5ــ المملكة كما تصفها الرسالة إلي العبرانيين:
في هذه الرسالة بشكل خاص ,يوضح المؤلف ما هو الجديد الذي أضافه المسيح في علاقته مع أرض الميعاد .ففي الفصول 4,3 يتحدث الكاتب الملهم عن الأرض من خلال شخصيتين رئيسيتين :يشوع ويسوع .وفي اللغة اليونانية اسم يشوع هو هو اسم يسوع .فيوجد تطابق بين الاسمين .ويضيف مؤلف الرسالة إلي العبرانيين قائلا إن في تاريخ الخلاص تعتبر أرض الميعاد هي المرحلة النهائية التي يصل فيها الشعب الإسرائيلي إلي موضع راحته.
موسي يخرج شعب إسرائيل من مصر ليقوده إلي أرض الميعاد وهنا يضيف كاتب الرسالة إلي العبرانيين في فصل 19/3 ولكنهم لم يستطيعوا أن يدخلوا أرض الميعاد بسبب عدم أمانتهم .ويتابع كاتب الرسالة حديثه مقاربا بين ما جاء في أسفار موسي الخمسة وما جاء في الكتب التاريخية فيقول في عبرانيين فصل 1/4 إن الوعد بالدخول إلي موضع راحته تظل مفتوحة ويستخدم مؤلف العبرانيين أهم التعبيرين المستخدمين في العهد القديم ليفسر لنا معني موضع الراحة فالمعني الأول لموضع الراحة هو راحة الله في اليوم السابع بعد أن خلق آدم .أما المعني الثاني لموضع الراحة فهو يوم السبت المخصص للراحة وللتأمل في عمل الله .وهو يخص الإنسان.
ويدقق المؤلف الملهم علي خطيئتين ارتكبهما الإنسان :الأولي خطيئة آدم التي أدخلت البشر في عدم الطاعة لله وبالتالي كانت نتيجتها الموت الخطيئةج الثانية هي خطيئة الشعب الذي كان منتظرا منه أن يدخل موضع.الراحة لأرض الميعاد في زمن النبي موسي والنبي يشوع واختار العصيان وعدم الطاعة لله في الصحراء هذا العصيان نتج عنه موت هذا الجيل في الصحراء وليس الدخول إلي موضع الراحة أرض الميعاد.
وبما أنه كان من المؤكد أن البعض سوف يدخلون موضع الراحة ولكن لم يحدث وأن الذين بلغتهم البشري السارة لم يدخلوا بسبب عصيانهم لله.فقد حدد الله مرةأخري يوما للدخول إلي موضع راحته وهو اليوم أي يوم مجئ المسيح إلي الأوض وتجسده مملكة يسوع كما تصورها الرسالة إلي العبرانيين إتاج
هذا اليوم الذي تحدث عنه داود في مزاميره يأخذه يسوع علي عاتقه فيصبح هذا اليوم هو إلهنا والآن كما جاء في عبرانيين 6/4ــ7 وإذا كان الذين سمعوا البشارة أولا ما دخلوا في راحة الله لعصيانهم فإنه بقي لآخرين أن يدخلوا فيها ,لذلك عاد الله إلي توقيت يوم هو اليوم في قوله للسان داود ,بعد زمن طويل ,ماسبق ذكره وهو اليوم,إذا سمعتم صوت الله فلا تقسوا قلوبكم.
إن الفشل الذي حدث لحظة دخول أرض الميعاد الراحة لا يتحدد في زمن الصحراء فقط:إنما هذا الفشل ينطبق علي تاريخ إسرائيل منذ دخوله أرض الميعاد حتي فقدانه هذه الأرض وتسبيه في بابل.ولو أن يسوع كان قد نجح فعلا في إدخال الشعب الإسرائيلي إلي أرض الراحة لما حدد الله يوما آخر لما جاء في عبرانيين 8/4 فلو كان يشوع أدخلهم في راحة الله,لما ذكر الله فيما بعد يوما آخر إن الرسالة إلي العبرانيين تري الفشل في الدخول الحقيقي إلي الراحة مرتبط بالعصيان وهو صورة مسبقة لما يحدث لحظة سفك دم يسوع علي الصليب إذ أن الحكم علي يسوع بالموت من قبل رؤساء الشعب اليهودي ما هو إلا استمرارهم في رفض طاعة الله.
وهكذا فإن الكاتب الملهم للرسالة إلي العبرانيين ,يري أنه فقط في الإيمان بالمسيح يمكن للمؤمن أن يدخل في راحة الله الذي تحدث عنها العهد القديم فالناموس ليس إلا صورة مسبقة للخيرات المستقبلية وليس الصورة الفعلية والحقيقية كما جاء في عبرانيين فصل 10/.1
وبالنتيجة ,فإن أرض الميعاد وموضع الراحة وكل طقوس العهد القديم سوف تختفي تماما بمجئ المسيح وتجسده وموته وقيامته مكملا كلما كان يرجوه العهد القديم مفتتحا عهدا جديدا.