هناك علي بعد ميل واحد من بيت لحم معبد صغير أطلق عليه القوم الأوائل اسمهيكل ملائكة الرعاة لأنهم اعتقدوا أنه في نفس البقعة ظهر جمهور الملائكة للرعاة مسبحين المجد لله في الأعالي وعلي الأرض السلام وبالناس المسرة (لو2:14).
هلل الملائكة بولادة الطفل يسوع, ووقف جمهور منهم يعزفون تراتيل السلام, والنجوم تتلألأ استقبالا للمولود, والمجوس يحتملون عناء سفر شاق من بلاد فارس إلي أورشليم علي ظهور الإبل, تطلعا لرؤية المولود المخلص, وذلك بعد أن أخبرهم معلم المجوسية أن بكرا سوف تحبل وتلد طفلا سيكون هو ملك اليهود, وأوصاهم بتتبع النجم العجيب, لأنه سيرشدهم إلي مكان المولود, وأوصاهم بتقديم الإكرام اللائق به, وبالفعل وصلوا لمكان ميلاد المسيح بعد سنة علي الأقل, واستنادا لما قاله الإنجيلي متي إن المجوس أتوا إلي البيت ولم يقل المذود وأنهم رأوا الصبي ولم يقل الطفل.
قدم المجوس هداياهم وكانت عبارة عن ذهب رمزا لسلطته الملكية, وبخورا رمزا لجوهره الإلهي وكهنوته, ومرا إشارة للآلام والطبيعة البشرية, وقد اكتشفت الملكة هيلانة تلك الذخائر التي وضعوا فيها هداياهم, وهي عبارة عن ثلاث جماجم علي كل منهما تاجها الذهبي, وهي محفوظة حاليا بكاتدرائية كولونيا بألمانيا.
وذكر الأب بيد أسماءهم وجنسياتهم فقال إن كهنة زرادشت في بلاد مادي وفارس, وكانوا معروفين بلباسهم الخاص وكانوا علماء الأمة الفارسية يعلمون الفلسفة والفلك, كما اشتغلوا بالتنجيم ورصد حركات النجوم وعلاقتها بأحداث الأرض. ووصفهم دانيال بالحكمة.
وذكر بيد أن أحدهما يدعي ملخيور ينسب لنسل سام وكان متقدما في العمر اشتعل منه الرأس شيبا وتزينه لحية طويلة, والثاني يدعي كاسبار من نسل حام, وهو شاب ممتلئ قوة لا لحية له, والثالث بلشاذار من نسل يافث وكان رجلا في مقتبل العمر وكأنهم بذلك يمثلون العالم أجمع, وذكر العالم اللاهوتي فرر أنهم من بلاد فارس المتبحرين في العلوم الفلكية.
وعن عددهم ذكر القديس أغسطينوس ويوحنا ذهبي الفم أنهم كانوا اثني عشر, غير أن المعروف أنهم ثلاثة, كما ذكر المؤرخ يوسيفوس والمؤرخ تاسيتوس أنه شاع في العالم الشرقي وقت مولد المسيح اعتقادا بأن اليهودية سيخرج منها ملك قوي, ومخلص للبشرية وذلك بعد أن ساد الفساد, الأمر الذي اتضح من قول سمعان بن غمالائيل بعد أن رأي فجور الناس وإثمهم انذاك, كما استنكر فرجيل شرور الناس وتنبأ بظهور مخلص لهم, كما كتب شكسبير في رواية هنري السادس الفصل الثالث: ألا فازدهي يا نجم في الجوزاء لنكيد للحساد والأعداء.
جاء المولود الإلهي الذي حول الظلام إلي نور, وبدد اليأس, فعلي يمين مريم ملائكة تفرح بشروق شمس البر, ونجم يسطع يبدد الظلام. أما عن يسار مريم فكانت أجناد الشر ترتعد خوفا من العقاب الصارم.
المرجع:
* مجلة الكرمة لحبيب جرجس 1927
* كتاب مخلصون أحاطوا بالمذود لنيافة الأنبا تكلا