للعام الثالث والثلاثين يحتفل المكتب العربي للشباب والبيئة باليوم العالمي للبيئة الذي جاء هذا العام بالتعاون مع لجنة ثقافة البيئة بالمجلس الأعلي للثقافة. تضمن اللقاء عرض أربعة أفلام عن التنوع البيولوجي والخلل الحادث به. وعقب الحاضرون علي هذه الأفلام وتناولوا وضع المحميات الطبيعية التي تحافظ علي التنوع البيولوجي بمصر.
افتتح اللقاء الدكتور عماد الدين عدلي رئيس المكتب العربي للشباب والبيئة وأشار إلي أننا في حاجة ماسة لتطوير الثقافة البيئية وتغير السلوكيات وطرق التعامل مع الموارد والقضايا البيئية بشكل يحافظ علي البيئة ويحقق التنمية المستدامة لكون الثقافات التي تعاملت مع البيئة بشكل سلبي هي التي أدت إلي المشاكل البيئية التي نواجهها الآن.
فحوالي ربع الكائنات الموجودة علي الأرض مهددة بالانقراض, كما أن تحقيق تنمية بيئية مستدامة لن يتحقق إلا بالتعامل الصحيح مع قضايا التنوع البيولوجي والتغير المناخي وتدهور الأراضي.
ثم بدأ عرض الأفلام, الفيلم الأول أعده برنامج الأمم المتحدة للبيئة للتأكيد علي أن التنوع أساس الحياة وقدم أرقاما مفزعة عن الخلل الحادث في التنوع مثل أن 130 نوعا من الكائنات يختفي من الأرض كل يوم. وأنه تم القضاء علي 12% من الطيور و28% من الزواحف و35% من الفقاريات و37% من الأسماك. كذلك النباتات فتم القضاء علي 70% منها. أشار الفيلم إلي أن استخدام المبيدات في الزراعة أثر علي النباتات والكائنات الموجودة في التربة, والملوثات العضوية أثرت علي الأمن الغذائي, كما أن القطع الجائر للغابات يهدد استقرار الأرض والصيد الجائر والسياحة الجائرة هددت الشعاب المرجانية التي بسببها ستتأثر 100% من الشعاب في عام 2050, كذلك فالبحيرات معرضة للتلوث والأراضي معرضة للجفاف.
وعلق الدكتور مجدي علام عضو مجلس الشعب وعضو لجنة البيئة بالمجلس الأعلي للثقافة علي الفيلم موضحا وجود قصور في حماية التنوع البيولوجي في مصر بسبب قصور خطط التنمية. فعلي سبيل المثال بحيرات المنزلة والبرلس ومريوط وقارون بعد أن كانت محطات رئيسية للطيور المهاجرة فهي الآن تفتقر إلي التنمية حيث تم تجفيف مساحات منها بشكل عشوائي ومساحتها قلت أكثر من الربع. إلي جانب فقد 16 محطة من محطات الطيور المهاجرة في مصر لثلاثة أرباع مساحتها.
أيضا امتدت يد الإهمال إلي جزر النيل وبالرغم من أنها محميات طبيعية تحتوي علي المخزون الحقيقي للتنوع البيولوجي في مصر إذ تتضمن المكون النباتي والثروة السمكية والطابع الريفي إلا أنه لم يجر بها أي نشاط للحفاظ عليها.
هذا وطالب دكتور مجدي بإعداد دراسة مقارنة بين المعلومات الواردة بكتاب وصف مصر الذي أعد عام 1800 ومقارنتها بالوضع الحالي.
من القطب إلي القطب غنوان الفيلم الثاني تناول هجرة الحيوانات والأخطار التي تتعرض لها. فعرض هجرة 300 مليون إيل عبر أراضي التندرة لمسافة تجاوزت 200 ميل وأوضح المخاطر التي تتعرض لها من الذئاب المفترسة.
ثم تحدث الدكتور محمد الناظر رئيس الجمعية المركزية لتطوير تكنولوجيا البيئة موضحا أن عدد المحميات الطبيعية في مصر سيصل إلي 40 محمية في عام 2025 وستمثل 20% من مساحة مصر. ولأنها الأمل الوحيد للحفاظ علي التنوع البيولوجي فهناك تخوف كبير من فتح باب الاستثمار فيها في غياب الشفافية والضوابط الجادة, والتي يمكن أن تؤدي لضياع التنوع البيولوجي.
تغيير ثقافة المجتمع تجاه البيئة لن يتحقق إلا بدمج ثقافة التنوع البيولوجي في المناهج الدراسية.. كان ذلك اقتراح المهندس أحمد الجوهري مسئول قطاع التنمية بوزارة الاستثمار. وطالب أيضا بضرورة تشديد العقوبات علي الصيد في المحميات وزيادة أعداد أفراد الحراسة بها.
أما الفيلم الثالث فتناول إمكانية إعادة الحياة لمناطق تم تدميرها فعرض إعادة زراعة المانجروف وذلك في دولة كمبوديا بعد أن قضي عليه بفعل الأنشطة التنموية غير المستدامة. قام بهذا المشروع 300 فرد وزرعوا 2500 هكتار بالجهود الأهلية وتحسنت أوضاعهم المعيشية فهم يستفيدون من نبات المانجروف المتعدد المزايا ويقومون بالعمل بصيد الأسماك التي تربي في المياه الوفيرة التي يروي بها المانجروف.
علق علي الفيلم الدكتور عبدالغفارحنيش رئيس فرع المنظمة الأمريكية الإسلامية الدولية بمصر وأحد المهتمين بزراعة المانجروف وأوضح أن نبات المانجروف له فوائد كثيرة مثل استخراج الأدوية منه كما أنه أعظم حضانة للكائنات البحرية.
الفيلم الأخير تناول كيفية تكون السلاسل الجبلية للبحر الأحمر واحتوائها علي أهم وأشهر أنواع الصخور مثل حجراة باطرة وهو نوع من الجرانيت كان ينقل لروما لإنشاء القصور والأحجار الكريمة كالزمرد والمعادن الثقيلة كالذهب.
بعد انتهاء عرض الفيلم الأخير أعلن أحد الحاضرين عن قلقه بعد قراءة تصريح لوزير الاستثمار سمح فيه للمستثمرين بإقامة الفنادق والمسارح القائمة في بحيرة ناصر والتي تعد من أهم المحميات الطبيعية بمصر, أثار هذا الكلام انزعاج الحضور. فهبت المستشارة تهاني الجبالي للتعليق وقالت إن المحميات الطبيعية والموارد الطبيعية مرافق دستورية لا يجوز أن يقترب منها أي مشروع دون أن يناقش بشكل علمي. هذا ما أرساه المجلس الدستوري الفرنسي.
ثم أعلن دكتور مجدي علام أنه سيقوم بتقديم طلب إحاطة في مجلس الشعب للوقوف علي حقيقة هذه الكارثة.
في نهاية اللقاء أعلن الدكتور عماد أبوغازي الأمين العام للمجلس الأعلي للثقافة بعض التوصيات منها تنفيذ المقترح الخاص بعمل دراسة مقارنة بين كتاب وصف مصر والواقع البيئي الحالي.
أيضا إدماج البيئة في مناهج التعليم. وأشار إلي أنه منذ أسابيع وقعت وزارة الثقافة اتفاقية مع وزارة التريبة والتعليم وسيتم إدراج هذا المقترح ضمن بنود الاتفاقية, وستقدم لجنة البيئة بالمجلس الأعلي للثقافة محتوي هذا المنهج.