إنها لصرخة الرجاء,تلك التي أطلقها النبي أشعياء وسمعها كل شعب إسرائيل المنفي في بابل,في ما بين النهرين.
لقد أتي الرب أخيرا بنفسه يعلن التحرر والرجوع إلي الوطن.تقدم الله شعبه ليصل به إلي أرض الميعاد.دعوتنا اليوم إذا إعادة تأهيل الطرق وملء الحفر,وتمهيد الأقسام الوعرة.
ومع عيد الميلاد.دعوة الله الذي أظهر منذ الأزل رغبته الحارة بأن يكون وسط أبنائه ”يأتي ليسكن في ما بينهم”.
وغالبا ما نشعر بالرغبة في لقائه في مقابلته,في أن يكون إلي جانبنا في مسيرة حياتنا ونكون مغمورين بنوره.ولكي يتمكن من الدخول إلي حياتنا,علينا أن نزيل الحواجز من طريقه.فليس الأمر أن نجعل الطريق قويمة,بل أن نفتح له قلبنا.
لقد عدد يسوع بذاته بعض العوائق التي تغلق قلبنا أمامه.الحقد تجاه الأقارب أو المعارف,أو أحكام مسبقه عنصرية,أو اللامبالاة أمام حاجات من هم بقربنا,أو عدم انتباه أو نقص في المحبة ضمن العائلة.أمام الحواجز العديدة التي تمنع لقاءنا بالله,ها إن الدعوة تصلنا من جديد.
كيف باستطاعتنا عمليا أن نعد له الطريق؟
حين نطلب الغفران في كل مرة نلاحظ فيها أننا أقمنا حاجزا يمنع الشركة معه.إنه فعل حق وتواضع صادق أمام الله,نظهر أنفسنا له كما نحن,معبرين عن ضعفنا وأخطائنا,وخطايانا.
إنه فعل ثقة نعترف من خلاله بمحبته لنا كأب ”رحوم وعظيم في محبته”.إنه تعبير عن رغبتنا في التحسن والبدء من جديد دائما.
قد يكون المساء,قبل أن ننام,الزمن الأنسب لكي نتوقف قليلا وننظر إلي اليوم الذي عشناه ونطلب منه المغفرة ومن ثم يشكل التقرب شخصيا من سر الاعتراف مساعدة كبري لنا,لأنه سر غفران الله.إنه لقاء مع الرب الذي بإمكاننا أن نعطيه كل الأخطاء التي ارتكبناها.فننطلق من جديد مخلصين,ولدينا القناعة بأننا قد تجددنا,فرحين لأننا اكتشفنا من جديد أننا حقا أبناء الله.
يمكننا أيضا أن نعيش بشدة وبوعي أكبر بداية احتفال الإفخارستيا حين نطلب معا الغفران لخطايانا.
إن الله ذاته وبواسطة رحمته,هو من يزيل كل عائق و”يعد الطريق” ويعيد علاقة المحبة من جديد مع كل واحد منا.
هل نشعر بشوق نحو هذا المخلص فنرنم له مع صاحب المزامير ”كما يشتاق الأيل إلي مجاري المياه كذلك تشتاق نفسي إليك يا الله,ظمئت نفسي إلي الله الحي متي آتي وأحضر أمام الله” ”مز41:2”.
إن عالم اليوم امتلأ من كل شئ إلا من الله,لذلك لا ينتظر شيئا روحيا فقد أصابته تخمة المادة فلو تأملنا الإنسان اليوم نجده ضائعا في الوهم,ثائرا علي كل شئ مفتشا عن اللذة بإصرار أنساه التعقل والتمييز….لذلك خيمت علي عالمنا اليوم ظلمة النوم لأنه يعيش في الحقد والبغض والظلم والحرب.
عالمنا فسد بفساد قلبه وعقله ونفسه,غير القيم التي هي نور وحق وأبدلها بقيم اخترعها وفلسفها وثبت أسسها.فهو بحاجة إلي نور جديد يضئ الظلمة,وإلي مخلص آخر يجدد الحياة فيه,ويبعث الأمل ويعيد السلام المفقود.