اليوم قد كملت النبوات وقد تمت أقوال الآباء الأولين… هذه العبارة هي ذروة الفرح والتي تطير معها الأفئدة إلي سماء السموات حيث عرش المخلص الذي يجلس عليه وحوله الملائكة وكل الطغمات السمائية… إن الإنسان في الكنيسة يكاد يري هذا المنظر رؤي العين حينما يردد لسانه العبارة السابقة في لحن القيامة المبهج… ولكن كنيستنا الملهمة بالروح القدس تذكرنا أنه لكي ما نستمتع بنورانية القيامة وقوتها لابد لنا أن نتذكر أنه كان قبلها رحلة عذاب ثم موت… وقبر مغلق… ولقد قام المخلص هازما لسلطان الموت وسجن القبر المظلم ليعلمنا ضرورة التحرر من كل القبور التي تخرجنا من دائرة الخلاص لتدخلنا دائرة إبليس الجهنمية… ولقد تناول الكتاب أنواعا عدة من القبور وأشهرها قبر محبة المال والتي هي للأسف سمة من هذا الزمن الشرير الذي نحياه ونكتوي بنار ماديته وقال عنها الكتاب في رسالة معلمنا بولس إلي تيموثاؤس (محبة المال أصل لكل الشرور) 1تيم 6:10 ولعل نظرة عابرة لما تمتلئ به صفحات الحوادث من الجرائم الأسرية- إن صح التعبير- والتي يروح ضحيتها آباء وأمهات وأبناء… كافية لندرك كم تهبط محبة المال بالإنسان.
ونلمح نفس المعني في رسالة يوحنا الأولي في قوله (لأن كل ما في العالم شهوة الجسد وشهوة العيون وتعظم المعيشة ليس من الآب بل من العالم) ايو 2:16.
ولعل كثيرا من جرائم الشهوة تدخل مرتكبيها في قبر شهوة الجسد المؤدي للهلاك… أما شهوة العيون وتعظم المعيشة ذاك القبر ذو المظهر البراق والذي شاءت ملايين ولا زالت ملايين أخري تشتهي أن تدفن فيه… فهو الذي نلمحه في قصة الغني ولعازر…
أما قبر محبة المراكز فقد وقع فيه التلميذان يعقوب ويوحنا ابنا زبدي عندما طلبا الجلوس عن يمين ويسار المخلص (مز 10:37) وإذا كانت المراكز هنا روحية فإن المخلص رفضها أيضا مثل المادية.
وبعد… فليست هذه بالطبع كل أنواع القبور… فهناك قبر الخطيئة المحبوبة وهناك قبر العادة الرديئة… وهناك قبر إنكار المسيح إرضاء للعالم أو طمعا في مكسب أو منصب… وهناك قبرالكبرياء و… و
فليبحث كل منا إذن بأمانة عن قبره الذي يمنعه من القيام مع السيد والتمتع بحياة النصرة… لقد هزم المسيح الموت والقبر… فهل تفعل أنت؟… وهل أفعل أنا…؟… إن فعلنا فطوبانا لأننا وقتها فقط نصل لميناء الخلاص مرددين معه بحق وبقلب صادق ونفس مستنيرة… أين شوكتك يا موت… أين غلبتك يا هاوية؟