على مدى ثلاثين عاماً من الإبداع نجحت مجلة فصول فى أن ترسخ دورها الجاد فى حركة الثقافة العربية من حيث طرح أسئلة الحداثة والتحديث, واستطاعت أيضا أن نضع النص الإبداعى العربى بمختلف مستوياته وأنواعه أمام تلك المفاهيم المتعددة اكتشافاً لقدرة هذه المناهج على قراءة نص فى سياق ثقافى مغاير ومساءلة فى الوقت نفسه النص والمنهج معاً.
بهذه الكلمات قدمت الأستاذة الدكتورة هدى وصفى لمجلة” فصول من النقد الأدبى” والتى تصدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب فى عيدها الثلاثين. وتضيف رئيسة تحرير المجلة من أهدافى : التحاور مع الآخر محلياً وإقليمياً ودولياً، وأيضا استكشاف أصوات نقدية جديدة تؤكد على أصاله ثقافتنا العربية وقدرتها على التجدد والاستمرارية.
تضمنت فصول ” فى عيدها الثلاثين عده دراسات فى الشعر والرواية, قراءات النثر القديم بين النقد الأدبى والنقد الثقافى, التواصل مع رؤى الآخر : ” فصول ” ودراسات المستشرقين للأدب العربى, النقد الثقافى والسرديات الكبرى فى كتابات سامى خشبة, آلهة العرب قبل الإسلام فى الشعر الجاهلى, حول رواية ” صخب البحيرة ” لمحمد البساطى شعرية السرد فى رواية ” ذاكرة الجسد ” لأحلام مستغانمى, وهناك قراءتان فى رواية ” وراق الحب ” و ” أديب بدين الحب ” لسعيد الوكيل, بالإضافه إلى التعرض لرسالتين علميتين أكاديميتين من رسائل الماجستير التى تناولت ” فصول ” بالنقد والتحليل إحداهما لقسم الأدب والنقد بالجامعة الهاشمية فى المملكة الأردنية الهاشمية, وقد حظيت بعد إجازتها علمياً بالموافقة على النشر بدعم من وزارة الثقافة الأردنية وصدرت عام 2009 عن دار ابن الجوزى للنشر والتوزيع فى طبعتها الأولى بعمان .
أما الرسالة الثانية فتقدم بها الطالب اليمنى عادل قاسم الشجاع إلى معهد البحوث والدراسات العربية, قسم الدراسات الأدبية واللغوية وأشرف عليها الأستاذ الدكتور عز الدين إسماعيل وشاركه فى الإشراف الدكتور وليد منير, ووضحت الرسالة دور مجله فصول فى رسم ملامح النقد العربى, حيث قامت المجلة بدراسة مصادر التراث الثقافى المحير, وإدراك العلاقة الحوارية بين الذات ” كمتشكل ثقافى ” والآخر ” كمتشكل معرفى “من خلال التيارات الوافدة والمؤثرات الثقافيه ومختلف صور الحوار مع الثقافات الأخرى.
كتب الناقد الدكتور مدحت الجيار تحت عنوان : ” ثلاثون عاماً على مجلة فصول – شهادة نقديه ” : طرحت المجلة أسئلة حديثةة على الناقد والمبدع والمتلقى على السواء وأحس الجميع أنهم مقبلون على التعلم من جديد, لأن العالم قد تغير فى الربع الأخير من القرن العشرين, بما لا يقاس فى طرق الكتابة والتلقى والطباعة والنشر, والنقد لا ينفصل عن هذا التغير الحادث فى عالم أصب حقرية صغيرة, ثم أصبح حجرة صغيرة, وجهاز بحجم الكف لأن ما وصل قبل ذلك كان يناسب مرحل انتهت أو كانت لا تكفى وحدها
أحلام مستغانمى ذاكرة الجسد
وفى ما كتبته دراستها عن رواية ” ذاكرة الجسد ” لأحلام مستغانمى للأديبة الجزائرية نقرأ آمنة يوسف : تستعين الرؤية الداخلية المنطلقة هنا من أسلوب السرد الذاتى بعده ضمائر مثل ضمير الخطاب, الضمير الرئيسي الذى يهيمن على معظم السرد, ذلك أن الراوى يتخيل حبيبته الغائبة موجودة أمامه, وحاضرة فى مخيلته التى تتوقع أن تقرأ الحبيبة هذه المذكرات التى ينوى الراوى تدوينها على شكل رواية تحمل عنوان ” ذاكرة الجسد ” كرد فعل لرواية الحبيبة التى قرأ خبر صدورها فى الجريدة وهى تحمل عنوان ” منعطف النسيان ” كأنما تذكرنا الروائية الواقفة خارج بنية السرد الروائى بأنها موجوده فنياً داخل الرواية, سواء أكانت متخذة قناع الراوى الرجل أم هى الحبيبة التى تتخذ دور روائية فى بنية الرواية كأنما تصر الروائية أحلام مستغانمى على إيهامنا فنياً بحضورها المتستر تارة بقناع فنى يخولها لأن تكون راويا ( رجلا ) وبحضورها المكشوف تارة كأنثى روائية, وتضيف الناقده آمنه يوسف : لقد انتهت الرواية بهذا الإيقاع الشعرى وبهذا القناع الزمنى, وبهذا الفيض من الإيهامات الفنيه وبهذا الفيض من الفنيات التى ما هى – برأينا – سوى أسلوب من أساليب المناجاة الذاتية المنهمرة مع فيضان التذكر بأنواعه المختلفة, والمناجاة فى حد ذاتها خطاب مضمن داخل خطاب آخر يتسم حتماً بالسردية : الأول جوانى , والآخر برانى , ولكنهما يندمجان معاً اندماجاً ناماً , فيذوب الأول فى الثانى, والثانى فى الأول : لإضافه بعد حدثى , أو سردى , أو نفسى إلى الخطاب الروائى
خليل صويلح … ووراق الحب
وعلى هذه الصفحة نعرض لقرائتين مختلفتين عن رواية ” وراق الحب ” للأديب السورى خليل صويلح , الأولى لمحمد العبد الذى نجده يقول : يبنى الكاتب السورى خليل صويلح فى روايته ” وراق الحب ” ( دار الشروق – 2008 ) عالماً روائياً جديداً يستمده من دور الوراقين فى الثقافة العربية, فالوراق البطل يقص أفكاراً مختلفة لكتابة رواية منتظرة يريد لها أن تبنى على نسخ أجمل ما قيل فى الحب والفراق , وهو فى ذلك يلجأ إلى تقنيات سردية عده تلعب كل منها دورها فى إنتاج الدلالة فى خطاب الرواية. والكاتب يجمع بين ما قبل وحكى تجارب سابقه وبين ما يقوله الآن ويحكى تجاربه الشخصية مع الحب واللذة، أما القراءة النقدية للرواية، فهى – فى مجملها إجابة من السؤال : كيف يتحول قص الحب واللذة إلى خطابيه لإنتاج لذة القص ؟ وما الأشكال التى تتبدى فيها لذة القص بما يجعل للرواية شفرتها اللغوية الخاصة.
أما الناقد سعيد الوكيل فكتب عن ” وراق الحب ” تحت عنوان ” أدين بزمن الحب ” : يحاول هذا النص أن يستخدم أسلوبا منفرداً فى مقاربة رواية ” وراق الحب ” للكاتب السورى خليل صويلح , بحيث تتحقق موازاة بين القراءة والرواية, فينتج لنا نص على نص, وعلى هذا يتقمص الباحث رداء القارئ العادى ليتقرب من روح النص محللاً حيله الفنية وعناصره المتشابكة, حريصاً على المزج بين الرؤية وتقنيات الكتاب. ويحاول سعيد الوكيل الشخوص, ولا يغفل تحليل العلاقة المعقدة التى تنشأ بين القارئ والنص, وارتباط ذلك كله برؤية العالم وتداخل النصوص الذى كان له الحظ الأوفى حضوراً من بين تقنيات الإبداع.
==
س .س
17 ابريل 2011