## لقاء يسوع بالمرأة السامرية ## (يو4: 1-13)
يلتقي يسوع بالمرأة السامرية قرب : بئر يعقوب هو الراعي الصالح الذي يخرج: للتفتيش عن الخروف الضال.
قد يكون اختيار بئر يعقوب, أبي الآباء, مكانا لملاقاة السامرية,مكانا يمثل عودة إلي الجذور وبراءة العلاقة مع الله. هكذا التلميذ المسيحي,عليه العودة إلي الجذور, إلي المسيح, لفتح حوار مع الله, حيث توجد قاعدة واحدة للكلام. قد تكون الحاجة المادية ضرورية لبدء الحوار, هذا ما حدث مع السامرية التي كانت بحاجة إلي ماء للشرب. المادة تقود إلي الروحي. قد ينتظر يسوع فرصة احتياجي ليتدخل في حياتي ويقودها نحو الأسمي.
يسأل يسوع المرأة السامرية أن تسقيه وهو الذي يستطيع أن يعطيها الماء الحي, لكنه, وهو المعطي, يضع نفسه في موضع السائل (الطالب). أن تتواضع, أن تجعل نفسك مدينا للآخر, محتاجا إليه, قد يكون أسلوبا ليفتح الآخر قلبه لك. هذا يظهر تلازم التواضع والعطاء. يسوع في إنجيل اليوم يطلب ماء ليشرب وهو من يعطي ماء الحياة, حياة النفس والروح بكل أبعادها. كلنا نشتهي ملء الحياة, ويسوع يسألنا أن نعطيه شيئا من حياتنا يكون الطريق إلي ملء الحياة. وإذا كان معني الحياة المحبة المطلقة, فيسوع عطشان لمحبتنا البشرية. إنه قريب منا ومتواضع إلي حد أنه يطلب أن نحبه ##أعطني لأشرب##. سوف يستجيب لمحبتنا الفقيرة بمحبة لا متناهية: ##لو كنت تعلمين عطية الله ومن هو الذي يقول لك أعطيني لأشرب لطلبت أنت منه فأعطاك ماء حيا## (يو 4: 10 ). نحن نسعي إلي إطفاء ظمأ نفوسنا وإلي الوصول إلي الاكتفاء في الحياة عبر مضاعفة ما نمتلكه وما نشتهيه. نلهث وراء الأحاسيس والعواطف وأفكار لكننا نبقي علي عطشنا. ##من يشرب من هذا الماء يعطش أيضا## (13:4). لكن من يعطيه يسوع حياته سوف لن يعذبه عطش – ##لن يعطش أبدا## – بل – وهنا المفارقة _ يصبح مصدر الحياة: ##الماء الذي أعطيه يصير فيه ينبوع ماء ينبع إلي حياة أبدية## ( 14:4), يستقي من يسوع مصدر الحياة ليصبح هو مصدرا.
السامرية سألت يسوع هذا الماء فطلب منها أن تأتي بزوجها لأنه عالم أنها تعيش مع شخص لم تتزوجه وهو غير أزواجها الخمسة السابقين. لكي يعطينا الرب نعمته علينا تخطي العوائق الأخلاقية التي تقف بيننا وبينه. الحياة الروحية لا تنفصل عن الحياة الأخلاقية. لذلك علينا تحرير أنفسنا من أصنامها وزناها وتوجيهها نحو العريس الأبدي.
ماذا عن نفسك؟, المرأة السامرية اعترفت بحالها بتواضع وانسحاق وصراحة. واحدة تنقصها بعد ولا تلتهي بالقشور: هل تسجد في أورشليم أم في الجبل أم في مكان آخر؟, الله موجود في كل مكان والمهم أن تبعده بالروح والحق: ##الساجدون الحقيقيون يسجدون للآب بالروح والحق## ( 4: 23 ). الرب يسوع المسيح هو جوهر عبادتنا وملء إيماننا وخلاصنا.
إن لقاء السامرية بالمسيح هو مثال لتدرج معرفة الإنسان بيسوع. ويبدو أن معرفة الله تترافق مع معرفة الذات, والعكس بالعكس, فإن معرفة الذات تتحقق علي ضوء معرفتنا بالله. فبينما كانت السامرية عند البئر تطلب ماء لتستقي التقت بيسوع, هناك عند همومها المادية, لم يكن بإمكانها أن تتوقعه إلا مجرد إنسان يهودي. فنادته: ##كيف تطلب مني لتشرب##؟ فكلمها يسوع عن ##ماء حي ##, من يشربه لا يعطش إلي الأبد . وقادها هذا الكلام إلي الأبديات إلي تأمل ديني فنادته ##هل أنت أعظم من يعقوب##؟ من هذا الحوار الديني قادها الرب إلي ذاتها فسألها عن حياتها الشخصية. هناك عندما مس الكلام الحياة والقلب أصبح يسوع لها بمثابة ##نبي## من هذه العتبة الحياتية كلمها الرب عن دين عبادة بالروح وليس بالحرف, عن الدين كحرية, عن ملء للقلب البشري لا يرتاح الإنسان إلا إليه . عندها ذكرها هذا الحوار ##بمسيا## المنتظر, فأخبرها يسوع : ##أنا الذي أكلمك هو##. هنا صار الرب بالنسبة لها الإله المخلص. هكذا تدرجت السامرية في معرفة الرب بمقدار تدرجها بمعرفة ذاتها . فحين كانت تنظر من حاجاتها المادية رأته يهوديا, ولما راحت تجول في عالم الدين ظنته أعظم من يعقوب, ولما تعالت إلي الخبرات الروحية ومعرفة الذات والاعتراف بحقيقتها رأته نبيا. وبعدها لما وصلت إلي العبادة بالروح والحق وإلي حرية الإيمان أدركته الإله المخلص.
يكسر يسوع حاجز البغض الذي تعالي بين اليهود والسامريين لأن حواجز البشر لا تمنع الله من سكب نعمه علي من يشاء.