إن يوم عيد قيامة المسيح من بين الأموات هو يوم بهجة يفوق الوصف وأصبح أحد القيامة يوم فخر للسماء والأرض بل ويوم الراحة الحقيقية..وصار يوم الأحد علي مدار السنة عيدا أسبوعيا لأن فيه تغيرت تبعتنا وصارت للمسيح القائم غير مهزوم من الموت ولا مقهور في قبر ولا يحتاج إلي طلب رحمات كسائر الأموات وهناك قرائن ودلائل في عيد القيامة ومع المسيح المنتصر علي شوكة الموت لنا عدة تأكيدات ترفع رؤسنا لمجد القيامة ونصرتها:
إن جنب المسيح المطعون فيه جمال الدعوة إذ هو الباب الذي منه وفيه تدخل الكنيسة بالدم الثمين إلي أحشاء الله وهو باب الفلك الذي منه يدخل نوح وكل من له لكي ينجو من طوفان هذا العالم….جنب المسيح الذي فاض منه الدم والماء والذي فيه المعمودية بالماء والشهادة أيضا بالدم وخلقت منه الكنيسة حواء الجديدة لحياة جديدة فيه كان كل شئ وبغيره لم مما كون(يوحنا1:4)…ولهذا يمكننا أن نقول إننا في قيامة المسيح ولدنا ثانية لحياة جديدة…مدفونين معه وقائمين في جدة الحياة…
+مخالفة رؤساء الكهنة الوصية..
لقد سيطر الخوف علي رؤساء الكهنة وأرهبهم المسيح حتي ولو كان في قبره…فوضعوا حراسا وختموا القبر كما اختاروا ولم يكترثوا بأن يفعلوا ذلك في السبت….فخالفوا الوصية وكسروا السبت…لأنهم كانوا في غاية القلق وكانوا يخشون الهزيمة ويقول القديس يوحنا ذهبي الفم:هذا هو غاية الجهل الذي يدل علي خوف كان ومازال يقلقهم ويرجفهم لأن الذين قبضوا عليه وهو حي يخشونه وهو ميت! علي أنه لو كان إنسانا بالإطلاق لكان ينبغي عليهم أن يثبتوا ويطمئنوا؟ولكن اهتزت أساسات الخوف وصار الخوف في دمار…لأن الإيمان أتي ليبدد مملكته…وهكذا كان هذا كله لشئ واحد لا غير وهو أن يشتهر أمر الدفن وأن يشتهر خبر القيامة بإعلان مجده وتحدت جلجلة القيامة لمجد ابن ابنه صهيون الذي جاء لكي ينير ظلمة القبر ويصير هتاف النصرة المسيح قام…
+حراسة القبر
هكذا نقول في صلاة القسمة: حرسوا قبرك لأنه بالحقيقة مخوف جدا علي كل الآلهة الوثنية…فقمت يا مخلصي بالجبروت وكسرت الجحيم عني…. وهم يتحركون فارهين ولكن هكذا يفعل بهم الرب شهادة لتأكيد حقيقة القيامة لأن تصرفاتهم بتحركهم هذا يعربون عن خوفهم المكسور ورهبة قلوبهم المخلوعة وهم يطلبون من بيلاطس حراسة قبر المسيا فيقول لهم بيلاطس:عندكم حراس اذهبوا وأضبطوه كما تعلمون ذهبوا وختموا القبر مع الحراس أن الاحتجاج الواهي علي ختم القبر جعله شاهد إثبات علي حقيقة الختوم ومواثيقها حتي لا يتعللوا ويصيروا شهودا مجبرين علي صدق القيامة….يقول القديس يوحنا ذهبي الفم:أرأيت كيف يحرسونه كارهين من أجل الحق وهم ختموا القبر مع الحراس فقد صار بعضهم لبعض خصما ومبكتا..وصارت الختوم التي أرادوا بها تأكيد قبره وموته صارت شاهدا صارخا علي قوته وقيامته وجلال جبروته…ياللعجب كله لمجد اسمه القدوس….
+رشوة الحراس..
وهكذا أيضا رشوة الحراس الذين وضعوهم علي قبر المخلص ليحفظوه دليل تأكيد الموت والدفن والقبر صارت من أقوي تأكيدات القيامة أنهم أعطوهم الرشوة لكي يشوهوا الحقيقة لكي يقولوا إن التلاميذ جاءوا وسرقوا جسده ليلا وهم نيام إن ذلك تأكيد علي أن الجسد غير موجود في القبر وأن القبر صار فارغا…وهكذا صارت الرشوة شهادة علنية عن القيامة لأنهم بهذا القول يناقضون أنفسهم لأنهم إذا كانوا نياما فمن عرفهم بأن تلاميذه هم الذين سرقوه؟وإذا كانوا مستيقظين فلماذا لم يمنعوا السراق من أخذ جسد المسيح!!!.
ويقول القديس بطرس السدمنتي: وماذا كان رجاؤهم في سرقته حتي يتمموا هذا الأمر الذي فوق طاقتهم أنهم أرادوا أن يتحاشوا القيامة فصارت أدلتهم شاهدة عليهم لتعلن أنه قائم حقا قائم…إن الحراس صاروا أول شهود القيامة…
+دفن الرب في قبر جديد…
قبر المسيح لم يدفن فيه أحد من قبل لأن آدم هو أول من مات في البشرية وصارت مقبرة أدم مقبرة بكر وكان لابد من قبر بكر لم يدفن فيه أحد…وفي ذلك يتأمل القديس يوحنا ذهبي الفم ويقول: هذا الأمر لم يكن جزافا ولكن التدبير أن يوضع جسد يسوع في قبر جديد لم يكن قد وضع فيه أحد لا يظن أحد أن القيامة صارت لأخر كان مدفونا معه…كما أن القبر كان في بستان وظنت مريم أن الذي كان يخاطبها هو البستاني ولكن في البستان كانت حبة الحنطة التي أثمرت بالقيامة إلي حياة جديدة لأن الخطية كانت في الفردوس وفي الفردوس كان السقوط وهكذا في البستان كانت القيامة وسط الأثمار والأشجار إلي حياة أفضل وأبقي فأن الرب أظهر نفسه وقال للمريمات أنتن تطلبن الحي بين الأموات…بينما آدم اختفي وراء الأشجار حين سمع صوت الرب يتمشي في الجنة حذاري من الخوف الذي يضيع بهجة القيامة في قلبك تقدم في عمل النعمة بالروح القدس بقوة قوة القيامة التي شهد لها التلاميذ..الذين كرزوا في الأقطار والأدبار كارزين مبشرين بقيامة الرب من بين الأموات…
+المناديل والأكفان…
لقد قام الرب وترك المناديل والأكفان موضوعة مكانها لتعلن أن صاحبها قد تركها ولا حاجة له إلي أكفان أو مناديل لأن الذي يقوم من الفراش لا يحتاج إلي غطاء سرير يمشي به ولا حاجة للحي إلي أكفان لأنه لو كان تلاميذه سرقوه لما صنعوا هذا العمل إذ كانوا لا يمكن بأي شكل أن يعروه وما احتملوا أن يأخذوا منه مناديله ويلقونها ويضعونها في موضع واحد من القبر لكنهم كانوا قد سلبوا الجسد بأقصي سرعة لأنه بهذا المعني سبق يوحنا فقال إنه حفظ بمر كثير ألصق أكفانه بجسده حتي إذا سمعت أن المنديل في ناحية والأكفان في ناحية أخري لا يحتمل هذا أنه سرق أن وجود المناديل والأكفان تؤكد أن صاحبها نقضها وقام كاسرا شوكة الموت ناقضا أوجاعه معلنا ومؤكدا قوة لاهوته…إنه قام بسلطان وترتيب ولا حاجة له إلي أكفان ومستلزمات الموتي لأنه كسر الموت وشوكة الموت وسلطان الموت…
+المسيح يأكد بعد القيامة…
كما أن القيامة كانت معلنة ببراهين كثيرة ومؤكدة حيث إن الرب ظهر بعد القيامة وأكد لتلاميذه قيامته المقدسة علما بأننا بعد القيامة العامة لا يكون فيها أكل ولا شرب وإذا كان أحد فيه جرح أو عاهة لا يقوم بها يقول الوحينزرع في فساد ونقوم في غير فساد نزرع في هوان ونقوم في مجد(كورنثوس الأولي15:42) ..ومع هذا قام الرب بجسده المجروح وجنبه المطعون لكي يؤكد لتلاميذه أنه هو مسيح العالم الحمل المذبوح لأجل خطاياهم كما أنه أكل معهم لكي لا يظنوا أنه خيال..إنما صنع هذا ليحقق لنا أجمعين أن الجسد الذي تألم به ومات هو الذي قام من بين الأموات…حتي إن تلاميذه في بادئ الأمر بعد القيامة عند دخوله العلية والأبواب مغلقة ظنوه أنه شبح ولكن الرب أذن لهم أن يقتربوا إليه وأن يجسوه كما قال لهم بأن الروح ليس له عظم ولا لحم يرون له لهذا نقول إنه قام حقا..وحقا قام…
+القيامة انتقال…
هكذا يقول قداسة البابا شنودة الثالث:القيامة انتقال من الباطل إلي عالم الحق من عالم الفناء إلي عالم البقاء من عالم كل ما فيه يبطل بعد حين إلي عالم باق ليس فيه بطلان عالم كل ما فيه حق وثابت وانتهت منه الخطية وأصبح كل ما فيه برا وفيه أيضا ينتقل الإنسان من عشرة إلي عشرة أنقي وأبقي وأصفي.
+مجد القيامة..
يقول القديس أوغسطنيوس:إن المجد…مختفي في جسد المسيح وليس غائبا عنه وذلك بعد قيامته من بين الأموات لأنه لا يمكن للأعين البشرية الضعيفة أن تحتمله وهذا كان من أهدافه المقدسة أن يتطلع أتباعه إليه حتي يعرفوه….
وهكذا بالقيامة تنعم نفسك بالغلبة والنصرة علي الموت وقوات الظلمة إذ صرت واحدا مع ذلك الذي هو غالب وخرج لكي يغلب!!…بالقيامة تنطلق النفس بالنصرة الروحية وتكرز بين المقيدين أنهم يستطيعون أن يتحرروا بالقوة الغالبة بالقيامة وتنطلق نفوسهم بالتسبيح في شركة سرية عميقة مع السمائيين…
+نصرة بلا كسرة..
نصره ثابتة لا تتغير..نصرة بالقيامة التي لا يوجد بعدها موت فكل الذين قاموا قبل المسيح ماتوا مرة أخري أما المسيح ربنا فقام ولم يمت هو الحي إلي أبد الأبدين ولا سلطان للموت عليه إذ يقول عنه الوحي الإلهي إنهباكورة الراقدين(كورنثوس الأولي15:20).
ولشدة هذه النصرة من مجد نسمع هتاف النصرة من رسله الأطهار وهم يتهللون قائلين:نحن لا يمكننا أن لا نتكلم بما رأينا وسمعنا(أعمال 4:19)…نصرة ثابتة إذ ظهر لتلاميذه وظل يظهر لهم مدة أربعين يوما يتكلم معهم عن الأمور المختصة بملكوت الله(أعمال 1:3) إنها النصرة…الفريدة بالقيامة التي تجعلنا نفرح ونسر ونهنئ بعضنا بعضا قائلين :المسيح قائم…بالحقيقة قام…