هل تعتقدون أن هذه هي البداية.. نتمني أن تكون كذلك.. أقصد بهذا.. الحكم الذي أصدرته محكمة أمن الدولة العليا طوارئ بقنا بإحالة أوراق المتهم حمام الكموني إلي فضيلة المفتي, وتأجيل الحكم في قضية نجع حمادي للمتهمين الآخرين قرشي أبوالحجاج محمد وهنداوي إلي جلسة 20 فبراير المقبل.
بهذه القضية نستعيد معكم بعض القضايا التي عاصرناها, ونظرة علي الأحكام الصادرة بها أو التي من المنتظر أن يحكم بها, ومنه, قضية الكشح عام 2000, حادث كنيسة القديسين بالإسكندرية عام 2006, خلية الزيتون وقتل جواهرجي مسيحي 2008 ومعه ثلاثة آخرون أحداث العمرانية 2010, الحادث الإرهابي الأثيم بكنيسة القديسين الذي راح ضحيته حوالي 23 شهيدا, حادث قطار سمالوط.
توجهنا إلي نيافة الحبر الجليل الأنبا كيرلس بنجع حمادي بعد النطق بالحكم فقال:
الحكم الذي صدر هو حكم عادل أراح الجميع خاصة أهالي الشهداء والمصابين, وأتوجه بالشكر إلي الله الحاكم العادل الذي لا ينسي المظلومين والمكسورين والمتضايقين, فتكلم الله في قلب القاضي, ويضيف الأنبا كيرلس: يبقي شيء واحد وهو ما يطلبه الأهالي بشدة وهو التعرف علي المحرض.
أوضح أن حادث الإسكندرية ألقي بظلاله علي مصر كلها وليس نجع حمادي فقط, لأن ما حدث ضربة لكل المصريين وللنظام والأمن لأن تنظيم القاعدة قبل الحادث بشهور قام بإرسال تهديدات للأقباط وكان يجب تشديد الحراسة أكثر من ذلك علي الكنائس القبطية, وأنا قلت إن عام 2010 عام بركة لأنه أوله شهداء للأقباط في نجع حمادي وآخره شهداء في الإسكندرية, وأنا قلت لأبنائي في نجع حمادي الموت في المسيحية ربح من السماء, والقضية كانت يساندها شهود الإثبات وتقرير الطبيب الشرعي والتحريات الذي قدمها العميد أحمد حجازي.
أشار نيافته إلي أن الجميع خائف هنا خاصة بعد صدور الحكم بإحالة أوراق الكموني إلي فضيلة المفتي, ولكن الأمن جاهز لرد أي فعل ومن يوم حجز القضية للحكم وهناك تأمين شديد علي الكنائس حتي أن المناطق التي بها كنائس تحولت إلي ثكنات عسكرية, موضحا أنه كان هناك ربط بين قضية نجع حمادي وقضية فرشوط ولذلك طالبنا برد هيئة المحكمة وتم ردها وهناك ربط حتي أنه في أقوال حمام الكموني قال إنه قام بأحداث نجع حمادي بسبب حادث فرشوط ولكن الحقيقة ستظهر في النهاية.
وبسؤال نيافته حول حال أسر الضحايا بعد الحكم وكيف كان حالهم طوال فترة العام الماضي؟ أوضح بقوله: أسر الضحايا مرتاحون لأن المجتمع كله شاركهم في أحزانهم وأقوي مشاركة كانت من قداسة البابا شنودة الثالث وآخرها كانت يوم 3 يناير الماضي فقد اتصل بي الأنبا إرميا وكلمني البابا وقال إنه أناب الأنبا إرميا لزيارة أسر الشهداء السبعة بما فيهم أسرة المجند أيمن, حتي إني قلت لقداسة البابا أنتم في الإسكندرية ولا نجع حمادي قاصدا أن الظروف في الكنيسة كانت صعبة بعد حادث نجع حمادي وبالفعل جاء الأنبا إرميا والتقي بأسر الشهداء جميعا ونقل تحيات البابا وتعزيته للجميع مما كان له الأثر في إراحتهم.
وحول ما شهدته سمالوط مؤخرا قال نيافته: حادث سمالوط إعلان عن وجود تطرف ويجب علي الدولة أن تتخذ حذرها حتي لا تعود مصر لأحداث 1981, ويجب معالجة التطرف في التعليم والإعلام.
ومن جانبه أعرب فريد لبيب والد الشهيد بيشوي عن ارتياحه للحكم قائلا: كان لابد من جود أحكام عادلة حتي يتم القضاء علي التطرف ويحد من حدوث تلك الحوادث المؤلمة, ويقول إن بيشوي ابنه مستريح منذ اليوم الأول لاستشهاده, ولم يكن منتظرا الحكم الأرضي لأن قضاء الله أقوي من القضاء الأرضي, وهكذا أيضا كمال ناشد والد الشهيد أبانوب أعرب عن ارتياحه للحكم ولكن طالب بشدة لمعرفة المحرضين.
وقال جورج صبحي المحامي بالاستئناف العالي وأحد محامي القضية: كنا متوقعين الإعدام للثلاثة ولكننا فوجئنا بإعدام الكموني فقط, وطبقا لمواد قانون العقوبات 39, 40 و41 فإن عقوبة الشريك والمساعد كعقوبة الفاعل الأصلي, ولكن للأسف هذا ما لم يحدث ومن المتوقع أن ينال المتهمان الآخران عقوبات مشددة.
وقال وليد حامد شقيق الشهيد أيمن حامد: الحمد لله علي كل شيء وقد أسعدنا الحكم والقاضي طبق قول الآية الكريمة ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب, ولكن الحكم لن يرجع ما ضاع من دماء أخي الشهيد وإنما هو أقل شيء لصبرنا ومجازاة من يعبث بأمن الوطن ومصر كلها التي أوصي الله بها في كتابه العزيز فنحن نعيش في وطن واحد وتجمعنا مصالح مشتركة, ونحن نثق في قضاء الله وقضاء البلاد وطول فترة العام أقلقتنا ولكن في النهاية جاء الحكم يشفي غليلنا ويريح قلوبنا وأخد بحق السبعة الذين قتلوا غدرا ونشكر القضاء المصري علي نزاهته واقتصاصه لحقنا من القتلة علي عكس الباقين من أهالي ضحايا نجع حمادي كان كمال ناشد والد الشهيد أبانوب حريصا علي حضور جميع الجلسات المحكمة وبعد الحكم وعودته من قنا استقبلنا في منزله في نجع حمادي وقال لنا:
الحمد لله علي الحكم العادل رغم مرور عام علي الحادث إلا أنه أرضي الجميع بالقصاص من الجاني الذي اغتال فرحة سبع أسر مصرية خاصة أن المحكمة التي تنظر القضية محكمة أمن الدولة عليا طوارئ وكان المفترض سرعة الحكم, وأنا أرحب بالحكم علي الجاني الأول وأتمني توقيع أقصي عقوبة علي المتهمين الآخرين حتي تعيش البلد في أمان وسلام ولضمان عدم تكرار تلك المشاكل, وأنا حرصت علي حضور كل الجلسات حتي أري كيف تعيد الدولة لي حقي ممن اغتالوا ابني في ليلة العيد, وسأذهب للمحكمة يوم 20 فبراير وأتوقع صدور حكم عادل ورادع وقاس لكل المتهمين حتي يكونوا عبرة لمن يعبث بأمن البلاد.
أوضح بقوله: السنة الماضية مرت كالدهر كله بطيئة وحزينة وصعبة مليئة بالحزن والآلام وكانت صعبة نفسيا علينا ولكن البابا شنودة الثالث كان المعزي لنا وكان علي اتصال باستمرار حتي بعد حادث الإسكندرية ورغم انشغاله افتكرنا في الذكري السنوية وبعث الأنبا إرميا وفي صلاة الذكري السنوية حضر الأنبا يوأنس والأنبا مرقس والعديد من الأساقفة حتي أن البابا لم يفرق بين أسرة الشهيد أيمن حامد وباقي الأسر المسيحية, بينما للأسف تعامل الدولة لم يكن كافيا ونحن لم نرد منهم شيئا إلا التعزية كما كان يفعل البابا شنودة الذي خفف عنا الحزن والآلام لفقدان أبنائنا.
نوه إلي أن سبب حادث الإسكندرية عدم وجود عقاب للجناة فمنذ أحداث الكشح التي راح ضحيتها 21 قبطيا لم يعاقب شخص واحد والجميع حصلوا علي البراءة, حتي أن كنيسة القديسين التي جري فيها الحادث وقعت بها جريمة عام 2006 وتم قتل أحد المصلين والدولة قالت إن الجاني مختل عقليا وهنا أحس بالتمييز ضد الأقباط, والله خلقنا مسلمين ومسيحيين سواسية, وأنا دائما أردد أن المسلم المعتدل أخي وأنا أعمل في المدرسة الإعدادية بنجع حمادي وأتعامل مع الجميع كإخوتي حتي إني في بعض أعياد الإخوة المسلمين لو تأخرت الرواتب أقوم بصرفها من فلوسي للمدرسين المسلمين ويعيدونها عند وصول شيك المرتبات من أجل أن ينفقوا علي العيد, وأنا أطالب الدولة بحقوقنا في دور العبادة وغيرها من حقوق الأقباط التي تخلق تلك المشاكل, وأقول لأهالي ضحايا حادث الإسكندرية: ربنا يعزيكم ويحمل عنكم الحزن والآلام وربنا يقويكم وتحصلوا علي حقوقكم في عقاب رادع للجناة بعد اكتشافهم كما حصلنا نحن وأثلج الحكم صدورنا.
ونحاول في السطور التالية استعراض بعض الحوادث التي شهدها المجتمع واستهدفت الأقباط.
الكشح عام 1999 – 2000
حادثة الكشح عبارة عن أعمال عنف واضطرابات وقعت في 31 ديسمبر 1999 قرية الكشح بسوهاج أدت أعمال العنف إلي مقتل 20 شخصا كان 19 منهم من المسيحيين وأصيب 33 آخرون بجروح, استنادا إلي إفادات رسمية عن الحادث فإن خلافا وقع بين تاجر قبطي وأحد الزبائن المسلمين عشية رأس السنة كان السبب وراء اندلاع المواجهات, إلا أن التوتر كان سائدا في البلدة عندما استرعت الكشح الانتباه الدولي للمرة الأولي في عام 1998, عندما اتهمت منظمة حقوقية الشرطة باعتقال مئات الأقباط وتعذيب العديد منهم أثناء تحقيقها في جريمة قتل اثنين من المسيحيين وعبرت المنظمة عن اعتقادها بأن الشرطة وقتها كانت تريد إلصاق التهمة بأحد الأقباط لتجنب تصعيد حدة التوتر بين المسلمين والمسيحيين ونفت الحكومة المصرية ذلك في حينه, هذا باختصار ما حدث بالكشح, تم تقديم 96 شخصا للمحاكمة في هذه القضية وبعد فحص دقيق أصدرت محكمة الاستئناف المصرية حكمها بالإفراج عن 92 منهم, وتم إدانة 4 متهمين ما بين 10 سنوات والحبس سنتان وسنة بتهمة القتل غير المتعمد وحيازته علي أحد الأسلحة, وبالطبع هذه الأحكام وقتها لم ترض أحدا, وحادثة الكشح مقاربة لحادث الإسكندرية من حيث كثرة عدد الضحايا وليس الأحداث.
ذكر في هذا الصدد الخبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية عمرو الشوبكي: الدولة هي المسئول الأول عن تصاعد الاحتقان الطائفي لأنها تعاملت معه باعتباره ملفا أمنيا وتركت الخطاب الإسلامي السلفي ينتشر علي شاشات التليفزيون الرسمي وفي المساجد والزوايا طالما أنه لا يتجاوز الخط الأحمر الذي حددته, أي لا يتطرق إلي القضايا السياسية.
سكين الإسكندرية عام 2006
مختل عقليا.. هذه الكلمة كانت أول محل لها في أحداث كنيسة الإسكندرية عام 2006 وقام أحد الأشخاص ويدعي محمود صلاح الدين عبدالرازق حسين صالح – وهو الآن بمستشفي الأمراض العقلية – بقتل أحد المصلين في جمعة ختام الصوم داخل كنيسة القديسين بعد أن طعنه بسكين وذكر نبيل عبدالفتاح – خبير في مركز الأهرام للدراسات قائلا: هناك عدد من الأسئلة حول هذه الحادثة, السؤال الأول أين كانت أجهزة الضبط أثناء انتقاله – بفرض أنه شخص واحد – من مكان إلي مكان دون أن يتم القبض عليه؟ أيضا هناك بعض الروايات التي وردت علي ألسنة بعض الذين شاهدوا هذه الوقائع المتتابعة بأن هناك أشخاصا آخرين كانوا معه, في حقيقة الأمر أيا ما كان القائم بهذه العملية الإرهابية أو هذه العملية التي تنطوي علي درجة كبيرة من التعصب وسواء أكان الشخص بالفعل مريضا نفسيا أو غير مريض, السؤال المهم: لماذا استهدف هذا الشخص هذه الكنائس وفي هذا التوقيت بالذات؟ والنقطة الأخري: قيل في روايات عديدة إن هذا الشخص قام بالذهاب إلي الكنيسة الأولي أكثر من مرة وقام باستخدام عبارات فظة وخشنة تنتهك الآداب العامة وأيضا تنتهك الجوانب العقائدية فلماذا لم يتم التعامل معه قبل وقوع الأحداث.خلية الزيتون وقتل الجواهرجي 2008
أعلنت وزارة الداخلية القبض علي 25 مصريا وفلسطينيا يشكلون بؤرة إرهابية تعتنق فكر التكفير والجهاد وقال البيان إن هذه المجموعة مسئولة عن تنفيذ الهجوم المسلح علي محل مجوهرات مملوك لمواطن قبطي في حي الزيتون في القاهرة في 28 مايو 2008, وهو اعتداء أسفر عن مقتل صاحب المحل مكرم عازر وأربعة من العاملين معه, وتم ضبط مواد أولية تستخدم في تصنيع العبوات المتفجرة لدي المتهمين. وفي التاسع عشر من ديسمبر عام 2010 أجلت محكمة جنايات شمال القاهرة الحكم في قضية خلية الزيتون, إلي جلسة 13 فبراير المقبل.
أحداث العمرانية 2010
أسفرت أحداث العمرانية عن مقتل شخصين هما ملاك مبارك ميخائيل (24 سنة) الذي توفي نتيجة الضرب المبرح ومكاريوس شاكر جادالله (19 سنة), قد تعرض لطلق رصاص علي يد الأمن أثناء الاشتباكات, وبدأت الأحداث عندما قامت قوات الأمن بمهاجمة المسيحيين المعتصمين بمبني كنيسة السيدة العذراء والملاك ميخائيل بشارع الإخلاص بالعمرانية في تمام الساعة الخامسة والنصف صباح الأربعاء 24 نوفمبر 2010 مطلقة قنابل مسيلة للدموع لفض الاعتصام احتجاجا علي قيام محافظة الجيزة بوقف بناء الكنيسة.
حادث قطار سمالوط 2011
هذا الحادث فردي من أمين شرطي يدعي عامر عاشور أطلق الرصاص علي ستة مسيحيين وكان من ضمن الفتاوي الإعلامية التي أثارت مشاعر الجميع بأنه مختل عقليا, وسألنا أيضا المستشار عبدالعزيز الجندي فقال: في حادث الإسكندرية عام 2006 تم إثبات أن الجاني مختل عقليا فعليا مجنون وهنا تنفي المسئولية من عليه لأنه غير واع بما يفعل, ولكن في حداث قطار سمالوط هناك فرق وهو وإن كان الجاني مريضا نفسيا أي يعاني من اكتئاب أو متضايق كما قال فهذا لا ينفي الجرم البشع الذي قام به, وسيحاكم عليه ولابد من حكم رادع وعادل.
الحوادث الأليمة في عام الضيقة
وقال بعض النشطاء ورجال الدين إن الحوادث الطائفية الأخيرة جرس إنذار لتفعيل القانون ومواجهة مسلسل التمييز بين المصريين بحسم.
في البداية وصف ممدوح رمزي المحامي عام 2010 بأنه عام كبيس علي الأقباط, لم يكن به أي إيجابية لأنه بدأ بحادث نجع حمادي المفجع الذي راح ضحيته 7 أشخاص بالإضافة إلي حادث العمرانية الذي قامت فيه قوات الأمن بإطلاق النيران علي الأقباط العزل بالإضافة للقبض علي عدد عشوائي كبير دون وجه حق, وأشار إلي أن قادة الحزب الوطني استفزوا الأقباط بعدم ترشيحهم علي قوائمهم وإسقاط الذين خاضوا مرحلة الإعادة, وقولهم: إن قانون دور العبادة الموحد في حاجة إلي دراسة متأنية, وأشار رمزي إلي أن القانون مقدم منذ سنوات ويخرجه الحزب عند الانتخابات لكسب أصوات الأقباط فقط.
أما الأنبا بسنتي أسقف حلوان والمعصرة فيري أنه بالرغم من السلبيات السابقة إلا أن العام شهد لقاء الرئيس مبارك بالبابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية ومراعاة الإفراج عن محبوسي العمرانية قبل أعياد الميلاد المجيد بالإضافة إلي حكم الدستورية العليا الذي أيد موقف البابا الرافض للزواج الثاني وما تبعه من مناقشة لقانون الأحوال الشخصية لغير المسلمين وجعله يخرج للأضواء.
وعن أحداث العام بالنسبة للكنيسة الإنجيلية أشار د.أندريه زكي نائب رئيس الطائفة الإنجيلية إلي أن العام الماضي شهد بعض الإيجابيات بالنسبة للطائفة وعلي رأسها حل مشكلة كنيسة الأقصر وتولي بعض القيادات المتعاونة في الطائفة بالإضافة للعلاقة الطيبة مع المسئولين وعبر زكي عن أسفه لما شهده العام من أحداث مؤلمة للأقباط في مصر بشكل عام وما شهده العراق من تفجيرات في كنيسة سيدة النجاة.