يدمي القلب عندما يسمع رأي مواطن مصري وهو يقول إيه إللي عملته الثورة دي وخدنا إيه منها غير وقف الحال وانتشار البلطجية ونشر الفوضي والخراب… ليس ذلك فحسب بل وصل بهم الأمر في بعض الأحيان للسخرية من هذا الشباب النقي واتهامهم بالباطل أنهم ممولون من جهة ما لنشر الخراب.. أنا لا أحجر علي رأي أحد ولا أستطيع أن أمنع شخص من التعبير عن رأيه ولكن بالعقل.. هل لو كان لهذا المواطن أخ أو أخت أو ابن أو أي شخص عزيز له وراح ضحية رصاصة طائشة أو بلطجي مفتري أجير سيقول نفس الرأي؟؟؟
برنامج تليفزيوني بإحدي القنوات الفضائية استضاف مؤخرا أهالي بعض شهداء الثورة وهم براعم في مقتبل العمر, بالرغم من تماسك هؤلاء الأهالي وقوة إيمانهم أن أبناءهم أحياء عند الله عز وجل يرزقون إلا أنني شعرت بحرقة قلبهم ولهفتهم علي أبنائهم وشعرت أنهم مازالوا غير مستوعبين ماذا حدث لهم وكيف ذلك…؟!
أبكتني والدة الشهيد الرائد طارق أسامة عندما وصفت كيف تلقت الخبر خاصة أن ابنها استشهد علي يد أحد البلطجية المأجورين بمقر عمله بمديرية أمن الجيزة عندما انسحب جميع زملاء ابنها البار بناء علي تعليمات عليا بينما أصر الشهيد طارق علي البقاء في عمله ولم ينسحب حتي لقي مصرعه برصاصة في رأسه من مسدس بلطجي أجير.. رغم أنني مازلت لا أعرف طعم الأمومة إلا أنني شعرت مدي مرارة وحرقة فراق الأم لفلذة كبدها خاصة عندما وصفت لحظة رؤيتها ابنها في المستشفي الذي لم تصدق أنه ابنها وهو ينزف وهي تقف مكتوفة الأيدي مشلولة اللسان.
صدمت حينما ناشدت الأم البارة السيد المشير طنطاوي مستنجدة به لحمايتها من أهل طليقة شهيدها الذين يريدون وضع أيديهم علي ممتلكاته الخاصة حيث إن الشهيد طارق كان وحيد دنياها ولا تعرف غيره…
ليست هذه الأم الوحيدة التي تعيش بمفردها فبالتأكيد هناك أرملة أو أرمل أو أب لشهيد أو شهيدة فقد أنيسه في هذه الثورة الشريفة أو توابعها كشهداء حادث أطفيح مثلا, فما المانع إذا تبنت إحدي الجمعيات الخيرية أومؤسسات المجتمع المدني فكرة زيارة هؤلاء الذين يعيشون بمفردهم والتقرب منهم ومحاولة معرفة مشاكلهم وحلها وذلك بالتعاون مع أحد المكاتب القانونية ورد حقوق هؤلاء الأهالي والمحافظة عليهم وعلي حقوقهم فأي شخص منا معرض أن يكون وحيدا في هذه الدنيا.. ولتكن مرة في الأسبوع يطمئنون عليهم ويؤنسونهم وحدتهم, كما فعلت الكثير من الجمعيات الخيرية والقنوات الفضائية والإذاعات يوم عيد الأم حينما تكاتف الجميع وذهب البعض لزيارة أمهات الشهداء واستضاف البعض آخريات لتكريمهن وعرضوا عليهن خدماتهم ومساعداتهن سواء باستجابات لاستغاثاتهن أو مساعدتهن في الوصول لمعاشهن إلي غير ذلك.. ليشعرونهن بأنهم لم يفقدن أبناءهن وأن شهداءهن لم ينسوا وسيظل جميلهم في عنق جميع المصريين وأنهم من هذه اللحظة سيصبحن أمهاتنا جميعا.
وكذلك ماحدث يوم اليتيم إذ دعا العديد من الإعلاميين والفنانين الجميع للذهاب لأقرب مؤسسة خيرية أو حتي نادي اجتماعي للالتفاف حول هؤلاء الأطفال الأيتام فالجميع يحتفل بهم في أول جمعة من أبريل لإشعارهم أن هناك من يحبونهم ويسأل عنهم ويعوضهم عمن فقدوا.
لنجعل أيامنا كلها 21 مارس وأول جمعة من أبريل.. وليكن ذلك رد الجميل وكل شهيد وشهيدة ضحي بنفسه ليعيش وطنه في كرامة وعزة ويعيش الجميع مرفوعي الرأس علي أرض وطن غالي يستحق كل ماهو غالي ونفيس.