في الرسالة إلي العبرانيين فصل11نجد نشيدا فريدا من نوعه يمدح قوة إيمان بعض الشخصيات البارزة في تاريخ الخلاص…ومصطلحأرض الميعاديتكرر بشدة في هذا الفصل.تقول الرسالة إلي العبرانيين عن إبراهيمبالإيمان لبي إبراهيم دعوة الله فخرج إلي بلد وعده الله به ميراثا,خرج وهو لا يعرف إلي أين يذهب وبالإيمان نزل في أرض الميعاد كأنه في أرض غريبة,وأقام في الخيام مع إسحق ويعقوب شريكيه في الوعد ذاته,لأنه كان ينتظر المدينة الثابتة علي أسس والله مهندسها وبانيهاعبرانيين فصل8/11-10.
نري هنا كيف يدخل المؤلف ألملهم عنصرا جديدا غير متوقع.فإبراهيم بصفتهغريبهو القدوة لكل من يعيشون بالإيمان القوي بوعد الله.ثم تضيف الرسالة في عبرانيين فصل13/11-16وفي الإيمان مات هؤلاء كلهم دون أن ينالوا ما وعد الله به,ولكنهم رأوه وحيوه عن بعد.واعترفوا بأنهم غرباء نزلاء في الأرض.والذين يقدلون هذا القول يبرهنون أنهم يطلبون وطنا.ولو كانوا ذكروا الوطن الذي خرجوا منه,لكان لهم الفرصة للعودة إليه.ولكنهم كانوا يشتاقون إلي وطن أفضل منه,أي الوطن السماوي.لذلك لا يستحي الله أن يكون إلههم,فهو الذي أعد لهم مدينة,هذا هو مصير تلاميذ يسوع,فهم يرفضون أي وطن أرض,فهم أمناء علي علاقتهم بالرب الذي صلب:وعن صلب المسيح تقول الرسالة للعبرانيين في فصل12/13-14ولذلك مات يسوع في خارج باب المدينة ليقدس الشعب بدمه,فلنخرج إليه,إذا,في خارج المحلة حاملين عاره.فما لنا هنا في الأرض مدينته باقية ولكننا نسعي إلي مدينة المستقبل.
تعتبر الرسالة إلي العبرانيين أكثر نصوص الكتاب المقدس وخصوصا في روحنة ورفض وجودمساحة أرضية مقدسة.توجد نصوص أخري أقل وضوحا توقف علي هذا التحول ذات المغزي العميق,الذي طرأ علي الجماعة المسيحية في فهمها للمملكة الجديدة والأرض الجديدة.
مملكة يسوع كما تصورها الرسالة إلي العبرانيين:
خبرة القديس بولس الروحية في طريقه إلي دمشق,تجعلنا نري أن بولس تلقي إلهاما أنار كل تعاليمه:ففي المسيح,تصبح الخليقة علي عتبة جديدة,فكل الحدود التي أقامتها المنظومات الدينية تنهار.وعبر بولس عن ذلك في رسالة إلي أهل غلاطية فصل28/3فلا فرق بين يهودي ويوناني,ولا فرق بين عبد وبين إنسان حر,ولا فرق بين رجل وامرأة,لأنكم جميعا أصحبتم واحدا في المسيح.وفي تعداد بولس لعطايا الله للشعب اليهودي طوال تاريخ الخلاص,لا يذكرأرض الميعادالتي أعطيت في العهد القديم للشعب اليهودي.نجد ذلك واضحا في رسالة إلي أهل رومية في فصل4/9-5هم بنو إسرائيل الذين جعلهم الله أبناءه,ولهم المجد والعهود والشريعة والعبادة والوعود,ومنهم كان الآباء وجاء المسيح في الجسد,وهو الكائن علي كل شئ إلها مباركا إلي الأبد آمين.
وهكذا نري أن روحنة الأرض التي يشير إليها العهد الجديد تلميحا فإن كاتب الرسالة إلي العبرانيين يتحدث عنها تصريحا ودون مواربة مما يجعلنا نؤكد علي التحول الجذري الذي طرأ عليأرض الميعاد.فأرض الميعاد يأخذ مكانها شخص يسوع.وهذا التحول يظهر جليا في سر الأفخارستيا.
فبينما نري في العهد القديم أن الأرض هي التي تعطي ثمارا لكي تغذي الشعب اليهودي.وهذه الثمار هي عطية من الله,تعبر عن رعايته لشعبه,وبالتالي علي الشعب ألا ينسي أن يبرهن علي اعترافه بفضل الله عليه كل عام فيشكره علي عطاياه كما جاء في التثنية10/26والآن ها أنا آت بأوائل ثمر الأرض التي أعطيتني يارب,ثم يضعه أمام الرب إلهكم ويسجد بين يديه.فإن جسد المسيح يحل محل الأرض بصفته غذاء يعطي الحياة لمن يؤمن به ويأكله.كما تعبر عن ذلك رسالة بولس إلي كورنثوس الأولي في فصلي10و11.
أما يوحنا الإنجيلي ففي خطبته حولخبز الحياةيسترسل في الحديث عن يسوع:يسوع هو الخبز الذي نزل من السماء,الذي أعطاه الآب لحياة العالم في يوحنا35/6قال لهم يسوع أنا خبز الحياة,فمن يأتي إلي لن يجوع أبدا ومن يؤمن بي لن يعطش أبدا