الأعراض تكشف الأمراض, والأمراض قد تفضح أمراضا أخري.. فمرض إنفلونزا الخنازير وما صاحبه من تأجيل الدراسة لتبدأ بالأمس – وتردد أنباء حول احتمالات توقفها أثناء العام الدراسي, لم يكشف فقط هلع الأهالي علي أبنائهم صحيا, وإنما كشف عن تردي العلاقة بين الناس والمدارس, سواء أولياء أمور أو تلاميذ, فتأجيل الدراسة لقي قبولا وارتياحا لدي الجميع, وتمني كثيرون أن يؤجل العام الدراسي بأكمله بشرط أن ينتقل أبناؤهم لصف دراسي أعلي, أي ليس المهم الدراسة, وإنما الشهادة فقط وكما لو بدا كل المجتمع تمليذا بليدا يفرح لغلق المدارس!!.
ورغم أن مصطلح جودة التعليم يتردد كثيرا إلا أنه ليس موجودا علي أرض الواقع.. وإلا لكان التلاميذ يحزنون لأن الدراسة تتأجل ولشعروا أنهم يفتقدون الكثير بغلق أبواب المدارس, ولكانوا أدركوا أن المدرسة ليست مجرد مكانا لتلقي أو لتلقين العلوم, وإنما مسرحا حقيقيا لاكتساب مهارات حياتية واجتماعية كثيرة.
علي أية حال فقد بدأ عاما دراسيا جديدا وخرج الملايين من أبنائنا يطرقون أبواب مدارسهم أو جامعاتهم, ورفع الأهالي أعيونهم وقلوبهم لله ليقيهم شعر الإنفلونزا. وهو ما يلقي علي عاتق الجميع مسئولية في الوقاية من هذه الأمراض.
ولأن جهاز المناعة القوي يستطيع أن يقاوم الأمراض, تقول د. غادة عز الدين الخبيرة بهيئة الإغاثة الدولية كير: إن مثلث الوقاية هو التغذية السليمة والنوم الكافي وممارسة التمرينات الرياضية والتغذية السليمة لا تكون بملء معدة الطفل بالحلوي والمقرمشات والمواد النشوية, وإنما يحتاج إلي البروتينات والفيتامينات مع الأملاح المعدنية, فعلي الأهال ألا يستسهلوا إعطاء أبنائهم مصروفا يشترون به ما يروق لهم, وإنما يحرصون علي أن يتناول الأبناء طعام الإفطار قبل النزول للمدرسة وأن تحل الفاكهة والخضروت الطازجة محل الحلوي, وكذلك أن يحاول الأهلي تشكيل مجموعات تشجع علي ذلك, وهذا ما فعله أولياء الأمور في بعض المدارس بالولايات المتحدة, إذ اتفق الأهل أن يأخذ أطفالهم الخيار والفلفل الرومي وثمرة فاكهة في وجبتهم للمدارس, إذ أن الأطفال يميلون لتقليد بعضهم وانفراد البعض بأخذ هذه الأطعمة يلقي استنكارا من الزملاء ومن ثم عدم القدرة علي الاستمرار.
ويؤكد الخبراء أن ثاني ضلع في مثلث تقوية جهاز المناعة هو النوم الكافي, لأن السهر والنوم المتقطع يضعف مناعة الجسم ويجعله سهل الانهزام أمام الأمراض, فلتحرص كل أم علي أن يحصل أبناؤها علي قسط مناسب من النوم يتراوح حول الثمان ساعات يوميا – وربما تكون هذه النصحية أكثر إلحاحا أيام الامتحانات حينما يبالغ البعض في السهر.
وقد يحين الوقت لتتصالح الأسرة المصرية مع التمرينات الرياضية ولو البسيطة منها كل صباح والتي تساعد علي تحسين الدورة الدموية بل والحالة النفسية والمزاجية.
ولعلنا نتذكر أن النكد ألد أعداء مناعة الإنسان فإن أحطنا أبناءنا بالحب والتقدير وخففنا عنه ما نثقلهم به من ضغوط نفسية أثناء العام الدراسي سنلعب دورا مهما في تقوية مناعتهم وتحصينهم ضد الأمراض المنتشرة, فكل الدراسات العلمية أثبتت أن الناس السعداء أكثر صحة ومقدرة علي مواجهة أشرس الأمراض.
وإذ نبدأ عاما دراسيا يبدو مختلفا فلعلنا نكون أمناء أمام أنفسنا, فإذا لاحظت الأم ارتفاعا في درجة حرارة ابنها أو إصابته بأية أعراض للبرد فلا ترسله للمدرسة حماية له ولزملائه بل تسرع في عرضه علي الطبيب.. قطعا سيتطلب الأمر تعاونا بين الأب والأم العاملة, إذ يستدعي الأمر البقاء مع الطفل المريض, وهذا لا يعني بالضرورة أن تقوم الأم دائما بهذا الدور بل من تسمح له ظروف عمله أو بالتناوب بين الزوجين فلا يتم تعطيل الأعمال أو تشويه صور العاملين, وأيضا حتي لا يتهمون بالتقصير أو المجازفة بصحة الأبناء, مع كل الأمنيات بعام دراسي جديد ومفيد وخال من الأمراض.