العقيدة المصرية القديمة ظاهرة اجتماعية نشأت مع الإنسان الأول في مرحلته البدائية تحت تأثير ارتباطه ببعض القوي الطبيعية التي لم يجد لها تفسيرا وحاول التقرب إلي تلك القوي هادفا الاستزادة من النفع منها والتقليل من الضرر أو استخدامها لجلب الدمار لأعدائه وتمثلت قوي الطبيعة في الشمس والقمر والسماء والفيضان وغيرها.. ومظاهرها. وعندما اختار المصري البدائي بعض الحيوانات والطير ليقدسها, اختار وجهة نظر جديدة لم تكن موجودة من قبل, فاعتقد أن هذه القوة العلوية إلهية, ولرغبة كل إله منها أن ينزل ويتجول بين عباده علي الأرض, عليه أن يختار أحد الحيوانات أو الطير ليحل فيه, فيما يعرف بنظرية الإحلال وتصور المصري القديم وجود لحظة أزلية ما, تخلقت فيها العناصر الكونية والآلهة المختلفة للمرة الأولي, أطلق عليها بدء الخليقة أو الوجود الأول أو نشوء العالم المرئي, فقبل هذا الانبثاق الخلقي كان هناك زمن لم تكن فيه ثمة سماء أو أرض أو بشر.. بل لم يكن أيضا أسماء للأشياء حيث لا توجد أشياء.
تعددت الآراء حول ذلك الخلق وقدم العديد من اللاهوتيين النظريات لتفسير نشوء العالم, وكان أعظمها أهمية ثلاثة وهي فلسفة الأشمونيين, وهوليوبوليس, وأسطورة منف.
الأشمونون أو الثامون نسبة إلي ثمانية معبودات أربعة ذكور وأربع إناث, نون وتونيت زوجان يمثلان العمق العظيم, حوح وحوحت زوجان يمثلان اللانهاية, كوك وكاوكت يمثلان الظلام المخيم, أمون وأمونت يعبران عن اللارؤية.
هوليوبوليس أو عين شمس معبودها الإله أتوم وبدأ وجوده الذاتي فوق قمة تل أزلي انبثق عندما انحسرت مياه المحيط السرمدي عنه, ثم خلق هذا الإله نفسه بنفسه عندما نطق اسمه, وبدوره خلق الإله شو رب الهواء وتفنه ربة الرطوبة, وتزوج شو وتفنه وأنجبا اثنين هما جيب وأخته نوت, وتزوج هذان وأنجبا أربعة: أوزوريس وإيزيس وسيت ونفتيس, غير أن الجد الأكبر رب الأرباب أتوم غضب لهذه الزيجة فأمر شو أن يفصل بينهما فكان جيب رب الأرض ونوت ربة السماء.
أسطورة منف تقول: إن الإله بتاح الذي ضم مبادئ الخلق في شخصه, صنع العالم بفعل قلبه, الذي استوعب فكرة الشيء الذي يخلقه, وبفعل لسانه الذي نطق بهذه الفكرة.
آمن المصري القديم بالبعث والخلود, واعتقد أن الموت يصيب الجسم الخارجي فقط, لذلك تمت عملية التحنيط لمساعدة الجثة في أن يحتفظ الجسم بهيئته, في حين تبقي عناصر أخري مرتبطة بالجسم تتمتع بالحياة في العالم الآخر وهم:
البا: هي الروح, وصورها المصري القديم علي هيئة طائر له رأس إنسان, وهي تنفصل عن الجسم عند الموت وكثيرا ما كان يؤثر الخروج إلي الفضاء ويزور الأماكن التي كان الميت يحبها كالبركة التي أزال فيها متاعب نهاره أو الشجرة التي تمتع تحتها ببرودة المساء.
الكا: هي القرين عبارة عن جسم أثيري حي يسكن الجسم المادي ويتطابق معه في كل شيء لكنه ينفصل عنه عند الموت ويبقي حيا مع الجسم مادامت الجثة محنطة وتقدم إليها القرابين – ويعبر عنها الفنان المصري في رسومه أو تماثيله بشكل إنسان يحمل فوق رأسه ذراعين مرفوعين لأعلي.
الإيب: أي القلب الذي اعتبره المصري بمثابة الضمير الذي يصبح شاهدا عندما يمثل الميت أمام محكمة الإله أوزيريس حيث يوزن فيحدد مصيره إما إلي الجنة أو إلي العذاب.
ماركو نجيب كيرلس
ماجستير إرشاد سياحي
- مدخل للتذوق الفني – الفنون البدائية والفن المصري القديم
د. صبري محمد عبدالغني
- معجم الحضارة المصرية: جورج يوزنر وآخرون