إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر
ولابد لليل أن يتجلي ولابد للقيد أن ينكسر
ومن لم تعانقه أشواق الحياة تبخر في جوها واندثر
من ديوان أغاني الحياة
للشاعر التونسي
أبو القاسم الشابي
وجه الشابي هذه الأبيات لمقاومة الاحتلال الفرنسي لتونسي (1881-1956), ثم كانت المفارقة حين اتخذ الشعب التونسي من هذه القصيدة شعارا له في ثورته الأخير(يناير2011) للتحرر من نير نظام الرئيس المخلوع زين الدين بن علي…وما هي إلا أيام حتي استلهمت هذه القصيدة ذاتها لإلهاب الحماس الوطني لدي شباب 25يناير والشعب المصري…
إرادة الحياة
يؤكد الشاعر الكبير أحمد عبد المعطي حجازي علي أن دور الأدب في هذه الفترة يعد أساسيا في تزويد الثورة بما تحتاجه من معرفة وخبرة…وليردوا كل شعار سياسي إلي المبدأ الذي نبع منه وإلي المثل الأعلي الذي يطمح إليه, وأن يذكروا المصريين بتاريخهم وأن يعلوا من شأن القيم الإنسانية التي ينبغي دائما أن نتذكرها في عملنا السياسي..لأن النشاط السياسي يتعرض لأخطار شديدة إذا لم يستند إلي الضمير والأخلاق…فلابد أن نعلي جميعا من شأن المواطنة وأن نؤكد علي قيم الحرية, والأخاء المساواة والعدالة والنزاهة وأن نذكر المصريين بتراثهم العريق وهم يناضلون في سبيل الديموقراطية عليهم أن يدركوا أن لهم حضارة عريقة علمت الإنسانية فكما تعلمنا من تجارب الآخرين علينا أيضا أن نعطيهم تجاربنا لنصنع تاريخا مشرفا لمصر.
يقول حجازي في قصيدةإرادة الحياة والتي أهداها إلي أبي القاسم الشابي.
إذا الشعب يوما أراد الحياة
فلابد أن يتحرر من خوفه
ويحمل في كفه روحه
ويسير بها موغلا في الخطر
إلي أن يستجيب القدر!
إذا الشعب يوما أراد الحياة
فلابد من أن يقوم العبيد قيامتهم
يصبرون علي عضة الجوع
لكن علي عضة القيد لايصبرون
يموتون في أول الليل
إن كان لابد من أن يموتوا
لأنهم سيقومون في مطلع الفجر
كي يولدوا في غد من جديد!
فيا أيها الميتون انهضوا
أيها الفقراء الأرقاء قوموا قيامتكم
أيها الساكنون اللحود
فقد طالما انتظرتكم حياة مؤجلة
وشموس بلا عدد لم تروها
ومرت عليكم عصور, وأنتم رقود!
الميدان
عهدنا الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي حاضرا بإبداعه وحواراته في كل قضايا مجتمعنا, ويأتي شعره الصادق ليعبر عن آلام وآمال الشعب. وفي أحد حواراته مع وطني كان يري أن الأموال المصرية بشكل عام شديدة السوء, لأن هناك طبقة من الرأسمالية المتوحشة وغير المسئولة لا تخشي أن تتهب مقدرات مصر دون إدراك العواقب, وقد حذر الحكومة لتستيقظ قبل فوات الأوان خاصة أن الفساد يزيد ويتفشي وأنه أصبح القاعدة الأساسية للحياة, كما لفت النظر إلي ظاهرة الاعتصامات السابقة أمام مجلسي الشعب والشوري ومدي تعبيرها عن حجم المعاناة والأزمات التي يمر بها المجتمع المصري…
كتب الأبنودي العديد من الأغنيات الوطنية التي لازمت الأجواء التاريخية في مصر, مغني له محمد حمامبيوت السويس, كما غني له عبد الحليم حافظ :عدي النهار وصباح الخير يا سينا …وغيرها…
وها هو يكتب عن ثورة 25يناير فيقول في قصيدةالميدان
الثورة فيضان قديم محبوس ماشافوش زول
الثورة لوجت ماتنبش في كلام أو قول
تقلب وتعتل في سرية
تفور في القلب وتنغزل فتلة فتلة في ضمير النول
مين كان يقول ابننا يطلع بنا من نفق
دي صرخة ولاغنا؟ وده دم ولا شفيق
أتاريها حاجة بسيطة الثورة ياخوانا
مين إللي شافها كده؟ مين أول إللي بدأ
مش دول شبابنا إللي قالوا كرهوا أوطانهم؟!
ولبست ثوب الحداد وبعدنا قوي عنهم؟!
هما إللي قاموا انهارده يشعلوا الثورة
ويصنفوا الخلق مين عانهم ومين خانهم
يادي الميدان اللي حضن الفكرة وصهرها
يادي الميدان إللي فتش الخلق وسحرها
يادي الميدان إللي غاب اسمه كثير عنه وصبرها
ما بين عباد عاشقة وعباد كارهة
شباب كان الميدان أهله وعنوانه
ولا في الميدان نسكافيه ولاكابتشينو
خدوده عرفوا جمال النوم علي الأسفلت
والموت عارفهم قوي وهما عارفينه
الثورة فيض الأمل وغنوة الثوار
الليل إذا خانه لونه يتقلب لنهار
ضج الضجيج بالندا صحي يافجر الناس
فينك يا صوت الغلابة وضحكة الأنفار
وإحنا وراهم أساتذة خايبة تتعلم
إزاي نحب الوطن وامتي نتكلم
طال الصدأ قلبنا ويأسنا من فتحه
قلب الوطن قبلكم كان خاو ومضلم