الحب سر الوجود – وبلا مبالغة – فالحب هو سبب وجود كل البشرية, سبب وجود الحياة فبالحب نحيا وبالحب نمضي وبالحب تتولد كافة المشاعر الأخري – ولكن لم يتحقق كل ذلك بالحب وحده بقدر ما تحقق بالحب مشمولا بالسلام – وفي يوم الحب تعودنا أن نقابلكم ونشارككم الحب بمعانيه, ولأننا نحيا أوقاتا نلتمس فيها السلام أكثر من أي شيء.. وجدنا أن يحمل ملفنا في هذه المناسبة عنوان: الحب علي أجنحة السلام.
وكل عام وأنتم تحيون الحب وتعيشون السلام
دائما يراود الشباب تساؤل: لماذا يرفض آباؤنا الحب؟ لماذا يشعرون بأننا تافهين لا نعرف معني الحب؟ هل لأنهم لا يعرفونه؟ أم لديهم وجهة نظر خاصة, تري في كل شاب مراهق وكل فتاة تافهة وسطحية. لماذا هذا الفارق الكبير بيننا وبين آبائنا؟
- هذه الأسئلة وغيرها الكثير يطرحها الشباب وتظل بلا إجابة لذلك كان علينا استدعاء جيل الآباء ومواجهتهم بها..
رد علينا ضاحكا سمير كشميري 65 سنة: أنتم تفهمون الحب خطأ وهذا ما يجعلنا ننقدكم علي الدوام ولكننا ننتقد طريقة الحب نفسها وليس الحب في ذاته, نحن لا نعترض علي الحب فجيلنا تمتع بقصص حب رائعة اكتملت بالزواج فلم يربطنا زواج الصالونات كما يعتقد شباب اليوم..
- وقال محمد خليل 55 سنة: ما تعيشونه ليس حبا وإنما تسلية ولعب عيال واستهتار بعقول البنات التي تخرج للجامعة لا تعرف أي شيء عن شريكها في المجتمع لذلك تنبهر به بسرعة وتعتبره الحب. وينتهي هذا الشعور بمجرد معرفتها بالشخص معرفة دقيقة ثم تبحث عن شاب آخر ليبهرها بشخصيته وتعاد القصة من جديد وهذا ما لا يمكن تسميته بالحب.
- سألنا بعض الكبار أيضا عن الفارق بين الحب أيام زمان وهذه الأيام فقال مجدي حنا 53 سنة: لم تعرفوا وتتذوقوا لذة الحب, فعصر السرعة الرهيب الذي تعيشونه أفقدكم جمال الحب, فلقد تزوجت عن قصة حب كبيرة مازالت مستمرة حتي الآن وكنت لا أري حبيبتي كثيرا بسبب ظروف عملي ولكن كنا نرسل لبعضنا الخطابات الفياضة بالمشاعر التي تعبر عما بداخلنا وأرسل لها وردة حمراء من الممكن أن تذبل في الطريق إليها ولكن رحيقها يبقي طالما الحب باق وكنت أنتظر بلهفة وشوق خطابها وأقرؤه عدة مرات, أما الآن فابنتي مخطوبة وألاحظ جيدا طبيعة علاقتها بخطيبها فبدلا من تبادل الخطابات أصبحت المسألة أسهل من ذلك لتتخلص في عدة كلمات كرسائل تليفونية لترسل الرسالة والورود الحمراء كذلك أصبحت في صور علي الموبايل.
وقالت نادية يوسف 48 سنة: إذا سمعتم عبدالحليم وأحببتوه بصدق وفهمتم معاني كلماته فستكونون علي عتبة الحب الحقيقي, فالحب ليس رسالة علي التليفون ولا لمس الأيادي في الطرقات وإنما في زماننا كان أسمي من ذلك وأرقي, كانت الشهور والسنين تمر عليه لتقويه ولا تصيبه بالملل أما اليوم فقلوب الشباب تتغير مع حرارة الجو وأصبح إيقاع الحب سريع كالتكنولوجيا عموما ولهذا أخشي دائما علي بناتي من هذا الحب الذي أعتبره حبا زائفا.
- ولأن كل الكبار اتفقوا علي تسفيه حب هذه الأيام, حاولنا ألا نظلم شباب وبنات هذا العصر ونسألهم لماذا اختفت الرومانسية في تعامل الرجل مع المرأة واكتسبت الحياة شكلها العملي السريع؟ ولماذا اختفت ظاهرة مناجاة الحبيب لحبيبته أسفل شرفتها والمطر يهطل؟ واختفت الرسائل المغسولة بدموع المحبين واختفي معها كافة أشكال الرومانسية الكلاسيكية واستبدلت برسائل نصية من المحمول والبريد الإلكتروني وأصبح تقبل الأهالي للحب مختلف.
قررنا سؤال أول ثنائي عن كل ما يدور في عقولنا من أسئلة, فكان نموذجا سعيدا متزوجان منذ 10 أشهر وتقول الزوجة مروة إنها ونادر زوجها عاشا أعظم قصص الحب ودون مبالغة, فزوجها هو أول شخص تحبه في حياتها وظلت متمسكة به رغم اعتراض الجميع بسبب فارق السن بينهما, نادر يبلغ من العمر 31 عاما بينما لا تمتلك مروة من سنوات الدنيا إلا 20 عاما ولكنهما عاشا أربع سنوات مميزة في حياة كليهما كانت تنتظر انتهاء يومها الدراسي لتسير بصحبته من المدرسة الثانوية وحتي منزلها وهي تشعر بخوفه عليها وحنانه الزائد, وحانت لحظة العمر بعد حصولها علي الثانوية واحتفلت العائلة بزواجهما المبارك واستقرارهما في عش هادئ صغير بعد سنين من التجوال وعدم الاستقرار, ويقول نادر إن زوجته ترددت كثيرا في تلك الخطوة شاعرة أنها أصغر من تحمل مسئولية الزواج ولكنه ساعدها أكثر من مرة وهي كذلك كانت بجانبه في عدة عواصف هبت لتنال من بيتهما السعيد ولكن ما إن فاجأته بحملها – وكان هذا يوم عيد ميلاده – شعر بأنه لا يقف علي الأرض أصلا ومن وقتها وهو يحلم بخروج ابنتهما للنور واتفقا علي تسميتها شاكيرا.
- وينصح الزوجان أي شاب وفتاة أن يسرعا في الاستعداد للاستقرار بعد سنوات الحب وتتويج كل هذا بثمرة جميلة ناطقة.. ماما.. بابا.
وبعيدا عن الصراع واختلاف المفاهيم بين الأجيال المتعاقبة قررنا سؤال د.عصام عبدالله أستاذ الفلسفة بجامعة عين شمس عن اختلاف الاهتمامات وفقا للمتطلبات فقال: لا يختلف أحد علي معني الحب وأهميته مهما اختلفت الأجيال والعصور, ولكن آليات التعبير هي المختلفة فقديما كانت نظرة أو كلمة أو حتي وردة تكفي للتعبير عن الحب أما الآن وبعد اقتحام الموبايل والكمبيوتر دنيانا ظهرت الرسائل الإلكترونية والهدايا عبر الـفيس بوك.
- ويكمل د. عصام: لقد أصبح عيد الحب كرنفالا ملئ بالألوان الحمراء في الملابس والهدايا وهذا ما يشغل فكر الشباب أما قديما فكان من يحتفلون به قليلون قياسا بمن يحتفلون به الآن وحتي الكلمات كانت قديما هجرني, لوعني وكأنها كلمات امتزجت بالغزل الصريح والعفيف في قاموس واحد, أما الآن فأصبح معني الحب متعدد المعاني والطرق وكل جيل ينحاز لفكر جيله ويرغب في تثبيت التاريخ عنده لا يعرفون أن مشاعر الحب الحقيقية تهز أي إنسان ولكنها فقط كانت بسيطة وساذجة أما الآن فالشباب مثقف ولديه وعي ولا يصدق أي كلام باسم الحب.
- ويشجع د. عصام الشباب علي الاستمتاع بالحب وعيده ولكن بوعي وحذر.
الدكتور هناء لمعي إخصائية الصحة النفسية تقول: مفهوم الحب لدي الأجيال القديمة الأجداد والأدباء يختلف عن الأجيال الحديثة الشباب والأبناء حيث يأخذ مفهوم الحب قديما معني العطاء بسخاء في شكل رومانسي نقي سامي.
أما الشباب في هذه الأيام فأصبحت الحياة المادية تسيطر علي فكرهم حتي في الحب ممتزجة بعاطفة متدفقة ليصبح حبا عنيفا بعيدا عن مشاعر الحب الناضجة.
تري د. هناء أن وسائل التعبير عن الحب اختلفت, والأدوات الحديثة في التعبير عن الحب أصبحت تسبب فجوة في الأسرة المصرية فقديما كان متاح للشباب مصارحة والديهم بوجود حبيب أو الخروج في عيد الحب, لكن الآن أخذت التكنولوجيا أولادنا عن مناقشتنا في حياتهم الرومانسية متخذة مسارا سريا وفقدان معاني الحب عبر الأسلاك واستبدالها بألفاظ جنسية في منتهي الخطورة.
وأصبح التعبير عن الحب الآن تغلب عليه التصرفات الاندفاعية والعنيفة.
تقدم د. هناء لمعي نصيحة للشباب بعدم السماح للمادة أن تسيطر علي معني الحب عندهم.