ذكري انتصارات أكتوبر تمثل للمصريين جميعا ذكري لا تنسي, ففي هذا الشهر من كل عام نحتفل بالانتصار العظيم الذي انتظره المصريون لسنوات. ولكن الأجيال الجديدة من طلاب المدارس لم يعيشوا لحظات الحرب أو كان أحد أفراد أسرتهم من المحاربين بها…لذلك نجد بعضهم يعرف القليل عن حرب أكتوبر, والبعض الآخر لا يعرف عن 6 أكتوبر سوي أنه يوم إجازة…!!! ولكن أمام هذه التغييرات الكثيرة أصبحنا الآن في أشد الحاجة لبث روح أكتوبر في الأجيال الجديدة…روح الانتصار والتضامن الحقيقي لأبناء الوطن الواحد.
بالتأكيد هناك الكثير الذي نحتاجه لبث روح أكتوبر من جديد في الأجيال الحالية والقادمة ولكن من أين نبدأ؟ سؤال طرحناه علي ملاك لوقا الكاتب, وعضو المنظمة المصرية لحقوق الإنسان, فأجاب قائلا: بداية لو تحدثنا إلي أطفال في مرحلة الحضانة أو الابتدائي عن حرب أكتوبر فإننا سنجدهم لا يعرفون عن 6 أكتوبر سوي أنه يوم إجازة, أو أنه مجرد ذكري لانتصار مصر في الحرب لذلك فنحن نحتاج إلي أن ننمي ونرسخ لدي الأجيال الجديدة الانتماء إلي وطنهم والتعرف علي تاريخ بلدهم. وهناك عدة اتجاهات يمكن أن تنمي وتعمق روح أكتوبر وسط الأجيال الحالية, منها أن تكون لوزارة التربية والتعليم دورا كبيرا في ترسيخ روح أكتوبر بين الطلاب بالمراحل التعليمية المختلفة سواء من خلال المناهج الدراسية أو مادة التاريخ بالأخص.أو تحديد الحصة الأولي قبل الاحتفال بانتصارات أكتوبر للتحدث عن فترة حرب الاستزاف وأكتوبر1973. أو أن يتم إنتاج أفلاما تاريخية مبسطة للأطفال عن حرب أكتوبر وتقدم لهم في التليفزيون وتعرض في المدارس في هذه المناسبة.ويجب أن تسود روح أكتوبر في البرامج والأعمال الدرامية التليفزيونية, وأن يتم فيها أيضا إبراز دور المرأة الأم والأخت والزوجة أثناء حرب أكتوبر ومن قبلها منذ حرب الاستنزاف حيث كان دورها لا يقل أهمية عن الرجال داخل المعركة حيث كانت تقوم بالاهتمام بالجرحي في المستشفيات بشكل مستمر ويشعروهم بأهمية الدور الوطني الذي قاموا به في الدفاع عن وطنهم.
وأضاف ملاك لوقا أنه لحسن الحظ وجود بعض المشاركين بهذه الحرب بيننا حتي الآن أو أناس عاشوا هذه المرحلة سواء كانوا عسكريين أو مدنيين, ويمكننا الاستفادة من خبراتهم والتعرف عليها وإلقاء الضوء علي قصص كفاحهم في هذه المرحلة علي القنوات التليفزيونية المتعددة.
وأكد ملاك لوقا علي أنه إذا عمقنا روح أكتوبر في وقتنا الحالي فإننا سنربح الكثير, فمثلا كانت معدلات الجريمة قليلة جدا آنذاك, وألتف الشعب حول الدفاع عن الوطن ولم يكن هناك أحدا ينظر إلي ديانة الآخر ويتعامل بمنطق أنه مختلف عنه وليس مصري مثله, بل لقد كان جميع المصريين بالمعركة يدا واحدة لا يفرقهم أي اختلافات دينية أو ما شابه. ولم يكن هناك أي نوعا من التعصب مثلما يحدث الآن. لذلك فنحن نحتاج بالإضافة إلي روح أكتوبر في وقتنا الحالي إلي مشروع أو هدف قومي يلتف الشعب حوله وهذا سينعكس بدوره علي المجتمع بشكل عام.
واتفقت معه في الرأي الدكتورة هدي زكريا أستاذة علم الاجتماع السياسي, وأضافت: نحن نحتاج لبث روح أكتوبر بين الأجيال الجديدة, فنحن في خطر حقيقي لأنه هناك تعتيما علي حقيقة الأوضاع. فالأجيال الجديدة ليس لديها مناهج تعليمية تربي لدي التلاميذ ذاكرة حقيقية, بالعكس فالأجيال الجديدة غير متاح لها دروس تاريخية جيده,ليس ذلك فحسب بل أن هناك تعتيم علي بعض الحقائق الأساسية.فعلي سبيل المثال نظل نتحدث طوال الوقت عن هزيمة 1967 بالرغم من أنها كانت هزيمة عسكرية ومؤقتة ومحدودة, دون الالتفات إلي الانتصارات التي تمت في حرب الاستنزاف. حيث إن هذه الفترة كبدت إسرائيل خسائر أكثر بكثير مما خسرتها في حرب أكتوبر ذاتها, فحرب الاستنزاف كان بها بطولات لا يذكرها أحد إلي يومنا هذا.
وأشارت هدي زكريا إلي أن الهزيمة الحقيقية من وجهة نظرها هي التي تتولد من الداخل, فبدلا من وجود تاريخ واحد لعنصر واحد اسمه المصريون وهو الذي كان يحميهم عند حدوث هزائم عسكرية لوطنهم.أصحبنا الآن مهددين, ثقافيا حيث يتم تقسيمنا في الوطن علي أرضية دينية أو جنسية أو طبقية…إلخ, والجميع فقد أحساسه بالأمان لذلك فنحن نحتاج لروح أكتوبر طوال العام وليس فقط في الاحتفالات بشهر أكتوبر, فالذاكرة هي روح النضال بصفة عامة لذلك فإنه من الخطأ الشديد في حق الأجيال الجديدة عدم بث روح أكتوبر فيها سواء من قبل المؤسسات التعليمية أو الإعلامية أو غيرها من مؤسسات الدولة.