أثرت الثورة علي كل مؤسسات المجتمع الحكومية وغير الحكومية… وهذا ما وجدناه في مؤسسات المجتمع المدني, حيث علمنا مؤخرا أن مؤسسة حقوقية تقدمت بدعوي قضائية ضد مؤسسة أخري, وعندما أردنا الاستفسار من أحد طرفي القضية رفض التعليق قائلا إن هذا الحديث سيشوه صورة المجتمع المدني فكان الرد: بل سيفرز الصالح من الطالح, وأين الشفافية التي تطالب بها المنظمات والمؤسسات الحكومية.
حول هذا التحقيق تحدثنا مع محمد منيب المحامي ورئيس المنظمة الأفريقية لحقوق الإنسان, وقال: من حيث المبدأ من حق أي شخص كان أو مؤسسة أن يحتكم إلي القانون ومؤسسات الدولة لكي يحصل علي ما يدعي أنه حق أو يمنع ما يتصور أنه خطأ أو مخالفة قانونية. وهذا الحق ينبغي أن يكفل ويحترم من الكافة في مواجهتهم للكافة باعتبار أن سيادة القانون يجب أن تكون هي المرجع حتي لا يسمح للأفراد أو الجماعات أيا كانت توجهاتهم أن يقيموا من أنفسهم سلطات تحقيق وتنفيذ وقضاء كما نري هذه الأيام… وبإسقاط هذا المنطق علي المؤسسات, فإن بالتأكيد لا يمكن أن يكون هناك خطأ عندما تستخدم إحدي المؤسسات القانون وتقديم شكوي من أي نوع ولايحرم المشكو في حقه من أن يقدم أيضا ما عنده من أدلة لمواجهة هذا الادعاء.
أضاف منيب: المشكلة باختصار تكمن في أن الجو العام والثقافة العامة في مصر التي ينبغي أن تتغير في هذه المرحلة المهمة- والتي مازالت تعتبر أن اللجوء للقضاء هو إدانة مسبقة للمشكو في حقه وكأنه نشر للغسيل القذر وفي المقابل يبدو الأمر وأن هذه المؤسسات تحاول المداراة علي بعض الأسرار الخاصة بها والتي من المفترض ألا يعرف المجتمع عنها شيئا, وهنا مكمن الخطأ والخطر, من حيث المبدأ ينبغي أن تكون مؤسسات المجتمع المدني وعلي رأسها المؤسسات الحقوقية هي المبادرة بكشف ما لها وما عليها بمعني أن الحديث الدائم عن الشفافية لايعني أنها قاصرة علي الحكومة والسلطات التنفيذية فقط, وإنما ينبغي عند الحديث عن الشفافية أن نكون مستعدين كمؤسسات أهلية أن تكون أوراقنا مكشوفة للرأي العام والمواطن المصري وجهات التحقيق, وإلا سيكون السؤال البسيط مما تخاف أو تخشي هذه الجمعيات؟ السؤال الثاني هل يمكن لمبدأ الشفافية أن يتجزأ؟ فيكون البعض ملزما بها والآخر محصنا ضدها؟
أكد منيب علي ضرورة أن تكشف جميع أوراق المؤسسات ومن يخشي الرأي العام عليه أن يراجع نفسه فهو إما أخطأ في تصرفاته أو أنه يمارس سلوكا مخالفا لما ينادي به, وفي الحالتين هذا يعني أن مصر بدأت مرحلة تنقية كافة القطاعات بما فيها قطاع الجمعيات الأهلية الحقوقية, وهذا في حد ذاته شأن إيجابي بغض النظر عن صحة الاتهامات من طرف إلي آخر أو عدم صحتها.. وعلي الجمعيات وخصوصا الحقوقية أن تلتزم بالشفافية والنزاهة التي تنادي أن تكون جوهر عمل كافة المؤسسات الرسمية وغير الرسمية.
وأوضح نجاد البرعي المحامي بالنقض ورئيس المجموعة المتحدة للمحاماة أن اللجوء إلي القضاء في خلاف هو مظهر حضاري ولا يوجد به أي تشويه لأي صورة ولا يؤثر سلبيا علي صورة المجتمع المدني بل يجعلها متسمة بالحضارة والاحترام.
وعن أثر ذلك علي جهات التمويل صرح لنا أحد المسئولين بجهة تمويل ألمانية, أن التمويل بشكل عام إلي مصر تضاعف في الوقت الراهن فقد زادت عن العام الماضي 3 ملايين يورو, وبالنسبة إلي المؤسسة التي يقدم ضدها دعوي قضائية يتم قطع التمويل ولو قدمت مشروعا سيتم رفضه وسيكون نفس الشيء بالنسبة لجهات التمويل الأخري فكل جهات التمويل العاملة في مصر بينها بروتوكول مشترك للتعامل مع المؤسسات وملزمة إن علمت جهة بأنه يوجد مؤسسة لديها مشاكل قضائية أن تبلغ الجهات الأخري لقطع التعامل معها.