في الممر المؤدي إلي مدخل الجريدة وقعت عيناي علي امرأتين في منتصف العمر واقفتين أمام المدخل, إحداهما تحمل طفلا معاقا علي يديها.. ما من أحد يراه إلا ويصيبه الوجع.. لم يتحدثا إلي.. أكملت السير في طريقي واثقة أن مقصدهما مكتبي.. ولم تمر ربع ساعة حتي تلقيت خبر انتظارهما في الاستقبال.. صدق حدسي.. إنهما أختان جاءتا من إحدي محافظات الوجه البحري.. واحدة يكسوها الحزن والأخري يقهرها ضعف الحيلة.. يغلق الحرج حديثهما.. بدأت الأولي تروي مطلبهما قائلة: أنا أم لثلاثة أبناء, في عام 1998 تعرض زوجي لحادث سيارة كان عنيفا جدا.. قرر الأطباء آنذاك إجراء عملية جراحية وكان المطلوب تركيب شريحة وستة مسامير ومسمار نخاعي ومسمار في الأنكل, وبتر في الإصبع الأوسط للقدم فضلا عما تعرض له من كسر في الحوض وفي الفقرة الأولي بالرقبة وارتخاء بالأعصاب.. وتمت الجراحة بسلام.. نجا زوجي بعد أن فقدنا الأمل في نجاته.. كنت أرفع وجهي إلي الله وأطلب منه أن يعيده إلينا حتي وإن كان عجزا فوجوده بين أولاده لن يعوض عنه أي شيء تجاوز.
وشكرنا الله.. وبدأ يتماثل للشفاء وبدأنا نبحث عن عودته بحالته الصحية الجديدة إلي عمله.. فهو شبه عاجز.. وبالفعل تم تعيينه بالشهادة الإعدادية ضمن نسبة الـ5% المعاقين والذين يتم تعيينهم وجوبيا أمام الراتب فتم تحديده 140 جنيها شهريا.. ربما يتعجب البعض من هذا الرقم الذي كان يجب علينا ونحن خمسة أفراد أن نعيش به طيلة شهر كامل, هنا توقفت السيدة الحزينة عن الكلام وأغرورقت عيناها بالدموع.. ثم أحنت رأسها قائلة: كان لازم أشتغل علشان نقدر نعيش.. عشر سنين باشتغل في البيوت باخدم الناس برصيد صحتي لغاية ما جاتني كل الأمراض ضغط وسكر والتهاب أعصاب وقرحة في المعدة.. تضاءل إيماني بكل الأشياء بالحياة.. بالسعادة.. بالشفاء.. ربما لو كنت أملك قسطا من التعليم لكان حظي أوفر في عمل أكثر كرامة وأكثر راحة!.
بكت العينان الحزينتان ورفعت أمامي كلتا يديها كي أنظر إلي ما بهما من ضمور نتيجة التهاب الأعصاب ثم أكملت عبارتها: بلا حيلة توقفت عن هذا العمل.. لم يكن لدي البديل وتكلفة علاجي الشهري 200 جنيه, تصورت أنني عندما أتوقف عن العمل سوف يتوقف الألم وأوفر تكاليف علاجي لكن أخطأت فليس لي منفذ ولا باب رزق ولا معيل سوي 140 جنيهآ شهريا فكيف لنا أن نحيا بها؟ جئت هنا بعدما أضناني التفكير وأغلقت الأبواب في وجهي, جئت آملة أن أجد ما يسد أفواه أبنائي وحاجتهم حتي يكملوا مراحل التعليم التي بدأوا فيها.
وسط دموعها المنهمرة بدأت شقيقتها تتحدث فكل منهمها جاءت لتروي ضائقتها.. وكل تبحث عمن يحل مشكلتها قالت الشقيقة الصغري: بيتي مستور ولي ثلاثة أبناء مثل أختي تماما وفي نفس أعمارهم.. ليس لي عمل بينما يعمل زوجي كاتبا في المجلس القروي براتب 800 جنيه.. يكفينا الراتب بالكاد لكننا مستورون.. أولادنا في مراحل التعليم المختلفة.. لكن وجيعتي في ابني الأوسط الذي أنهي الشهادة الإعدادية بتفوق لكنني لن أتمكن من استكمال المسيرة معه, نظرت إليها متعجبة وسألتها: لماذا: ربتت بكفيها علي ظهر الصغير الذي تحمله وقالت: علشان ظروفه اللي انت شايفاها دي وأصابني الذهول فهل يمكن أن يكون هذا الطفل الصغير المعاق في سن الخامسة عشر من عمره.. لم أفتح فمي ولم أنطلق بكلمة.
استأنفت حديثها قائلة: ابني يعاني من ضمور بالعضلات وتشوه في العمود الفقري, متفوق لكن يصعب علي أن أكمل المسيرة لأن مدرسته تبعد عن منزلنا بحوالي 2 كيلو متر هذا بالإضافة إلي بدء المرحلة الثانوية بما فيها من ضرورة للدروس الخصوصية كل ذلك يتطلب أن أسير حاملة إياه.. أتنقل بين المواصلات العامة ولا من مساعد لي في أي شيء.. حتي في أيام الامتحانات يكون مقر اللجنة الخاصة التي يمتحن بها علي بعد 65 كيلومترا من بلدتنا.. خارت قواي ولم أعد أستطيع المواصلة.. يعذبني عذابه.. وأنا أمه سبب وجوده في هذه الحياة ولا يمكنني أن أرفع عنه كل هذا العذاب.. كدت أفقد إيماني ورجائي في إسعاده كما فقدتهما في شفائه.. كل ما أتمناه أن تتوفر لي وسيلة مواصلات سهلة تمكنني من تحقيق حلمه في التعليم.. وترحمني من الشقاء المستمر الذي يضنيني كلما ذهبت به إلي مكان.. أخشي أن أخذله بعدما خذلتني صحتي.. حاولت جاهدة توفير أي مبلغ لشراء سيارة صغيرة تحل لي هذه المشكلة لكنني لم أتمكن فمن أين لو التوفير وراتب زوجي 800 جنيه.. ولا يمكن أن أعمل فابني يحتاج رعاية خاصة جدا ولا يمكن تركه أو إسناد مهمتي معه لأحد آخر.
علي ذكر الإيمان علي لسان الشقيقتين كان لابد أن أقص قصة صغيرة حتي نعلم ما هو الإيمان ذاك الإيمان الذي يصنع المعجزات ولا يحتاج معه شيئا.. ما إن خيم الظلام علي الدير ودخل كل راهب إلي قلايته يتلو مزاميره ويرتل تسابيحه ويتأمل إنجيله, حتي خرج الراهب الأمي بهدوء, وتسلل خارج منطقة القلالي وجلس يبكي وهو يعاتب ربه أنه غير قادر علي حفظ المزامير ولا حتي علي تلاوة الصلاة الربانية.. وأخيرا بقي يردد المقطع أبانا الذي في السموات طرق الراهب باخوم باب قلاية رئيس الدير وبادره متسائلا: كيف يلبس أحد زي الرهبنة وهو لا يعرف القراءة في الكتاب المقدس, ولا يحفظ المزامير, ولا حتي الصلاة الربانية؟ سامحني يا أبي واغفر لي.. فقد شدني منظره في الصلاة. كنت أشعر أنه قائم في السماء. تطلعت إليه فوجدت حركات شفتيه رتيبة. وقفت بجواره فوجدته يكرر العبارة: أبانا الذي في السموات دون سواها.
صمت الرئيس قليلا, ثم قال: اترك لي هذا الأمر يا أبي, وانصرف الراهب باخوم, ارتبك رئيس الدير بسبب هذا النقاش, ولم يعرف ماذا يفعل, فإنه يحب الراهب البسيط ولا يريد أن يطرده, كما أنه لا يستطيع كسر قانون الدير حتي لا يهمل الرهبان التأمل في كلمة الله والصلاة بالمزامير والتسبيح. وفي اليوم التالي التقي الرئيس بالراهب الأمي, وبعد حديث ليس طويلا سأله الرئيس:
- هل تحفظ المزامير يا أبي؟ أرجوك, عرفني كم مزمور تحفظه عن ظهر قلب. رد الراهب: سامحني يا أبي, فإني أردد في صلاتي ما حفظته: قال رئيس الدير: لابد لي أن أعرف, لأن قانون الدير يستوجب حفظك لأجزاء من الكتاب المقدس والمزامير والتسبحة. رد الراهب قائلا: إني حفظت قدر ما استطعت يا أبي.
فأجاب الرئيس: إن كنت لا تحفظ فأسضطر أن أطلب منك المغادرة حي لا تسبب بلبلة في الدير.. فأجاه الراهب البسيط بطلب أبسط متسائلا: هل تسمح لي أن آخذ معي قلايتي؟ في تعجب أقرب إلي السخرية أجابه الرئيس: أتمزح؟.. رد البسيط: لا يا أبي فإني أود ألا أفارقها.
ولكي ينهي الرئيس الحديث قال له: خذها إن أردت.. عندئذ صنع الراهب مطانية أمام رئيس الدير, وفعل ذات الشيء أمام الراهب.. وذهب الراهب إلي المخزن وأحضر حبلا طويلا طوق به قلايته.. وصار يسحبها وهو يقول: سيري يا مبروكة.. وكم كانت دهشة الآباء حين رأوا المبني يتحرك وراءه حتي خرج إلي أميال. واستقر ليعيش فيه الراهب البسيط المتوحد, الذي لم يقدر أن يحفظ شيئا عن ظهر قلب..
إنه الإيمان يا سيدتي بالإيمان فقط تحركت القلاية. إيمان الراهب الجاهل البسيط.. الإيمان لا يحتاج إلا إلي قلب يسكن الله فيه فتسير الحياة مبروكة.
ومازال جرجس يعاني
جاءت نتيجة المسح الذري للطفل جرجس هاني موريس – الذي يعاني من إفراز أنسولين زائد في جسمه مما يصيبه بتشنجات شديدة تشبه نوبات الصرع – تؤكد نتيجة المسح عدم وجود أي أورام بجسده وتوصي بضرورة إجراء مسح بمادة معينة تسمي مادة – الأكتروتيد – والتي يتطلب المسح بها وقف جرعات الحقن التي تمنع نوبات التشنج ولابد لإبقاء الطفل علي قيد الحياة وضع مادة تسمي – هايبو ستوب – يتم وضعها كالجيلي تحت اللسان لتعويض السكر في الجسم بدلا من جرعات الحقن بالساندوستاتين – يتوفر وجود الهايبوستوب بالإمارات العربية المتحدة أو بالسعودية.. نناشد كل من يستطيع مساعدتنا بإمدادنا بالمادة لإجراء مسح دقيق علي الغدد البنكرياسية والاتصال بنا.
بعد تدخل الخارجية.. عودة الابن المفقود
يتقدم باب افتح قلبك بالشكر إلي السفيرة عبلة عبدالرحمن مديرة إدارة خدمة المواطنين بالخارجية, وكذلك إلي القنصلية المصرية بالكويت.. لتدخلهما في مشكلة سامح محروس رزق.. الذي كان محتجزا في الكويت لفترة طويلة قيد التحقيق علي ذمة إحدي القضايا.. ولجأت أسرته إلي جريدتنا للمساعدة في استعادة ابنها الذي اعتبروه مفقودا.. عاد سامح إلي أحضان أسرته بعد تدخل جريدة وطني عن طريق محررتها بالخارجية الزميلة إيمان شوقي.
==
إيد الحب
امتدت أيادي الحب بالمبالغ التالية:
100 جنيه من يدك وأعطيناك
200 جنيه فاعل خير ببورسعيد
5000 جنيه فاعل خير
7000 جنيه فاعلة خير
1000دولار أمريكي من فاعل خير بأمريكا
500 جنيه فاعل خير