حالة الحراك السياسى التى تشهدها مصر مؤخراً تتطالب من الجميع المشاركة بالعمل والفكر لتقديم أفضل ما لديها لبناء الوطن .الذى يحتاج لكل السواعد والعقول لكى يتقدم ويخرج من كبوته .من هذا المنطلق كتب الأب رفيق جريش مدير المكتب الصحفى للكنيسة الكاثوليكية فى مصر وثيقة أطلق عليها إسم الوثيقة الإيمانية والتى طالب القوى السياسية بمناقشتها .بالإضافة أو الحذف .حول هذه الوثيقة كان لنا مع الأب رفيق هذا الحوار
– فى البداية ما فكرة هذه الوثيقة وكيف جاءتك ؟
– – فى ظل إهتمامى بما يدور على أرض الوطن من حراك سياسى .شعرت أن هناك حالة من عدم التوافق على وثيقة المبادىء الحاكمة للدستور.وأين توضع هل مقدمة للدستور أم فى قلب مواده .كذلك رأت أن الكتل الدينية هى الأكثر تصارعاً وظهوراً بين القوى السياسية .وهذا الصراع بالأساس هو صراع على التعريفات والمصطلحات السياسية والدينية .كما أن الواقع يؤكد أن المصرى شخص متدين بطبعه ورفض رفضاً باتاً المذهب التى تبعد الله عن السياسة كما فى فرنسا, وفى نفس الوقت يرفض النموذج الدينى لدرجة التعصب والتطرف كما هو الحال فى السعودية أو إيران ومن هنا تسألت لماذا لانضع مبادىء إيمانية يتوافق عليها الجميع من أجل أن نؤكد أن الله حاضراً فى بلادنا وفى نفس الوقت لانزيد على هذا .وفى نفس الوقت يمثل أرضية مشتركة بين الجميع ,
– وماهى أهم المبادىء التى جاءت فى الوثيقة؟
– أولاً أريد أن أوضح إنى أدعو لدولة مؤمنة لا دولة دينية لذلك أطالب بأن يكون المبدأ الأول.لا تفريغ للمجتمع من “الله” الذى يعبده الجميع مسلمين ومسيحيين ويهودًا.
و ترسيخ المبادئ الروحية المشتركة فى جميع الأديان ، والتى يؤمن بها الجميع ، حتى ننمو بمجتمعنا نموًّا صحيحًا بعيدًا عن الإنغلاق والتعصب وإقصاء الأخر.
وفى الوثيقة “الإيمانية” المشتركة التى أدعو إليها، علينا أن نؤكد فيها على عدة مبادئ يتوافق الجميع عليها:
1. إن صاحب السلطة فى مجتمعنا المصرى هو الشعب وليس الحكام من ناحية أو رجال الدين بتفاسيرهم المختلفة من ناحية أخرى. فعلينا أن نحقق هذه السيادة بل نربى المجتمع على ذلك.
2. إن دور الدين هو لتقوية وقيادة ضمير الإنسان مع إعمال العقل وليس الإكتفاء بالنقل أو تبجيل أو التقليد، وبالتالى تترسخ فى المجتمع القيم الأخلاقية العليا ويعمل الشعب بذاته على تحقيقها واحترامها.
3. إعلاء قيمة الحرية والإيمان بها والوعى بدورها فى تحقيق تقدم الإنسان والمجتمع المصرى. والحرية الحقيقية هى فى إحترام حرية الأخر.
4. إعلاء سيادة القانون، فيكون فوق الجميع والتخلص نهائيًّا من المحسوبية والأساليب العرفية (فى أحداث فتنة طائفية) فالجميع أمام القانون سواسية.
5. العمل سريعًا على توعية مجتمعنا المصرى بعدم التمييز بين مواطنيه بسبب الدين أو اللون أو الجنس أو العرق أو أى تمييز أخر ، فالجميع مواطنون مصريون متساوون أمام القانون ولهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات.
6. على الخطاب الدينى أن يكون خطابًا واعيًا يعمل على إحترام عقل المتلقى و واقعه ويواكب المتغيرات الحديثة دون المساس بالعقائد الدينية.
7. ألا تستغل منابر المساجد أو الكنائس أو المنابر الفضائية فى إحداث فتنة طائفية أو فى هجوم خطباء الدين على دين الأخر ، بل العمل على ترسيخ الوحدة الوطنية بمعناها الحقيقى إذ أن الدين لله والوطن للجميع.
8. العمل على ترسيخ القيم المشتركة والموجودة فى جوهر كل دين مثل الحرية الإنسانية – حب الوطن – العدالة الاجتماعية – الضمير المهنى – الإلتزام الشخصى – وما إلى ذلك من المبادئ الروحية التى يحتاجها مجتمعنا.
9. توجيه الزكاة أو العشور لأعمال خيرية وتنموية مشتركة تخدم الفقراء والفئات المهمشة والمحرومة والعمل على الإرتقاء بهم .
– وهل ترى أن مصطلح الإيمان متوافق عليه هو الأخر؟
– -من الممكن أن نجعل مصطلح الإيمان مصطلح معقد ولكن يمكن أن نتحدث عنه حسب الفهم المصرى له .وهو مايعنى الإعتقاد بالله ورسله وكتبه واليوم الأخر .إذن هناك توافق على المصطلح ويبقى التوافق على العيش المشترك دون الدخول فى تعقيدات عقائدية تزيد من الفرقة فبناء مصر أهم من البحث عن التفاصيل التى يسكن فيها الشيطان فالجميع يتوافق على تحريم الشرور والإتفاق على الفضائل والأمانة والواجب واحترام الأخر والعمل الجاد إلى غير ذلك
-= ألا ترى أن استخدام المصطلحات الإيمانية نوع من تكريس الدول الدينية ؟
– – هذه ليست تكريس للدول الدينية .بالمعنى السعودى أو الإيرانى للكلمة بل هى تكريس للمفاهيم والقيم الروحية .الموجودة فى الإنجيل والقرأن .كامر مصرى خالص وبدل أن نبحث فى مصطلحات تم تلويثها وتشويها فى الشارع من شيوعية وليبرالية وعلمانية فلماذا لانجد تعريفاً مصراً صميماً يتناسب مع واقعنا المعاش ويعبر عن المصرى بكل أطيافه وأنا هنا لا أطرح تعبيراً أو مصطلح جاهز من عندى بل أنتظر أن يتوافق الجميع حوله .وهنا على الدولة أن تصحح المفاهيم وتعمل توعية الشعب على قيم الديمقراطية وعدم التمييز بكل أشكاله
– هل تعد هذه الوثيقة دليل على إشتغال رجال الدين بالسياسة؟
— كتبت هذه الوثيقة بصفتى رفيق جريش لا كرجل دين بل كمواطن مصرى أهتم بالشأن العام من خلال رعيتى من ناحية وعملى الصحفى من ناحية أخرى مما يجعلنى أستطيع أن أعبر عن فكر الناس
– عندما نشرت الوثيقة هناك من هاجمك بصورة قاسية وخاصة من التيارات المتشددة فما ردك؟
أنا أحترم رأى الجميع وأفضل أن تكون الردود عقلانية ومنهجية وبعيدة عن التعصب والغوغائية
– وما خطتك المستقبلية حول الوثيقة؟
– أقوم حالياً بعرضها على مجموعة من المفكرين والسياسين لمناقشتها بالإيجاب أو السلب فى تعليقات ومقالات ثم أجهز لنشرها بالإتفاق أو الإختلاف حولها فى كتاب
==
س.س
24 سبتمبر 2011