أظهرت عمليات المراقبة التي أجرتها جمعيات حماية الحياة البرية أن حالة السلام التي سادت منذ عام 2005 منطقة جنوب السودان وفق اتفاقية نيفاشا بعد عقود من الصراع, أدت إلي عودة الحيوانات البرية النادرة التي كانت قد هجرت تلك المنطقة وخاصة الفيلة وأفراس النهر وقطعان وحيد القرن.
فقد عادت قطعان أفراس النهر تظهر من جديد بمحمية نيمولا علي الحدود الأوغندية, فيما يقدر عناصر حماية المتنزهات والأدغال في المنطقة وجود أكثر من سبعة آلاف فيل و1500 زرافة وقطعان عديدة من البقر الوحشي الأفريقي وأكثر من نوع نادر وهي فصائل كان من المعتقد أنها انقرضت كليا من السودان.
بجانب تلك الأنواع فقد عادت مئات الأسود والنمور والغزلان وبعضها من أنواع غير موجودة في أي مكان حول العالم لذا فإنها تعد مزارا سياحيا وطبيعيا فريدا لا يوجد مثيل له بغابات العالم وبيئة علمية خصبة للباحثين في مجال الحياة البرية وهواة الطبيعة بل يعد منطقة رائعة للسياحة والاستمتاع بالطبيعة.
كما أكدت الدراسات لجمعية الحفاظ علي الحياة البرية وهي منظمة أمريكية, وجود أكثر من 1.3 مليون غزال بالجنوب السوداني فقط والذي عاد بعد أن كان قد اختفي نتيجة أحد أعنف وأطول الصراعات الأهلية في أفريقيا والذي راح ضحيته أكثر من مليوني شخص.
وتزخر منطقة جنوب السودان بالعديد من الجزر الرائعة منها جزيرة أوبيكولي التي تقع وسط نهر النيل والتي يعيش فيها آلاف الكائنات النادرة بالإضافة إلي أنواع النباتات الفريدة والتي يسكنها أيضا جنوبيون وهذا ما يظهر مدي الترابط بين حياة سكان جنوبي السودان التقليدية وبين الحيوانات تعايشا سويا منذ زمن طويل كالفيلة والضباع الوحشية.
تعادل مساحة جنوبي السودان مساحة فرنسا برغم قلة عدد سكانها مما يسمح للحياة البرية بالتمرد بحرية في غابات وأدغال المنطقة وسهولها العشبية الواسعة.
يأمل العلماء أن تصبح غابات جنوب السودان من أكثر مناطق العالم مقصدا سياحيا وطبيعيا تزخر بآلاف الأنواع النادرة من الحيوانات والنباتات والتي استقرت بعد الهجرة أثناء الحرب وخاصة الثدييات والظبيان والتي يوجد منها حاليا 80 ألف رأس وكذلك غزلان المانجالا ويقدر عددها بنحو 250 ألف وهناك 160 ألف من حيوان التايانج. لذا يجري الآن إعداد خطة لإنشاء بعثة دولية للحفاظ علي الحياة البرية في منطقة جنوب السودان وأجزاء من الشمال.
وتعتبر السودان من أوائل الدول الأفريقية التي اهتمت بالغابات والمحميات الطبيعية وكان هذا منذ عام 1930 حيث تتمتع السودان بتباين النطاق المناخي والبيئي ويتضح ذلك في وجود ثروة كبيرة من الحيوانات وأنواع الطيور والتي تتمركز في أفضل مناطق الصيد في السودان في ثلاث مناطق:
أولها منطقة جبال البحر الأحمر وصحراء النوبة وتمتد ما بين سلسلة جبال البحر الأحمر علي طول الساحل من حدود إريتريا جنوبا إلي مصر شمالا ويتميز بوجود الغزال الإريتري وماعز الجبل وحيوان أبونطاط النادر وغزال الآري وقرد النقل.
والمنطقة الثانية هي الصحراء الغربية التي تقع شمال غرب السودان وتتميز بأنواع مختلفة من حيوانات أم تيجو وكبش المي وأبوحراب وغيرها من الأنواع النادرة. أما المنطقة الأكثر ثراء هي جنوب السودان والتي تأوي مئات الآلاف من الأنواع كالبط والحباري وطيور الغرغر وأنواع عديدة من الحمام البري.
فالسودان بمساحاته المترامية من الصحراء شمالا إلي السافانا الغنية جنوبا وتتخلله مناطق الغابات الاستوائية الكثيفة في أقصي الجنوب الغربي يوفر ملاجئ مختلفة متنوعة للحيوانات البرية التي تسكنه دائما والأخري التي تتواجد في مواسم فقط في الأماكن التي تغمرها مياه النيل خلال فيضانه السريع أو مناطق المستنقعات بالجنوب حيث نجد فصائل بعينها قد اختارت هذه الأماكن لتلائمها مع نظام التوالد والتكاثر بأعداد كثيرة, كما تعتبر هذه الأماكن الملجأ المناسب والآمن من الإنسان.
ويعد السودان القطر الوحيد في العالم الذي يضم أضخم مجموعة متنوعة من الثدييات الكبيرة التي تعيش علي الأرض, فالسودان قطرا مترامي الأطراف يغطي من حيث المساحة أكبر رقعة في الأقاليم الأفريقية ويمتلك أكبر ثروة تمكنه من تأمين البروتين الحيواني لسكانه وتجعله قادرا علي أن يحقق عائدا ماديا مهما من تنوع حيواناته البرية وموارده الطبيعية وذلك عبر الاستمتاع بالسياحة والمشاهدة وممارسة رياضة الصيد.
توجد العديد من المناطق السياحية في الجنوب منها محمية ينيمولي الجنوبية وقرية جميزة السياحية والمحمية القومية الجنوبية ومحمية الدندر التي تعتبر من أعظم المحميات في أفريقيا من حيث مواردها وإمكاناتها والتي أعلنت كمحمية عام 1935 وتقع في الجنوب الشرقي لولاية سنار قرب ولاية النيل الأزرق.
بالإضافة إلي ذلك فإن السودان أيضا يتمتع بمناطق السفاري والسياحة للصيد والمتعة والدراسة للعلماء والباحثين ومنها سفاري الغزلان وسفاري صيد البط بالخرطوم وسفاري جنوب السودان بجوبا.