* الصراع العربي الإسرائيلي لا يصل إلي تسوية أو حل إلا من خلال طريقين: الحرب أو التفاوض.ومن أغرب ما يثير عجب مثقفي المجتمعات الأكثر تقدما أن يروا المثقفين العرب يتخذون مواقف ويكتبون آراء تناهض أسلوب الحل السياسي أي التفاوضي.فمعظم (إن لم يكن كل) مثقفي العالم يعتقدون أن من طبائع الأمور أن يكون المثقفون في جانب الحل التفاوضي وليس الحل القتالي.تري ما الذي يجعل المثقف العربي (في أغلب الحالات) يمجد أسلوب القتال أو المقاومة فيما يتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي ويرفض بل أحيانا يزدري أسلوب تناول الصراع بالمفاوضات؟رغم أن لدي إجابة (خاصة) إلا أنني أؤثر الاكتفاء بطرح السؤال والدعوة لحوار بهذا الخصوص.
* من المذهل أن يستنكر بعض الكتاب المصريين أن يذهب كثير من المصريين للاعتقاد بأن من أوجب واجبات الدولة في مصر أن تضرب بيد من حديد أية مجموعة بشرية تحاول اقتحام حدود مصر,بصرف النظر عن أسباب وخلفيات هذا الاقتحام.كيف وصل الهوس بفكرة القومية العربية أو الأمة الإسلامية بالبعض بيننا لكي لا يري جرما كبيرا في أن يقوم أحد(أيا كان) باقتحام حدود مصر؟
ليس من معالم أو خصائص المثقف الحقيقي ألا يري من الحقائق إلا ما يوافق هواه.أقول ذلك بعد انتهائي من مطالعة كتاب كبير عن خذلان أوربا وكل العالم لمسلمي البوسنة ثم لمسلمي كوسوفو في مقابل نصرة الولايات المتحدة الأمريكية لهؤلاء المسلمين في البوسنة وكوسوفو.ومع ذلك,فإنني لم أطالع مقالا واحدا لكاتب مصري كبير من ”غير-المنبطحين” (حسب تسميتهم هم أنفسهم والتي تدل علي احتياجاتهم السيكولوجية لعلاج فوري) يبرز فيها دور الولايات المتحدة الأمريكية في حماية مسلمي هذين الإقليمين من أقاليم ما كان يعرف بدولة يوغوسلافيا,لماذا؟…أيضا عندي إجابة خاصة,ولكن أؤثر إثارة الأسئلة عن طرح الأجوبة.
* أمضيت الأسبوع الأخير أطالع عشرات التقارير والدراسات والمقالات عن الجرائم التي ارتكبت (ولا تزال ترتكب) في حق مواطني إقليم دارفور من أصول أفريقية.هناك العديد من الزوايا التي يمكن النظر منها لمأساة دارفور إلا أنني أختار هنا النظر لفظائع إقليم دارفور من خلال سؤال واحد:لماذا لم يكتب كاتب عربي كبير واحد ما يدل علي استنكاره للجرائم التي اقترفت من قبل سكان دارفور من أصول عربية,وكذا من قبل الحكومة المركزية في السودان ضد أهل دارفور المنحدرين من أصول أفريقية؟ لماذا لا يغضب هؤلاء لأطفال ونساء ورجال دارفور من أصول غير عربية كغضبتهم للفلسطينيين في غزة؟ أية ذهنية هذه؟ أية إنسانية هذه؟ وأخيرا: أي تعصب مقيت هذا؟.
* تشغلني كثيرا أحوال تركيا السياسية.فتركيا كانت هي النموذج الوحيد لمجتمع مسلم يفصل فيه الدين عن الدولة وعن إدارة المجتمع والحياة كليا.تركيا الآن ليس تعلي هذا الدرب وإنما تميل إلي خلط ما بين الدين والدولة.تري,ماذا سيكون مستقبل تركيا من هذه الزاوية؟ هل ستستمر في زيادة جرعة دخول الدين ومعالمه في الحياة السياسية بما يقضي قضاء مبرما علي احتمالات قبول أوربا لتركيا كعضو في الاتحاد الأوربي؟ أم تنحسر الموجة الحالية في تركيا وتنضم للاتحاد الأوربي؟ أغلب ظني أن التفاؤل لدخول تركيا للاتحاد الأوربي وما يعنيه ذلك ثقافيا واجتماعيا واقتصاديا هو من باب الأمل غير المستند علي أية أرضية من الواقع والحقائق.
* كنت منذ أيام (في باريس) أتابع مقابلات ولقاءات وأنشطة وزيرة خارجية إسرائيل تسيبي ليفني مؤخرا في العاصمة القطرية الدوحة,كنت أتابع اجتماعاتها ومن بينها اجتماع مع أمير قطر وآخر مع رئيس وزراء قطر (الأب الروحي لقناة الجزيرة) وكذلك مع وزير خارجية سلطنة عمان.حولت القناة الفرنسية إلي قناة الجزيرة عسي أن يكون بوسعي متابعة زيارة ليفني لقطر بتفصيل أكثر -فلم أجد شيئا.السؤال الآن:تري ماذا سيكتب دعاة الصمود والتحدي والمقاومة من كتابنا الكبار أصحاب الصلات (الأدبية والمعنوية والمادية)مع قطر؟ هل سنطالع لهم كتابات تستهجن الزيارة واللقاءات وتهاجم قناة الجزيرة ورعاتها؟ أم أن الانتقائية هي سيد الموقف عند الصناديد والمغاوير أصحاب الكلام الكبير؟.