سبعة مواضيع رئيسية تناولها الرئيس الأمريكي باراك حسين أوباما في خطابه للعالم العربي والإسلامي يوم الخميس 4 يونية 2009 وهذه المحاورهي العلاقة بين الإسلام والغرب والتطرف, والصراع العربي الإسرائيلي, والتسابق علي التسلح النووي, والديموقراطية, والحريات الدينية, والتنمية الاقتصادية وحقوق المرأة. والمعروف للجميع ان العلاقة بين المسلمين وأمريكا شابها التوتر ونوع من العداء ما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 مما حدا بالإدارة الأمريكية السابقة إلي اتخاذ جملة من القرارات لعل أكثرها أهمية احتلال افغانستان التي اعتبرت مصدر رئيسي للإرهاب ثم تلاه غزو العراق وإسقاط النظام الديكتاتوري فيه وزرع بذور الديموقراطية في هذا البلد , الرئيس أوباما بدأ أكثر وضوحا وهو يفسر سر التدهور في العلاقات بين المسلمين وأمريكا ولعل أكثر من تابع الخطاب وجد نفسه مقتنعا بان أحداث 11 سبتمبر مثلت نقطة التحول السلبية _ إن صح التعبير – في مسار هذه العلاقات , لهذا نجد أن باراك أوباما يؤكد بأن التغيير لن يحدث بين ليلة وضحاها, وقال ##لا أستطيع الإجابة في هذا الخطاب عن كافة التساؤلات المطروحة##, مؤكدا علي الاحترام المتبادل والعمل المشترك مع العالم الإسلامي. وهذا يؤكد حجم التدهور الذي أصاب هذه العلاقات ومساحة الكراهية لأمريكا في العالمين العربي والإسلامي , لذا نجد أن أوباما يعلنها صراحة بقوله هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 والجهود المستمرة لهؤلاء المتطرفين للقيام بأعمال عنف ضد المدنيين دفعت البعض في بلادي لرؤية الاسلام كعدو, ليس فقط لأمريكا والدول الغربية بل أيضا لحقوق الإنسان. واستدرك بالقول ##لقد أتيت هنا إلي القاهرة للسعي نحو بداية جديدة بين الولايات المتحدة والمسلمين حول العالم, بداية قائمة علي المصالح المشتركة والاحترام المتبادل, قائمة علي حقيقة أن أمريكا والإسلام ليستا في حالة تنافس, بل إنهما تتشاركان في مبادئ تتمثل في العدالة والتقدم والتسامح والحفاظ علي كرامة الإنسان وهذا كلام صريح جدا وواضح ويحمل أكثر من رسالة من اجل بناء علاقات جديدة قائمة علي المصالح المشتركة . وهذه المصالح عبر عنها الرئيس الأمريكي صراحة حين تحدث عن العراق وأكد علي ضرورة دعم الحكومة المنتخبة , مؤكدا في نفس الوقت التزام أمريكا بتنفيذ جداول الانسحاب دون التفكير في تواجد دائم في قواعد عسكرية كما كان يشير البعض , وهذا يؤكد صحة العلاقات القوية بين العراق وأمريكا خاصة وأن الرئيس اوباما عبر عن ذلك حين قال ((العراق الآن أفضل بدون صدام )) , المتابع لخطاب اوباما سيكتشف أن افغانستان والعراق شكلتا المحور الأول من خطابه وهذا يؤكد أن هاتين الدولتين التي تتواجد بهما قوات أمريكية هما محل الاختلاف والتباين بين أمريكا والعالم العربي والإسلامي لهذا حرص الرئيس أوباما أن يتخذ من القاهرة المكان الذي يتحدث من خلاله للعالم العربي والإسلامي وقبلها كان في السعودية ومن قبل وجه إشارات من أنقره ولكن في خطابه الأخير أكد وقال أوباما أن أمريكا اليوم لديها مسئولية مضاعفة وهي مساعدة العراق علي صياغة مستقبل أفضل وأن تترك العراق للعراقيين مؤكدا أن بلاده وكما أوضح هو للشعب العراقي لا تسعي لإقامة قواعد علي أراضيهم فسيادة العراق للعراقيين.وأشار إلي أنه أمر بسحب اللواءات القتالية بحلول أغسطس المقبل وأن بلاده ستفي باتفاقها مع الحكومة العراقية المنتخبة ديمقراطيا بسحب القوات القتالية من المدن العراقية بحلول يوليو علي أن يتم سحب جميع قواتنا من العراق بحلول 2011 مؤكدا في الوقت ذاته علي أن بلاده ستساعد العراق علي تدريب قواته الأمنية وتطوير اقتصاده كما ستدعم قيام عراق آمن ومتحد كشريك لها وليس كتابع. ومبدأ الشراكة هو الذي يهمنا في المرحلة الحالية والمقبلة , ما يهمنا نحن العراقيين في خطاب أوباما هو السعي الفعلي للولايات المتحدة الأمريكية للتعامل مع العراق كدولة ذات سيادة وحث دول المنطقة للحذو حذوها خاصة المملكة العربية السعودية وبعض الدول الأخري التي مازالت تتوجس خيفة في التعامل مع العراق , علينا جميعا وبمختلف قومياتنا وأيدلوجياتنا في العراق أن نقرأ الخطاب بشكل صحيح وأن لا ننجر للقراءات الخاطئة التي قد تقودنا إلي متاهات نحن في غني عنها.
وألا نفسر مد يد المصالحة ما بين أمريكا والعرب بشكل خاص والمسلمين بشكل عام علي أنه ضعف من جانب الإدارة الأمريكية بقدر ما هو تعاطي جديد نحتاجه نحن أكثر مما تحتاجه أمريكا , علينا في العراق أن نتعامل مع الإدارة الأمريكية كشريك وليس عدو وأن نوحد صفوفنا وننزع من دواخلنا الحقد وألا ندع للتطرف موطئ قدم لدينا . فالجميع يعرف أن القاعدة كتنظيم إرهابي قتل من المسلمين أكثر مما قتل في أحداث 11 سبتمبر ونحن في العراق أكثر الشعوب المسلمة تضررا من هذا التنظيم الإرهابي الذي عاث في الأرض فسادا بدعم من قوي خارجية لا زالت تقف بالضد من عراقنا الجديد الحر الديمقراطي.
نقلا عن موقع الحوار المتمدن