هو إعلان حب الله للإنسان بصورة لا تخطر علي العقل البشري, فالإنسان بسقوطه في خطيئة المعصية, ومخالفة وصية الله, خسر كل شيء وصار في وحل الدنس والخطيئة.
وطرد من حضرة الله إلي أرض الشقاء, والتعب, وحلت عليه الظلمة, والموت, وتكالبت عليه الشهوات الأرضية, وتملك عليه الشيطان, وانحرف الإنسان عن مصدر خلقته وهو الله وصار يدور حول ذاته ويؤله نفسه.. وفشل في أن يصنع الصلاح الذي يرضي الله.
وحتي حينما وضع الله للإنسان الناموس, أظهر الإنسان عجزه وضعفه عن عمل الصلاح والبر, وكل النفوس الصالحة كانت تئن وتتألم لأنها غير قادرة علي الوصول لله.
هنا استعلنت محبة الله للإنسان لأنه جاء هو بنفسه إلي الإنسان الساقط الضعيف, وأخذ الطبيعة الضعيفة.. بكل ما فيها من ضعف.. فيما خلا الخطيئة وحدها لأنه قدوس بلا عيب ولا دنس. أخذ الذي لنا.. وأعطانا الذي له.
فبالتجسد الإلهي أنعم علينا بالبنوة, وصرنا أبناء لله بنعمة التجسد الإلهي.. وحطم العداوة القديمة التي غربتنا عن الله, وأعاد الإنسان إلي الصورة الأولي التي خلق عليها, بعد أن تشوهت بالخطيئة.
في تجسده.. فتح باب المصالحة بين الله الآب الخالق.. والإنسان المخلوق الذي ارتكب المعصية.
في تجسده.. صنع سلاما, فرحت به السماء والأرض.. ونشدت السماء علي الأرض, نشيد الحب والسلام.
فبميلاده العجيب.. وهب الحياة للإنسان.. بسر لا ينطق به.. وأعطي السلام للإنسان مع نفسه وأعطي السلام للإنسان مع أخيه الإنسان.. وعاش الكل في سلامة.. ومصالحة أن هناك شهودا لسر الميلاد استحقوا أن ينظروا هذا السر العظيم.. ويشهدوا له.
من شهود سر الميلاد المجيد
السيدة العذراء والدة الإله
السيدة العذراء كلية الطهر.. الممتلئة نعمة.. اختارها الله وقدسها.. وطهرها.. وهيأ مستودعها لتصير أما له, هذه الشخصية التي قبلت البشارة بالتواضع.
شهدت هذا السر العظيم, وعاشته.. التي كان بيتها الهيكل.. وفكرها الصلاة والمزامير.. وجسدها العفة والطهارة.. وقلبها مسكن الله.. فأصبحت السماء الثانية.. ومستودعها العرش المقدس الذي مكث فيه كلمة الله تسعة أشهر.. فولدت الله الكلمة المتجسد, وأصبح سر التجسد لها رحمة من قبل الرب, حملت السيد المسيح له المجد ربها علي يديها فصارت من ورائها البشرية تطوبها.
الرعاة
هؤلاء الرعاة الذين كانوا يحرسون غنم رعيتهم ساهرين يقظين إنما فرحوا فرحا عظيما للبشري التي أخذوها من الملاك حينما قال لهم الملاك لا تخافوا فها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب, إنه ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب (لو 2: 10).
واستحقوا أن ينظروا ميلاد السيد المسيح له المجد وتهللت أرواحهم وفرحوا.
المجوس
المجوس من بلاد فارس, وكان لهم علم ودراية تسيير الفلك ورصد النجوم, وكانوا علي فهم عن المسيح الملك الحقيقي, فأظهر لهم الله قوة سمائية شبه نجم, ولم يتقدم مثله شيء في كافة الكواكب, وهذا يدل علي أن الذي يولد في ذلك الزمان يسود علي كل الممالك جميعا, ولا يكون لملكه انقضاء لأن أفعال النجم كانت تختلف علي سائر النجوم, إذ كان يظهر لهم نهارا ويختفي ليلا لأنه هو شمس البر, الذي أتي لينير للساكنين في الظلمة وظلال الموت, وكان النجم يسير لسيرهم, ويقف لوقوفهم.. ولم يخفه ضوء الشمس.. وفرح المجوس فرحا عظيما حينما رأوا الطفل يسوع ولمعرفتهم وثقتهم أنه هو الملك الحقيقي, فتحوا كنوزهم وقدموا ذهبا, ولبانا, ومرا, الذهب يرمز إلي الملك.. اللبان يرمز إلي الألوهية والكهنوت.. والمر يرمز إلي الآلام.
سمعان الشيخ
سمعان الشيخ ظل حيا بوعد من الله حتي يشهد لسر التجسد الإلهي لأنه حينما كان يترجم التوراة في أيام بطليموس الملك الروماني وجمع سبعين من علماء اليهود المتبحرين في العبرية واليونانية والكتب المقدسة فقسمهم اثنين اثنين وهي التي تسمي الترجمة السبعينية للعهد القديم.
كان نصيب سمعان الشيخ وهو رجل بار ترجمة سفر إشعياء النبي وحينما وصل إلي الآية القائلة ولكن يعطيهم السيد نفسه آية ها العذراء تحبل وتلد ابنا وتدعو اسمه عمانوئيل (إش 7: 14).
فأراد تغيير كلمة عذراء.. بكلمة فتاة خوفا من عدم اقتناع الإمبراطور بأن عذراء تحبل.. وهنا أوحي له بالروح القدس, أنه لا يري الموت حتي يعاين المسيح الرب.. وعاش سمعان أكثر من 300 سنة إلي أن صعد إلي الهيكل بالوحي, وهناك رأي العذراء ورأي الطفل يسوع مولودا محمولا علي يد عذراء, فحمله وقال الآن يا سيدي تطلق عبدك بسلام حسب قولك لأن عيني قد أبصرتا خلاصك.
أراد الانطلاق من الجسد بعد أن شهد لسر التجسد الإلهي, وأن كل النبوات تحققت في ملء الزمان.
ما أعظم سر التجسد الإلهي كما عبر عنه الوحي الإلهي بقوله كل الذين قبلوه أعطاهم سلطانا أن يصيروا أولادا لله (1 يو 1: 12).
أظهر السبب في هذه الكرامة بقول يوحنا ذهبي الفم إن الكلمة صار جسدا لأن ابن الله صار ابنا للإنسان لكي يصير أبناء البشر أبناء لله.
إننا كما هو جاء ليقبل إليه الجميع نكون شهودا له بقبولنا الجميع.. في إخاء المواطنة ليسود السلام والحب في ربوع بلادنا.
ليتمجد اسمه القدوس بأعمالنا
ولإلهنا المجد الدائم آمين