تحدثنا من قبل عن رموز الروح القدس.ومنها الماءيو7:38:39والزيت الذي منه المسحة المقدسة1يو2:20خر30:24:25يرمز إلي الروح أيضا الحمام,كما ورد في قصة العمادمت3:16وأيضا الريح كما في يوم الخمسينأع2:2-4وفي الواقع أن كلمة أبنفما باللغة اليونانية تعني الروح أو الريح.
النار أيضا يمكن أن ترمز إلي الروح القدس وإلي اللاهوت بصفة عامة,كما سنري
الروح القدس حل علي التلاميذ في يوم الخمسين علي هيئة ألسنة من نارأع2:43.
وبعد أن استقرت هذه الألسنة عليهمامتلأ الجميع من الروح القدس,وبدأوا يتكلمون بألسنة أخري كما أعطاهم الروح أن ينطقواأع2:4…مع أنهم من قبل كانوا قد أخذوا الروح في الكهنوت بالنفخة المقدسة من فم الربيو20:22
وهكذا يسمي الروح القدس الذي حل علي التلاميذ بالروح لأنه أشعل قلوبهم بالخدمة وصارت كلماتهم التي ينطقون بها في الخدمة كلمات نارية.
لا ننسي أيضا قول الكتابإلهنا نار آكلةعب12:9.
وقد اقتبس بولس الرسول هذا التعبير من سفر التثنية تث4:24.
وهكذا حل مجد الرب علي جبل سيناء حينما سلم لموسي لوحي الشريعة وكان منظر مجد الرب كنار آكلة علي رأس الجبلخر24:17…وفي ذلك قال موسي النبي لبني إسرائيل وقفتم في أسفل الجبل,والجبل يضطرم بالنار…فكلمكم الرب من وسط النارتث4:11:12وأيضا تث4:33:36
وبنفس الوضع كلم الرب من النار في العليقة.
ظهر له بلهيب نار من وسط عليقة.ونظر وإذا العليقة تتوقد بالنار,والعليقة لم تكن تحترق….وناداه الله من وسط العليقة….فغطي موسي وجهه لأنه خاف أن ينظر إلي اللهخر3:2-6.
هنا إلهنا نار آكلة,ويكلم الشعب وموسي من وسط النار
النار إذن ترمز إلي اللاهوت .وهذا ما تشير إليه المجمرةالشورية.
في المجمرة يوجد الفحم المتقد بالنار…الفحم يرمز إلي الناسوت,والنار ترمز إلي اللاهوت,واتحادهما معا يرمز إليه هذا الجمر المتقد أما المجمرة نفسها فترمز إلي القديسة العذراء مريم,التي حملت في داخلها الناسوت متحدا باللاهوت…ولذلك نلقبها في تسابيح كيهك; بأنها شورية هارون….
وكما ترمز النار إلي اللاهوت,هكذا ترمز إليه أيضا في السرج المتقدة.
أمر الرب بصنع السرججمع سراجفي خيمة الاجتماع.وكانت سبعة ومن ذهب نقيخر37:23وقال الرب لموسيوأنت تأمر بني إسرائيل أن يقدموا إليك زيت زيتون مرضوض نقيا للضوء لإصعاد السرج دائما في خيمة الاجتماعخر27:20….فإلي أي شيء يرمز كل هذا؟
الزيت الذي في السرج يرمز إلي الروح القدس.
ولكن لابد أن يكون لهذا الزيت عمل وفائدة للشعب.
الفائدة التي يجنيها الشعب من زيت السرج هي الاستنارة ولا تأتي إلا بالنار,يإيقاد السرج.ففي السرج إذن يوجد رمزان للروح القدس,وهما الزيت والنار,يعملان معا لإنارة الشعب المؤمن,الذي يعبد الله في خيمة الاجتماع….وجميل أنه قيل عن هذه السرجيرتبها هرون وبنوه من المساء إلي الصباح أمام الرب فريضة دهرية في أجيالهمخر27:21.
أي أنه عمل للروح القدس عن طريق الكهنوت.
وهذه الاستنارة التي ينالها المؤمنون بواسطة الروح القدس,ذكرها القديس بولس الرسول بقولهلأن الذين استنيروا مرة وذاقوا الموهبة السماوية,وصاروا شركاء الروح القدس…عب6:4
هذه الاستنارة ننالها من الروح القدس مرة في المعمودية حينما يجدد طبيعتنارو6:4لهذا قيل أنه يعمدنا بالروح القدس والنارلو3:16وهذه النار تخلصنا من الإنسان العتيق وجسد الخطية رو6:6
والاستنارة أيضا ننالها مرارا عديدة عن طريق التعليم بتجديد أذهاننا رو12:2وهكذا قيل في ذلك سراج لرجلي كلامك ونور لسبيليمز119وسنعود إلي هذا المعني مرة أخري.
لذلك كله كان يأمر الرب أن تكون سرجنا موقدة
لتكن أحقاؤكم ممنطقة وسرجكم موقدة وأنتم مثل أناس ينتظرون سيدهم متي يأتيلو 12:36,35ولايمكن أن تكون سرجنا موقدة ألا بعمل النار والزيت فيها أي بعمل الروح القدس…ولابد أن يستمر هذا العمل فينا,مادمنا مستعدين لمجيء الرب…
وكون السرج سبعة يرمز إلي كمال عمل الروح القدس في إنارتنا.
وكما كانت السرج دائمة الاتقاد في خيمة الاجتماع هكذا كانت أيضا في هيكل سليمان وقيل في ذلكوعمل سليمان كل الآنية التي لبيت الله…والمنائر وسرجها لتتقد حسب المرسوم أمام المحراب من ذهب خالص 2أي4:20,19.
وكونها من ذهب خالص,يرمز إلي قيمتها العظيمة وقيمة عملها أمام الرب وأهميته
رمز عمل الروح القدس في السرج,أي عمل الزيت والنار,يذكرنا أيضا بالشموع في الكنائس.
هي أيضا من زيت وتتقد بالنار وتفيد في الإنارة..وحينما توضع أمام أيقونة قديس إنما ترمز إلي أن هذا القديس كان نورا…بعمل الروح القدس فيه,بالزيت والنار…
وما دمنا في مجال الحديث عن الإنارة بالروح القدس أي بالنار لابد أن نذكر مثالا مهما وهو.
كان الرب وهو يقود الشعب في برية سيناء,إنما يقودهم ليلا بعمود النار.
وهكذا قيل في سفر الخروجوكان الرب يسير أمامهم نهارا عمود سحاب ليهديهم في الطريق وليلا في عمود نار,ليضيء لهم….خر13:21….لاحظ هنا قوله عن عمود النار إنالرب كان يسير أمامهم…واستمرت هذه القيادة الإلهية فقيل لم يبرح عمود السحاب نهارا وعمود النار ليلا من أمام الشعبخر13:22أنقول إذن أنه كان يقودهم بروحه القدوس؟..إنه لكذلك…
ويتكرر ظهور الرب مرة أخري في عمود النارفي قصة الخروج,فيقول الكتاب إنالرب أشرف علي عسكر المصريين في عمود النار والسحاب..خر14:24.
وكان الرب يظهر لحزقيال النبي في منظر النار هذه,وكذلك ليوحنا الرسولي في سفر الرؤيا.
يقول حزقيال النبي إنه رأي عرش اللهوعلي شبه العرش شبه كمنظر إنسان عليه من فوق…كمنظر نار داخله من حوله.من منظر حقويه إلي فوق ومن منظر حقويه إلي تحت,رأيت مثل منظر نار,ولها لمعان من حولهاحز1:26:27حز8:2
والقديس يوحنا الحبيب يقول عن رؤياه للرب:وعيناه لهيب نار,ورجلاه شبه النحاس النقي كأنهما محميتان في أتون….وجهه كالشمس وهي تضيء في قوتها رؤ1:14-16
ننتقل من كل هذا إلي نقطة أخري وهي:
كان قبول الرب للذبائح والمحرقات,يكون عن طريق النار التي تأكلها.
المحرقات تشمل أمرين هامين هما الدم والنار كان الدم يرمز إلي الثمن المدفوع والنار ترمز إلي قبول الله لهذا الثمن وهكذا كانت نار المذبح تتقد عليه ,نار لاتطفأ حتي تتحول ذبيحة المحرقة إلي رمادلا6:9-3.
وحدث هذا في المحرقات التي قدمها إيليا النبي,وصب عليها ماء متحديا أنبياء البعل والسواري فسقطت نار الرب,وأكلت المحرقة والحطب والحجارة والتراب ولحست المياه التي في القناة1مل 18:38.
ونفس الوضع في تقدمة جدعون.اللحم والفطير.
يقول سفر القضاةفصعدت نار من الصخرة وأكلت اللحم والفطيرقض6:12.
وخروف الفصح كان مشروطه أن يكونمشويا بالنارخر12:9هنا لم تأكله النار,لأنه ليس محرقة ولكن يكفي أنه كان مشويا بالنار.
هذه النار كلها كانت ترمز إلي العدل الإلهي:
العدل الإلهي يستوفي عن طريق النار تأكل المحرقة كلها فإن حولتها إلي رماد يكون الله العادل قد استوفي حقه كاملا ,كرمز تم في ذبيحة المسيح.
وهكذا قيل عن المحرقة والذبائح التي قدمها سليمان في يوم تدشين الهيكلولما انتهي سليمان من الصلاة نزلت النار من السماء وأكلت المحرقة والذبائح وملأ مجد الرب البيت2أي7:1.
وكما كانت النار تشير إلي روح الله,كذلك كانت تشير إلي الأرواح المحيطة بالله أي الملائكة.
وهكذا قيل عنهم في سفر المزاميرالذي خلق ملائكته أرواحا وخدامه نارا تلتهبمز104:4كذلك حدث لما أحاطت جنود الآراميين بمدينة دوثان حيث كان يوجد أليشع النبي,وأراد الرب أن ينقذه منهم,إذا بالجبل مملوء خيلا ومركبات نار حول أليشع2مل6:17وكان هؤلاء هم الملائكة السمائيون الذين أتوا لحمايته
والمركبات النارية هي التي حملت إيليا النبي إلي السماء.
تبع أليشع النبي معلمه وأباه الروحي إيليا النبي..وفيما هما يسيران ويتكلمان إذا مركبة من نار وخيل من نار,ففصلت بينهما فصعد إيليا في العاصفة إلي السماء2مل2:11…ماذا كانت هذه المركبة النارية سوي جماعة من الملائكة حملوه إلي السماء لأنها من المستحيل أن تكون نارا مادية…بل أنها من أولئك الذين قال عنهم المزموروخدامه نار تلتهب مز104.
فلنستمع إذن إلي مايقوله دانيال النبي عن رؤيته لعرش الله:
يقول عرشه لهيب نار وبكراته نار متقدة نهر نار جري وخرج من قدامه ألوف ألوف تخدمه وربوات ربوات وقوف قدامهدا7:10,9
أنه ليست نارا مادية بالطبع أتراه ما قيل عن الرب أنه الجالس فوق الشاروبيممز99:1…
أتراها الملائكة تحمل عرش الله؟أم تري عرشه هو
الملائكة؟أم هو المجال الروحي العالي غير المدرك؟!!ليتني أعرف هذا اللهيب النار…
النار أيضا تطلق علي كلام الله,في حرارته,وفي فاعليته إذ يلهب القلوب:
وهكذا ورد في سفر أرمياء النبيأليست هكذا كلمتي كنار,يقول السيد الربأر23:29.
وقال الرب لأرمياء النبي هأنذا جاعل كلامي في فمك ناراأر 5:14ويختبر أرمياء هذه النار فيقول عن كلام الرب إليه فكان في قلبي كنار محرقة..أر20:9
حقا إن الذي يأخذ كلاما من الروح القدس الناري يكون هذا الكلام نارا في قلبه ونارا في فكره وعلي لسانه,يشعله ويشعل سامعه.
ألعل السيد المسيح قصد هذا المعني حينما قالجئت لألقي نارا علي الأرض,فماذا أريد لو اضطرمت لو12:49.
جاء يلقي الروح الناري في الناس الألسنة النارية التي تستقر عليهم.الكلام الناري الذي يخرج من أفواهم,الخدمة النارية الملتهبة بالروح…الملكوت الذي انتشر كنار تسري…هكذا يكون الخدام.وهكذا قال القديس يوحنا الرائي عن الزيتونتين والمنارتين القائمتين أمام رب الأرضتخرج نار من فمهمارؤ11:5,4
النار للمنفعة والبناء وأيضا للعقوبة:
وهكذا عاقب الرب سادوم بنار احرقتها تك19وقيل في سفر العدد عن تذمر بني إسرائيلوسمع الرب فحمي غضبه واشتعلت فيهم نار الرب,وأحرقت طرف المحلةعد11:1…والأمثلة كثيرة…
ومن أمثلة ذلك أيضا النار الأبديةمت25:41,نار جهنممت5:23والبحيرة المتقدة بنار وكبريت رؤ14:10 رؤ20:10 والناالتي تحرق الزوان مت13:40 وأتون النار مت13:50
كذلك نفرق بين نار الرب والنار الغريبة.
لقد عاقب الرب من قدم نارا غريبة لا10:21عد 26:61ومن الناحية الروحية نقول:
أخطاء اللسان شبهت بنار فقال معمنا يعقوب الرسول اللسان نار,عالم الأثم…الذي يدنس الجسم كله ويضرم دائرة الكون ويضرم من جهنم يع3:5, 6.
وقال سليمان الحكيم عن خطية الزنا أيأخذ إنسان نارا في حضنه ولاتحترق ثيابه؟!أو يمشي إنسان علي الجمر ولا تكتوي رجلاه؟!أم 6:27:28.