جدل وصخب وتردد من جانب الحكومة في مسألة اختيار القيادات الجماعية, وهناك حالة ثورية تنتاب الأوساط الجامعية في إتجاه إختيار عمداء الكليات, ورؤساء الجامعات بالانتخاب. ويبدو أن هذا هو الاتجاه الذي سيفرض نفسه في نهاية المطاف.
خطأ أن ننظر إلي أن الانتخاب هو الوسيلة المثلي لشغل المواقع المختلفة, لأن المسألة ليست في ديموقراطية الاختيار بقدر ما هي في كفاءة الاختيار. ولنا في الجامعات المتقدمة المثل والعبرة. في الجامعات البريطانية علي سبيل المثال لا يوجد رئيس جامعة من الوسط الأكاديمي, ولكن عادة ما يكون شخصية عامة مرموقة, وتكون مقاليد الحياة الجامعية في يد ##نائب رئيس الجامعة##. المناصب الأكاديمية لا تملأ بالانتخاب, ولكن عن طريق إعلان ينشر, ويتقدم المتنافسون, وتشكل لجنة اختيار, وتمضي وقتا في دراسة الطلبات المقدمة ثم تختار الأكفأ, وليس بالضرورة أن يكون من نفس الجامعة, بل عادة ما يكون من خارج الجامعة. لا يوجد شيء في النظام التعليمي اسمه تعيين ##معيد## و##مدرس مساعد## ثم ##مدرس## إلخ, لا يوجد تعيين أبدي, ولكن كل مرحلة تشغل بنفس الآلية, إعلان ثم لجنة اختيار, ثم امتحان المتقدمين, واختيار الأفضل. في بعض الجامعات الأمريكية لا يمنح من يحصل علي درجة الدكتوراه فرصة للتدريس في الجامعة نفسها, لأنه في العرف الأكاديمي قد أخرج كل ما عنده في رسالة الدكتوراه, فماذا سيضيف إذن للجامعة؟ الأفضل- من وجهة نظرهم- أن يعطي فرصة للتدريس في جامعة أخري حتي تستفيد منه.
النظام التعليمي الجامعي في مصر لن يتطور باللجوء إلي الانتخاب, ولكن باختيار الأكفأ عبر وسائل تتيح المنافسة, دون محسوبية, لا يوجد منصب أبدي, ولكن عقود عمل في جامعات ينتقل من بينها الأكاديميون وهو ما يثري الحوار والنقاش العلمي, ويفيد مناخ العمل الأكاديمي. الانتخاب قد يخلق الشللية في الجامعة, ويؤدي إلي بروز عناصر لها شعبية, ولكن لا تمتلك العلم أو حتي الكفاءة الإدارية.