يدخل قانون تكافؤ الفرص ومكافحة التمييز مراحله الأخيرة قبل إصداره من مجلس الوزراء وإرساله إلي المجلس الأعلي للقوات المسلحة للتصديق عليه, ناقش مجلس الوزراء هذا القانون علي أكثر من محور , وسبق أن اقترح المجلس القومي لحقوق الإنسان مشروع قانون لهذا الأمر إلا انه لم يؤخذ بعين الاعتبار خلال السنوات الأخيرة, ولكن مع توالي الاحتقان الطائفي وقيام البعض بضخ مشاعر الكراهية في المجتمع أصبح لزاما ظهور هذا القانون للنور في أقرب وقت,يأتي ذلك بالتزامن مع توصيات مؤتمر الوفاق القومي بشأن وضع مواد في الدستور الجديد تؤكد منع التمييز وتعزز من تكافؤ الفرص, وهو ما سنحاول رصده عبر هذا التحقيق.
دعا حافظ أبو سعده عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان إلي ضرورة صدور هذا القانون في أقرب وقت, خاصة وأن غالبية الأحداث الطائفية الأخيرة كشفت عن تحريض من جانب فئة ضد الأخري, واستغلال مناخ التوتر في المجتمع لبث أفكار مسمومة تحض علي العنف, وبالتالي هذا القانون سيكون هو البوابة لمواجهة أي مشكلة طائفية في المستقبل, وأن المجلس القومي لحقوق الإنسان سبق وأن ناقش مشروع القانون لأكثر من مرة, وتم صياغته أكثر من مرة, وتقديمه لرئيس الوزراء الأسبق, ورئيس مجلس الشعب السابق ولكن للأسف لم يؤخذ هذا المقترح بعين الاعتبار, والآن والمجتمع يمر بتغيرات خطيرة أصبح لزاما النظر لمشروع القانون بعين الاهتمام وإقراره سريعا.
شدد أبو سعده علي أن فلسفة القانون تعتمد علي تفعيل المواد الدستورية التي ترسخ المساواة بين كل المصريين وسيادة القانون, وأن سيادة هذا المبدأ في الشارع المصري سيكون له تأثيرات كبيرة علي تعامل المواطنين مع بعضهم, وتعاملهم مع الدولة, وأن سيادة القانون علي كل المواطنين يرسخ الشعور بالمساواة وتكافؤ الفرص, خاصة وأن هذا القانون لا يتعلق بالعلاقة بين المسلمين والأقباط فقط, وإنما يؤسس لمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص, وحق كل المواطنين في الحصول علي خدمة ما أو التقدم لوظيفة ما حسب شروطها المعلنة, وأن الاحتكام للخبرة والقدرات البشرية عند شغل وظيفة هي المعيار الحقيقي والأساسي, وتجريم كل من يعتمد علي الوساطة والمحسوبية في التعيين, خاصة وأن هذا الأمر يخلق شعورا بالحقد والظلم وعدم المساواة.
وفي هذا الإطار أكد د.سمير مرقس عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان ورئيس لجنة الحريات والحقوق بمؤتمر الوفاق القومي علي تجريم التفرقة بين المصريين علي أساس الجنس أو اللون أو العقيدة, وأن قانون تكافؤ الفرص وعدم التمييز سيكون حلا سحريا لمواجهة مشكلات اجتماعية وثقافية, بالإضافة إلي التوصية بأن ينص الدستور الجديد علي مادة تمنع التمييز الاجتماعي والسياسي والثقافي والديني, وعدم الانغلاق علي التمييز الديني فقط,وأن يتم تعديل المادة 40 من الدستور السابق بشكل مختلف ووضعها في الدستور الجديد ليكون نصها:المصريون لدي القانون سواء, وهم متساوون في الحقوق والواجبات, لا تمييز بينهم بسبب النوع أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة أو الجهة أو العمل أو الحالة الشخصية أو الاجتماعية أو المكانة أو الثروة, أو غير ذلك من أسباب التمييز, وتقع باطلة كل القوانين التي لا تحظر التمييز علي أي من الأسباب السابقة أو علي سبب آخر.
أكد د. مرقس أن اللجنة أكدت أيضا ضرورة تنقية القوانين من أي تمييز, وأن يتم ذلك في إطار المبادئ العامة للدستور, بحيث تكون الحرية مكفولة لكل المواطنين طبقا للواقع, كما أن تعديل المادة 40 بهذه الصورة الجديدة تحقق التوافق والانسجام مع المادة 46 من الدستور, بحيث يتم النص علي تجريم التمييز وتوقيع العقاب علي المخالفين.
من جانبه قال عماد حجاب مدير مؤسسة عالم جديد للتنمية و حقوق الإنسان أنه نظرا للتغيرات التي يمر بها المجتمع, ومن أجل قيام المنظمات المدنية بدور في المرحلة الراهنة تقدمت المؤسسة ومعها منظمات أخري بمقترحات قانونية لمشروع قانون تكافؤ الفرص ومنع التمييز إلي الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء, والتأكيد علي ضرورة قيام مجلس الوزراء بالدعوة لعقد حوار جاد تحضره منظمات حقوق الإنسان والمفكرون والمثقفون والقوي المجتمعية والسياسية للمشاركة في إعداد مواد قانون منع التمييز لأهميته في ترسيخ قواعد حقوق الإنسان المصري قبل إصداره بصورة نهائية حتي يأتي معبرا عن رؤية المجتمع كله لمعالجة هذه القضية ويضع حلولا واقعية لها تتوافق عليها كافة الأطياف في مصر.
نوه حجاب إلي أن لديه بعض المقترحات تم تقديمها عبر المؤسسة إلي مجلس الوزراء وتشمل هذه المقترحات التأكيد علي مباديء المواطنة والمساواة و حظر التمييز بين جميع أبناء مصر علي أساس الجنس واللغة والأصل والدين والعقيدة والوضع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي, وإنشاء هيئة وطنية لمكافحة التمييز وتكافؤ الفرص, يتولي رئاستها أمين عام لمكافحة التمييز ويقوم بالتحقيق في أية تجاوزات لحقوق المواطنين, وطالبت المذكرة بقيام الجهات الحكومية والخاصة والشركات بتوفير كافة الضمانات الإدارية والقانونية لاتخاذ الهيئة الوطنية لتكافؤ الفرص ومنع التمييز جميع الإجراءات للتحقيق في شكاوي المواطنين من تعرضهم للتمييز و حرمانهم من حقوقهم وقيامها بإجراءات قانونية فورية لإنصافهم وحق الهيئة الوطنية في رفع الدعاوي القضائية للضحايا أمام المحاكم .
أكد حجاب علي ضرورة تغليظ عقوبة التمييز لتصل إلي العزل من الوظيفة العامة والحبس لمدة تتراوح بين 6 شهور إلي عام واحد لرؤساء الجهات والهيئات الحكومية والشركات والقطاع الخاص الذين يثبت تكرار قيامهم بالتمييز بين المواطنين , و الغرامة المالية التي تتراوح بين 30 ألف جنيه إلي 100 ألف جنيه أو أيهما وفقا لطبيعة المخالفة القانونية ومستوي الضرر الذي لحق الضحايا في كل واقعة مخالفة, وقيام الهيئات والمصالح الحكومية والقطاع الخاص والشركات بتوفير أوضاع مناسبة للعمل لجميع المواطنين دون تمييز واحترام مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بينهم, و ضرورة إصلاح أي خلل يحدث خلال فترة لا تتجاوز ستة شهور من اكتشاف التمييز و تعويض أصحاب الشكاوي الذي يثبت تعرضهم للتمييز عن الأضرار التي حدثت لهم سواء بصورة أدبية أو مادية تعيد لهم حقوقهم داخل المجتمع.
وفي هذا الإطار قال المستشار أمير رمزي عضو لجنة ##العدالة الوطنية## إن قسم الفتوي والتشريع بوزارة العدل انتهي من إعداد مشروع قانون ##تجريم التمييز##, وأن مشروع يتضمن ستة مواد فقط, وسيجرم جميع أشكال التمييز بين المواطنين المصريين علي أساس الدين, كذلك التحريض علي العنف والحط من شأن طائفة بعينها لأسباب دينية, وسيعرض مشروع القانون خلال أيام علي مجلس الوزراء, ومنه إلي المجلس العسكري لإقراره.
نوه المستشار رمزي إلي أن هذا القانون بداية لمواجهة الاحتقان الطائفي من جذوره, والعمل علي ترسيخ المساواة بين كل المصريين, ومعاقبة كل من يحرض علي العنف الديني, وأن هذا القانون بالرغم من أنه خطوة تأخرت كثيرا, إلا أن إقراره قريبا سيعمل علي حل العديد من المشكلات, وتأكيد قيم المواطنة والمساواة وسيادة القانون.