أصدرت وزارة التربية والتعليم قرارا بتعميم دمج الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة بالمدارس الحكومية,علي أن يتم البدء بمدرسة واحدة في كل محافظة,ويكون ذلك بموافقة واستعداد المدرسة لخوض التجربة.جاء هذا القرار بعد أن طبقت التجربة من قبل بعض الجهات المهتمة بالقضية وعلي رأسها مركزسيتيللإعاقة والذي بذل قصاري جهده لتطبيق الدمج,وبالفعل بعد موافقة وزارة التربية والتعليم بدأ العمل في15مدرسة ووصل عددها الآن إلي25مدرسة في ثلاث محافظات:القاهرة,والإسكندرية,والمنيا.وكان ذلك بالتعاون مع جمعيات أهلية بالمحافظات.
ولكن كيف كانت تجربة الدمج في الفترة السابقة؟وما الذي ينتظرها بعد تعميم التجربة من قبل الوزارة؟وما التحديات التي تواجه القائمين علي هذه التجربة؟
الأطفال العاديون يساعدون
تحدثنا مع د.سامية عزيز أخصائية الإعاقة الذهنية بمركزسيتيحول قضية الدمج,فقالت:من خلال تجربة الدمج التي قام بها المركز في عدة مدارس بالمحافظات وجدنا أن الدمج أحدث تغييرا ملحوظا حتي مع المدرسين في طرق التدريس التي كانوا يستخدمونها وأصبحوا يعملون بشكل وكفاءة أفضل.فعمل هؤلاء المدرسين أصبح ظاهرا بالنسبة للفصول الأخري واتضح الفرق بين المعلمين الذين تلقوا التدريب عن الآخرين.
أما بالنسبة للأطفال بشكل عام فلقد شعروا أيضا بالاختلاف الذي حدث,فالأطفال العاديون تحسن مستوي تحصيلهم الدراسي بشكل كبير من خلال استخدام المدرسين وسائل إيضاح أفضل وطرق للتدريس غير تقليدية.الشئ الآخر هو أن الطلاب المتفوقين تمت الاستعانة بهم كمساعدين للأطفال من ذوي الاحتياجات,وهذا يعد نوعا من الأنشطة الاجتماعية الجديدة علي الطفل.
وتشير د.سامية إلي أهمية خضوع الطفل لاختبارات قبل قبوله في المدارس العادية وقالت:ليس كل طفل من ذوي الاحتياجات قابل للدمج بل هناك اختبارات تحدد نسبة الذكاء وقدرات الطفل وبناء عليه يتم الموافقة علي عملية الدمج.
بالرغم من نجاح التجربة إلا أنه لا يزال أمامها الكثير خاصة وأن الدمج تم علي مستوي المرحلة الابتدائية فقط.ومن المنتظر أن يتم هذا العام مناقشة كيفية الدمج في المراحل التعليمية التالية لوضع استراتيجية واضحة قابلة للتنفيذ علي أرض الواقع.هذا بالإضافة إلي أهمية أن يستمر تدريب المعلمين علي أعلي مستوي من قبل المتخصصين في مجال ذوي الاحتياجات الخاصة,وذلك قبل خوضهم تجربة الدمج.
دورات لأولياء الأمور
ولنتعرف علي التجربة عن قرب ذهبنا إلي إحدي المدارس التي طبقت الدمج وهي مدرسة حدائق شبرا,قال الأستاذ أحمد قطب مدرس لغة عربية عمل بهذه التجربة:التجربة تم تطبيقها في المدرسة منذ خمس سنوات,وفي البداية لم نشعر أن هناك دمجا بشكل حقيقي,وكان الطلاب العاديون يعانون من تعاملاتهم مع نظرائهم من ذوي الاحتياجات,ولذلك نظمت المدرسة دورات لأولياء أمور الأطفال ذوي الاحتياجات,وناقشنا خلالها كيف يتعاملون معهم كل حسب إعاقته,وأصبح الوضع أفضل كما نظمت دورات تدريبية لأولياء أمور الأطفال العاديين لمعالجة بعض المشكلات الخاصة بعلاقة أبنائهم بالأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة.
وعن أكثر المشكلات التي تؤرق المدارس التي تقوم بالدمج,يقول قطب:مشكلة الامتحانات هي أكبر تحد لأن الامتحانات تكون بمستوي الأطفال العاديين,وبالتالي يفترض أن يكون هناك من يساعد الأطفال من ذوي الاحتياجات لتبسيط الأسئلة لهم وهذا غير موجود وأعتقد أنه من الأفضل أن تكون امتحاناتهم مختلفة عن الامتحانات العادية بأسلوب أبسط مناسب لقدراتهم واستيعابهم.
النتائج رائعة
وتنفق معه في الرأي الأستاذة ماجدة السيد موجهة إعاقة ذهنية بإدارة التربية الخاصة بمديرية التربية والتعليم,وعضوة المجموعة المحلية لمشروع الدمج التعليمي بالقاهرة.أضافت:اكتشفت من خلال تجربتي مع الدمج في عدة مدارس أن النتائج رائعة علي المستوي النفسي والاجتماعي للأطفال,وكذلك أولياء الأمور وخاصة لمن لديهم أطفال من ذوي الاحتياجات,ولكن لا تزال هناك صعوبات تعرقل التقدم أحيانا بالنسبة للدمج منها قلة الوعي لدي فئات كثيرة من مجتمعنا عن ذوي الاحتياجات الخاصة ودورهم البناء في المجتمع بالإضافة إلي أهمية التوعية بمعني الدمج وهدفه.
ومن الضروري أن يعقد المسئولون في مديرية التربية والتعليم لقاءات دورية مع أولياء الأمور,وكذلك مع الأطفال العاديين أنفسهم,لحثهم علي تقبل زملائهم الجدد,وفي هذا الصدد يوجد دور مهم للأخصائيين النفسيين والاجتماعيين بالمدارس بالإضافة إلي دور المعلمين الذين تلقوا التدريبات المتخصصة وعملوا في الدمج.