بعد قيام ثورة 25 يناير عادت فكرة الهجرة لتحتل مساحة كبري في تفكير الشباب القبطي.. الأمر الذي بادرت معه اللجنة المسكونية للشباب والتي تمثل شباب الطوائف المسيحية الثلاث في مصر إلي تنظيم ندوة عن الهجرة والشباب يوم الثلاثاء الماضي بإحدي قاعات أسقفية الخدمات بالأنبا رويس, حاضر فيها الباحث والخبير القانوني نبيل منير- والذي يعد أحد المهاجرين إلي أمريكا منذ 20 عاما- وأثارت المناقشات حول الهجرة انقسام الشباب بين مؤيد ومعارض لها.. كل ما دار داخل الندوة التي كانت أقرب ما تكون لورشة عمل سجلناه وننشره هنا, ونترك للقاريء فيما بعد حرية الاختيار لهذا الفريق أو ذاك فسيبقي لكل القضايا فريق مؤيد وآخر معارض مادامت هناك حرية رأي.
مواطنون.. دون وطن
مطاردون كالعصافير
علي خرائط الزمن
مسافرون دون أوراق
وموتي دونما كفن
نحن بغايا العصر
كل حاكم يبيعنا ويقبض الثمن
نبحث عن قبيلة تقبلنا
نبحث عن عائلة تعيلنا
** بهذه الأبيات من قصيدة الشاعر نزار قباني مسافرون استهل نبيل منير الندوة.. ربما ليحرك مشاعر الشباب الحاضر إلي القضية الشائكة إلي جاء يتحدث عنها, وربما تقديرا وتكريما للشعر الذي يحبه ويستهويه.. وأعتقد أن الثانية هي الأقرب إلي الحقيقة أذ بدأ الندوة بعد قصيدة نزار بتساؤل عن معني الوطن مستشهدا أيضا بقول الشاعر أدونيس إن الوطن هو الذي أستوطن فيه ويستوطن في, أي الذي يحنو علي وأحمله في داخلي إلي كل بقاع الأرض, فالوطن ليس مجرد مكان الوطن هو الأصدقاء والأهل والعادات والتقاليد, وهو الذي يشارك فيه الإنسان لصنع مستقبله.
الهجرة.. أنواع
** أضاف الأستاذ نبيل موضحا أن الهجرة نوعان.. هجرة مكانية وتعني انتقال الإنسان من مكان إلي مكان آخر 00 وهجرة زمانية وهي أن تظل موجودا في بلدك ولكنك مغترب فيه, معزول أو منعزل عن المشاركة والعمل والحصول علي الحقوق- وعلق قائلا إنه يري أن هذا هو أصعب أنواع الهجرة- وهناك تقسيم للهجرة حسب المدة الزمنية التي يقضيها المهاجر فهناك هجرة مؤقتة مثل الهجرة بعقد عمل وهجرة دائمة مثل معظم الهجرة لأمريكا.
** والهجرة ليست ظاهرة حديثة.. أول المهاجرين كان إبراهيم أبو الآباء وكانت هجرته هجرة دائمة حيث استجاب إلي دعوة الله اذهب من أرضك وبيت أبيك لأجعلك أمة عظيمة وكان إبراهيم يعيش في أور الكلدانيين بأرض العراق وهاجر إلي أرض كنعان إذ كان بدويا والبدو يسهل عليهم أمر الهجرة من مكان إلي مكان بحثا عن الرزق, عكس حضارة الزراعة مثل حضارة المصرين الذين كان ارتباطهم أكثر بالأرض.. ولكن عموما شهدت الهجرة تزايدا في كل البقاع والحضارات.. وكشفت الإحصائيات في التسعينيات أن هناك 80 مليون مهاجر علي مستوي العالم, خاصة بعد أن جعل الإنترنت العالم قرية صغيرة فأصبح الإنسان ابن العالم وليس ابن مصر فقط مما يسهل عملية الهجرة نفسيا.
الدوافع.. والأسباب
** وعن دوافع الهجرة قال الأستاذ نبيل: تأتي الحرب كأول دافع للهجرة كما حدث في لبنان مثلا, ويليها المجاعات كما حدث في معظم الدول الأفريقية, وهناك دافع أهم هو القمع السياسي مثل ما حدث في مصر بعد ثورة يوليو 1952 وسيطرت ديكتاتورية النظام العسكري علي الحياة, واضطرت أعداد كبيرة للهجرة هربا من القمع والقهر, ويليه القمع الديني ويعني غياب حرية الاعتقاد, كما أن التكاثر السكاني وضيق المساحة من دوافع الهجرة, ففي مصر تستغل تسع المساحة فقط.
** وحول اتجاهات الهجرة في المستقبل قال إن علماء الهجرة يرون أن الهجرة مستقبلا سوف تتسم بسمات معينة أهمها التسارع, فرتم الحياة أصبح أسرع .. والتنوع, فأصبحت بدائل الدول التي تتم الهجرة إليها أكثر ولم يعد الأمر قاصرا علي أمريكا.. والعولمة, فالمعرفة بفضل الإنترنت أصبحت أسهل.. والتأنيث, فهجرة النساء ستكون بشكل أكثر.
** ما عن أسباب هجرة المصرين تحديدا فقال الأستاذ نبيل0 إن هناك عدة أسباب وراء هجرة المصريين يأتي علي رأسها الشعور بالاغتراب, فالمصري عاجز عن تحقيق طموحاته, وعدم وجود ضمان حقيقي لتكافؤ الفرص0
** وحول مشاكل المهاجرين قال إن هناك مشاكل عديدة تواجه المهاجرين منها صعوبة التكييف مع الظروف الجديدة, واختلاف العادات, ثم اللغة, والمشاكل النفسية مثل الحنين إلي مكان الميلاد وفقدان الأهل والأصدقاء, وكذلك ازدواج شخصية الجيل الثاني من الأبناء الذين يولدون خارج أوطان آبائهم.
هجرة الأقباط
** بدأت هجرة الأقباط بعد قيام ثورة 23 يوليو 1952 بشكل فردي أولا وفي عام 1961 وبعد قرارات التأميم التي قتلت المشروعات الخاصة والملكية الفردية أخذت هجرة الأقباط الشكل الجماعي, واتخذت من أمريكا وطنا مهجريا.. ومع المد الأصولي في عهد السادات استمرت هجرة الأقباط.. وبعد تنظيم اللوتارية أصبحت أسيوط والمنيا وبني سويف من أكثر مناطق المهاجرين الأقباط واستمر نفس الأمر في عصر الرئيس السابق مبارك, حيث ظلت المنيا أكثر المناطق التي يهاجر منها الأقباط لاشتعالها بالفتن الطائفية, وهو أمر مستمر حتي الآن.. وأضاف الأستاذ نبيل أن موجات الهجرة سوف تكون في ازدياد إذا حكم الإخوان المسلمون مصر.
** الهجرة لها جوانب إيجابية, ومحكها الأساسي هو تحقيق الذات لأن الإنسان إذا لم يحقق ذاته فسوف يتحول لإنسان مريض, كذلك تقدم الهجرة النموذج الفعال حول التنوع في الثقافات والعادات والتقاليد, فالمجتمع الأمريكي من أفضل المجتمعات في العالم, ولأن أمريكا احتضنت كل الثقافات أصبحت حضارتها مملوكة لكل البشر وبذلك غزت العالم بالنموذج الأمريكي.. وأضاف قائلا أنا أشجع من يريد أن يحقق ذاته أن يهاجر إذا لم يستطع تحقيقها في وطنه..
اعتراض00
الأستاذة مجدولين فوزي عضو اللجنة المسكونية للشباب سجلت اعتراضها علي تشجيع المحاضر للهجرة وقالت لابد أن يجد الإنسان نفسه داخل بلده , وأن يحارب لتحقيق ذاته فيه, والشعور بالأمان في حضنه والصلاة هي السلاح الحقيقي أمام كل الضيقات.
** وانقسم الشباب الحاضرون في الندوة إلي قسمين. رافضين الهجرة. ومؤيدين لها.. وقد طرحت هيئة تنظيم الندوة علي الفريقين عددا من الأسئلة هي:
أولا: هل أصبحت مصر بيئة مناسبة للاستقرار وماذا تمثل لك؟
ثانيا: ما هي الدوافع التي تدفعك إلي اختيار الهجرة؟
ثالثا: أو ما هي دوافع بقائك في مصر؟
رابعا: هلي تطلعك إلي الهجرة يلغي شعورك بالانتماء؟
خامسا: هل وجودك في مصر يرضي طموحك العملي والفكري والاجتماعي؟
سادسا: لماذا أصبحت الغالبية العظمي من المهاجرين المصريين مسيحيين؟
الرافضون..
** جاءت إجابات المجموعة الرافضة للهجرة كالتالي:
ــ أن مصر أصبحت ــ بالأمل ــ جاهزة للاستقرار وهي بلد قابل للاستصلاح.
ـ لو فكر الجميع في الهجرة سوف يستحيل الاستقرار في مصر ومصر بالنسبة للرافضين هي المكان المناسب لصنع الحياة
ــ مصر هي جزء من كياني الإنساني وسبب في جودي في هذا الوطن
** وحول دوافع البقاء في مصر قالوا:
ـ هناك حلم لتغير التعليم والصحة وتحقيق الوطن الذي أحلم به وحب التاريخ والحضارة والخصوصية التي لامثيل لها في العالم وهي مسئوليتي…
** وحول الإجابة عن سؤال: هل وجودك في مصر يرضي طموحك.. قالوا:
ــ إن مصر تربة خصبة لتحقيق الطموح, وحال البلد يدعو للطموح
** وحول إجابة سؤال: لماذا أصبحت الأغلبية العظمي من المهاجرين مسيحيين.. قالوا:
ـ إن فكرة الاضطهاد تسيطر علي الكثير من المسيحيين وأن الكنيسة فصلت بين الناس والمجتمع
المؤيدون..
** مصر بيئة غير مناسبة ولا يمكن تحديدا كونها مستقرة الآن لأن الرؤية غير واضحة, ومصر أمامها نحو 10 سنين حتي تستقر.
** أما دوافع الهجرة فهي:
عدم إمكانية الاستقرار المادي, وتحقيق مستقبل أفضل للأبناء, ولتحقيق مستوي معيشة أفضل, والخوف من سيادة السلفيين, وسوء التعليم, وسلبيات الثورة.
** وكانت المفاجأة أن حتي المؤيدين للهجرة قالوا في إجابتهم علي السؤال الأخير إنه لاتوجد أرقام تحدد أن المسيحيين هم الأغلبية في رغبة الهجرة, ولو حدث اضطهاد للمسيحيين سوف نظل موجودين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
جانب من الحضور في الندوة 00
وإحدي المشاركات تحاول
الإجابة علي السؤال الحائر: نهاجر أم لا؟!