انطلاقا من أرضية المواطنة المصرية يجب وضع مشاكل الأقباط علي المنضدة ومناقشتها وعلاجها بمنتهي الشفافيةهكذا بدأ الدكتور عن الدين هلال وزير الشباب السابق وعضو أمانة السياسات بالحزب الوطني محاضرته علي المواطنة وحقوق الأقباط في المجلس الأعلي للصحافة,والتي جاءت ضمن مجموعة من المحاضرات في الدورة التدريبية التي عقدها المجلس حول حقوق الإنسان بالتعاون مع مشروع دعم القدرات في هذا المجال.
استرسل د.هلال قائلا:أؤمن أن كل الأموال التي تدفع بالمادة الإعلامية الموجهة للحض علي كراهية المسيحيين أو العكس هي أموال أجنبية لذلك فإن طوق النجاة يقوم علي تطبيق مفهوم المواطنة,وعندما نتحدث عن هذا المفهوم علينا أن نعلم بضرورة غرسه منذ الصغر فالتعليم في الصغر كالنقش علي الحجر ,لكن لا نستطيع أن نأتي بشخص مشوش ونشرح له ماهية المواطنة لذلك فالأمر عسير لكنه ليس بمستحيل.
المناهج….
الخطوة الأولي تبدأ من الكتب المدرسية إذ يجب الابتعاد عن الكلام المباشر وضخ ثقافة الآخر بعيدا عن التلقين من خلال تمرير أعمال لشخصيات قبطية في مختلف المجالات وعرض أعمالهم وكيفية إخلاصهم لوطنهم دون ذكر هويتهم الدينية أو أي تنويه عن الوحدة الوطنية لأن هذا التنويه يفسد مفهوم المواطنة,ولنترك الطلاب يكتشفون بأنفسهم أن القبطي في هذا الوطن له مواطنة وانتماء مثل المسلم تماما…له ذات الحقوق وعليه ذات الواجبات.
أي إنسان عاقل لابد أن يتعجب عندما يتصفح الكتب المدرسية وكتب التاريخ عموما ليجد حقبة مدتها 600سنة تسقط من التاريخ,وهي الحقبة القبطية,ونحن عندما نعيد دراسة هذه الحقبة نقدم تاريخا غير مشوه لحوالي17.5 مليون إنسان مصري منذ التكوين هم الطلاب في مراحل التعليم المختلفة.
تساءل د.علي الدين:هل سمعتم عن الكاهن(سرجيوس) أحد أبطال ثورة سنة1919,والذي كان مفرطا في وطنيته وفي حبه لمصر لماذا لا يذكر واضعوا المناهج مثل هذا النموذج…لماذا لا يتم تسريب مفهوم المواطنة بعيدا عن زخرف الوحدة الوطنية الذي نراه في المناسبات واللقاءات الرسمية.
ولنا أروع مثال في قصة الطفلين الذين كاد أحدهما أن يغرق في النيل فهرع الآخر لإنقاده فمات الاثنان غرقا وكان أحدهما مسلما والآخر مسيحيا.
الحقيقة أنه لو لم تذكر الصحف عبارةأكبر دليل علي الوحدة الوطنيةلتسرب المفهوم بالشكل الصحيح للنشر!.
المتحدث باسم الله!
لرجال الدين دور خطير في ترسيخ مفاهيم قبول الآخر فالمواطن البسيط يعتبرهم المتحدث الرسمي باسم اللهلكننا نجد بينهم بعض المتعصبين الذين لا يخلو خطابهم الديني من الحض علي الكراهية وعدم احترام عقائد الآخرين وعدم الالتزام بالمبادئ الصحيحة للخطابة…ولكن تري ما السبب في ذلك؟
فوضي بناء الزوايا وتشعبها وزيادتها الهائلة كانت سببا في انتشار خطباء غير مؤهلين لذلك علينا أن نبحث في أسباب تلك الفوضي إذ يوجد قانون يعطي الحق لمن يبني مسجدا أسفل عقاره أن يتمتع بالإعفاءات الضريبية فهل يعقل هذا؟
أما السبب الآخر فسياسي,حيث توجد فئات متطرفة دينيا تود تخصيص منبر شرعي لها أمام المجتمع علي أن يخطب منه أشخاص بأعينهم يرددون ما تبتغي تلك الفئات نشره بعيدا عن رقابة الدولة وخطبائها,وينبع ذلك من منطق متعصب لا يمكن أن تقبله حقوق الإنسان,فالتعصب ضد المواطنة لأنه مبني علي نظرية التفضيل وأن أحدا أفضل من الآخر أو أعلي منه,ومن ثم سادت مفاهيم الأفضلية وتم تهميش فئات كالمسيحيين والبهائيين,ولا يعلم البعض أن أي مصري واحد علي أرض هذا الوطن له انتماء عقيدي مختلف عن الأغلبية يظل مواطنا مصريا له نفس الحقوق وعليه نفس الواجبات.
من هنا كانت أخطر الوسائل تأثيرا في الناس وهي الاتصال والمواجهة عن طريق التعايش المتبادل,والذي لا يحدث علي نطاق واسع إلا في المؤسسات التعليمية خاصة في المراحل الابتدائية والإعدادية التي يسهل فيها تشكيل الفكر وصياغته ولكننا للأسف نعاني من تردي المناهج التي يتم تدريسها لأبنائنا بل ونكتشف في كثير من الأحيان لأنها تزرع التعصب بدلا من أن تعالجه بغرس قيم بديلة.
سيد قطب في المناهج!
استكمل د.هلال كلامه:منذ عامين قام المجلس القومي لحقوق الإنسان بإجراء دراسة بحثية حول حقوق الإنسان والمواطنة في المناهج المدرسية وكانت المفاجأة حينما وجد القائمون علي الدراسة أن المناهج تحتوي علي نصوص وتفسيرات للشيخ سيد قطب الذي تم تنفيذ حكم الإعدام فيه لتطرفه وتعصبه,وتاريخ تطرف هذا الرجل معلوم لدي الجميع.
عندما يحدث ذلك لا يستطيع الواحد منا أن يقول شيئا إلالا حول ولا قوة إلا باللهفبدلا من تدريس أجزاء من كتاب أعمدة الحكمة السبعةللدكتور ميلاد حنا يدرس أولادنا تفسيرات سيد قطب.لذلك أؤكد أن البداية الحقيقية من المدرسة والمناهج الدراسية وداخل الفصول التي يتواصل فيها الأطفال مع مدرسيهم.
لأن هذا التواصل ينقل الإنسان من المعرفة(العلم بالشئ)إلي السلوك(التصرف وفقا لما عرفته وأقتنعت به)كذلك يستطيع التواصل المدرسي الوصول للقري والنجوع التي لم تفلح وسيلة إعلام حتي الآن في الوصول إليها,ونجد الأقباط فيها مكبلين بالمشاكل صغارا أو كبارا فلا يجدون مكانا للصلاة مما يدفعهم لعقد اجتماعاتهم الدينية في البيوت وتحويلها إلي دور عبادة ثم تحدث الفتن الطائفية التي سمعنا عنها جميعا كالعياط,فهل تساءل أحدكم لماذا يضطر هؤلاء الأقباط لاستغلال منزل كدار عبادة!لأن من حقهم ممارسة شعائرهم بالقرب من أماكن عملهم وسكنهم بدلا من قطع مسافات تصل أحيانا إلي عدة كيلو مترات للانتقال من بلد لأخري للوصول لأقرب كنيسة في حين تنتشر الجولا مع بلا ضابط أو قيد!
هم ونحن!!
تقع المسئولية في كل ماطرحناه علي منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية(هكذا قال د.هلال فالحكومة وحدها لا تستطيع فعل كل شئ ليحصل الناس علي حقوقهم ولا تملك وحدها نشر فكر المواطنة لكن كل من يمثل حلقة في سلسلة التعليم عليه مسئولية.كذلك حملة القلم عليهم احترامه وعدم المزايدة علي القضايا الحساسة في هذا البلد وتناول القضايا ذات الطابع الطائفي بل تهويل أو تهويس.
نحن لا نختلف علي وجود مشكلة في موضوع حقوق المواطنة لدي الأقباط ولكن لن يتم حلها بالصراخ أو بتبادل الاتهامات بل الحل في التعليم الذي عليه أن يلغي أولا كلمة هم ونحن ليصبح الجميع نحن.