ لم يرد بالرسومات وهذه مخالفة لا تضر بالمبني, والثانية: أن الجراج بابه غير مفتوح وهذه مخالفة سهل تداركها وبعد ذلك ذهبت لجنة هندسية أخري رصدت وضعية القباب وأيضا هذه مخالفة لا تضر بالمبني.
* وصف الأقباط ما حدث بالغدر.. ما دلالة ذلك؟
* * نحن توصلنا إلي حل للأزمة قبل انفجار الأوضاع وأثناء لقائنا مع المحافظ المهندس سيد عبدالعزيز قال لنا: قدموا طلبا رسميا بأن المبني كنيسة بتعديل الرسومات وأنا سوف أعتمد ذلك علي الفور. وأضاف: أنا موافق.. مبروك عليكم, وفي مساء الاثنين السابق علي اندلاع الأزمة جاء كل من الدكتور يوسف وصال سكرتير عام المحافظة والدكتور مصطفي الخطيب رئيس المجلس الشعبي والقيادات الأمنية وقاموا بلقاء الشعب داخل المبني وقالوا: مبروك عليكم الكنيسة وأعطوا الاطمئنان للشعب الذي رحب وقدم التحية لهم حتي إن الكثير من المعتصمين غادروا المبني وعادوا إلي منازلهم عدا العمال وبعض المتطوعين وهنا كانت الخديعة لأن بعد ذلك قام الأمن بحشد العشرات من سيارات الأمن المركزي والمدرعات مساء الثلاثاء وبدأت عملية الاعتداء علي المبني.
* هل كان ذلك سببا للانفجار ومهاجمة مبني المحافظة؟
* * عندما استيقظ الأقباط علي صوت القنابل والرصاص صباح الأربعاء شعروا بالغدر والخيانة, فنظموا مسيرة سلمية إلي مبني محافظة الجيزة للتنديد بوعود المحافظ الزائفة وخداعهم, ولكن أغلقت المحافظة أبوابها أمامهم واحتشد الآلاف من قوات الأمن الذين أطلقوا القنابل المسيلة للدموع ضد المحتجين بعد قذفهم بالطوب لمبني المحافظة وفي المقابل تعامل الأمن دون تفكير مع الأقباط بإطلاق الرصاص المطاطي والرصاص الحي ليسقط أول قتيل أمام مبني المحافظة وإصابة العشرات.
* ماذا عن عمليات القبض العشوائي علي الأقباط والتي استمرت علي مدار أيام عقب الأحداث؟
* * الأمن تعمد إلقاء القبض العشوائي علي أبنائنا عقب انتهاء الأحداث وذلك من الشوارع والمنازل رغم أنه قام بالقبض علي أكثر من 157 قبطيا يوم الأحداث أغلبهم من داخل المبني الكنسي, ولا نعلم بأي سبب يتم القبض علي أبنائنا بطريقة عشوائية ومهاجمة المنازل وإثارة حالة من الرعب.
* ماذا عن مقابلة الدكتور فتحي سرور رئيس مجلس الشعب والدكتور زكريا عزمي رئيس ديوان رئيس الجمهورية؟
* * اللقاء مع الدكتور فتحي سرور كان يتسم بالإيجابية ودار حوار مهم حول تداعيات الأوضاع وتحدث الدكتور فتحي سرور بكلمات تعزية خففت من الآلام داخل قلوبنا وأكدت المساندة في تعزيز الانتماء الوطني ونحن لا نريد أن يفقد الشباب القبطي انتماءه الوطني, وبشأن المعتقلين خرجنا من مكتبه مستريحين آملين في مساع سريعة للإفراج عن الشباب القبطي حفاظا علي مستقبلهم ولم تقل مقابلة الدكتور زكريا عزمي أهمية عن مقابلة الدكتور سرور من حيث الاستقبال وقدم لنا وعودا ننتظر تحقيقها.
* ما أخر التطورات بشأن المبني؟
* * نحن لا نستطيع إصدار أحكام مسبقة ولكن يكفي أنه قبل الأحداث استقبلنا المحافظ بحفاوة ومودة وأكد موافقته لتعديل التصريح إلي كنيسة رسمية ولكن بعد الأحداث لم نجد ردا من المحافظ بشأن المبني عدا المقابلة التي جمعت بينه وبين الأسقف العام لمناقشة ما حدث وسبل الإفراج عن الشباب.
* ماذا عن مقابلة قداسة البابا ليلة الثلاثاء؟
* * قداسة البابا يتميز بالحكمة وقام بطمأنتنا قائلا: عين الرب لا تغفل واستمع قداسته لتفاصيل الأحداث وأعطي اهتماما أكبر للاطمئنان علي أبنائه المصابين والمقبوض عليهم طالبا من الله التدخل من أجل إزالة المحن وأن يعطي الله الحكمة للمسئولين للتعامل مع الأزمة بروح الحفاظ علي كرامة الإنسان والعيش المشترك وطلب من الرب أن ينيح روح الابنين اللذين قتلا علي إثر الأحداث.
* تمت مقابلة بمكتب النائب العام بحضور الأستاذ رمسيس النجار المحامي والموكل من قبل المطرانية.. ماذا تم فيها؟
* * نحن تقابلنا مع مساعد النائب العام من أجل الإفراج عن أبنائنا المقبوض عليهم وخرجنا بما يشبه الوعود بالنظر في قضية المقبوض عليهم بعين الاهتمام وبأسرع وقت, سواء المحتجزين علي ذمة التحقيق أو المحتجزين ولم يتم عرضهم علي النيابة بعد.
* ماذا عن تأثير هذه الأحداث علي علاقة الأقباط والمسلمين بالمنطقة؟
* * المسلمون والأقباط بالمنطقة في تعايش مشترك منذ سنوات طويلة ولاسيما أنهم صعايدة ومن أصول واحدة والمسلمون أنفسهم أبدوا استياءهم من التعامل الأمني مع الأقباط بهذه الطريقة, ونحن قمنا بمساعدتهم في بناء المسجد المقابل للكنيسة بالعمل والتبرع وهم يقدرون ذلك ويبادلوننا المحبة بالتعاطف معنا في هذه الأزمة ويكفي أنه في مسيرات وغضب الأقباط داخل شوارع المنطقة لم يحدث أي تدخل أو تصادم مع الإخوة المسلمين عدا بعض الصبية بمنطقة الكونيسة الذين خرجوا بأيدي تحركهم وتم احتواؤهم من قبل العقلاء من الإخوة المسلمين ونحن لم نجد أية معارضة من الأشقاء المسلمين عند بناء المبني الكنسي, والمسلمون والأقباط من المنطقة من البسطاء الذين يبحثون عن رزقهم اليومي وبناء قبة أو كنيسة لا يؤثر علي علاقتنا.
* ما المشكلة في وجود كنيسة أو بناء شكل من أشكال العمارة الكنسية؟
* * نحن لا نعلم السبب في التعامل الأمني بهذه الطريقة مع مسألة بناء الكنائس والتي تصل لأشد أنواع العنف ولذا افتقد الأمن للحكمة والحس السياسي في التعامل مع أبناء الوطن الواحد ولاسيما أن هذه الأحداث تأتي في وقت صعب تتزامن مع الانتخابات البرلمانية وتهديدات تنظيم القاعدة لمصر.
* كيف تري صدور قانون دور العبادة الموحد في حل مثل هذه الأزمات؟
* * بالتأكيد صدور القانون سوف يحل الكثير من الأزمات ولكن لابد أن نعترف أن القانون ربما يسهل أو يعرقل الأمور حسب نية القائمين علي تنفيذه ومناخ المد الديني الذي يتجاهل قيم المواطنة.
* ما تعليقكم علي تغطية الإعلام لهذه الأزمة؟
* * الإعلام الرسمي أراد تصوير خطأ السلطات علي أنه صحيح وواجب ولكن الإعلام الخاص كان في معظمه يقوم بتغطية محايدة ويكفي أن الإعلام الرسمي صور اللقاء الودي مع المحافظ بأنه اعتذار رسمي, وأتساءل: أين الاعتذار بعد مقتل قبطيين وإصابة العشرات منهم نساء؟ ومن المفروض أن يعتذر لمن؟
* يخشي البعض أن تكرر مطرانية الجيزة ذات الخطأ الذي وقعت فيه بالعياط عند التوقيع علي محضر صلح بقرية بمها حيث فرض عليها إقامة كنيسة دون قبة أو صليب أو منارة ولذا ربما يكون هذا شرط لعودة المبني لكم من جديد؟
* * نحن نصلي من أجل سلام العالم ووطننا ورئيس جمهوريتنا والجند ونصلي من أجل المياه والزرع ونختم الصلاة ونقول يا ملك السلام أعطنا سلاما وقرر لنا سلامك, وهذا هو ما نقوم به داخل الكنائس ويجب أن يصل ذلك لأذهان المسئولين.