رغم أن إيطاليا سبقت الصين في زراعة شجر الحور ومعرفة أسرارها, وتفوقت في تقنيات زراعتها, إلا أن الصين استفادت من خبرة إيطاليا حتي تفوقت عليها وبدأت رحلة طويلة مع الحور منذ بداية السبعينيات, حتي أصبحت اليوم أكبر منتج في العالم, تليها فرنسا.
يتمتع مليون شخص في مقاطعة سيانج الصينية بالمنافع العديدة المستمدة من قدرات هذه الشجرة لإعادة تثبيت تربة السهول الفيضية, علي ضفاف النهر الأصفر, ونهري هوي ويانجتسي , إذ تحمي أشجار الحور الحقول من الفيضانات وتقيها أيضا من رياح العواصف الرملية وأضرار تآكل التربة وانجرافها مما يعطي دفعة قوية للأنشطة الزراعية.
يقول الخبير جيم كارل رئيس فريق إدارة موارد الغابات لدي منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة فاو: تنمو الحور سريعا كما أنها ذات مرونة مدهشة.. وتنمو بكل الطرق وتشكل مكملا سهلا للاستخدامات الأخري للأراضي, الأمر الذي يجعلها مثالية لدعم تربية الحيوانات, واستزراع الأسماك وزراعة العنب, وأنشطة البستنة بصفة عامة. وهناك أنشطة عديدة تعتمد علي هذا النوع من الأشجار مثل بناء الأكواخ الخشبية والمساكن, والتظليل, وتوفير العلف للماشية, علاوة علي كونها مصدرا مهما للطاقة الحيوية.
الحور في مقاطعة سيانج
مقاطعة سيانج بدأت بنقل المادة الوراثية للمحاصيل الـجيرم بلازم من عدة دول واستقدام المعارف التقنية والتكنولوجية من إيطاليا منذ بداية السبعينيات, وذلك تحت إشراف الهيئة الدولية لأشجار الحور IPC لدي منظمة الـفاو. وبدأت بتغطية 100ألف هكتار من أراضي المقاطعة حتي وصل معدلها أخيرا إلي 47% من مجموع الرقعة الشجرية في المقاطعة بأسرها, وأصبحت شجرة الحور هي حجر الزاوية في برنامج التنمية الريفية في الصين الذي يعمل علي تحقيق الأمن الغذائي للسكان.
ووفقا لخبير الغابات ألبرتو دل لونجو لدي الهيئة الدولية لأشجار الحور: أصبح الآن بوسع المزارعين زراعة القمح الذرة الصفراء والعديد من المحاصيل البستنة جنبا إلي جنب مع هذا النوع الشجري.
الخشب وصناعات عديدة
توفر أشجار الحور كميات كبيرة من الخشب وحطب الوقود, والليف للصناعات الحرجية, ولما كان خشب شجرة الحور عديم الرائحة والمذاق والطعم, فهو يصلح لصنع صناديق الفاكهة والأدوات الطبية وعيدان تناول الطعام, إلي جانب خشب الأرضيات والأثاث وبعض الآلات الموسيقية وكذلك صناعة اللب والورق وثمة أكثر من 1200 مشروع لمعالجة الأخشاب يشغل حوالي 50ألفا من الأيدي العاملة بالمقاطعة, ويتم تصدير العديد من منتجات الأخشاب إلي أوربا وأفريقيا وبلدان جنوب شرق آسيا.
شفاط الكربون
أيضا تمثل زراعتها مكسبا عظيما للبيئة, إذ تمتص الكربون من الجو وتختزن لتصبح من العوامل بالغة الأهمية للتخفيف من تغير المناخ وارتفاع درجة الحرارة , ووجد أن الجمع بين أشجار الحور وزراعة القمح متاحا بسهولة لأنه يحتجز الكربون بكميات كبيرة فيحمي المحاصيل.
متحف الحور
ولإبراز الدور المحفز لمنظمة الفاو والهيئة الدولية لأشجار الحور وهيئة التعاون الدولية الإيطالية أنشأت مقاطعة سيانج الصينية أول متحف في العالم لشجرة الحور, بالتحديد في النفقة التي غرس فيها أول فسيلين من المادة الوراثية المنقولة من إيطاليا إلي سيانج.
هكذا تبحث الدول لتأمين شعوبها غذائيا كما فعلت الصين, فهل تفعلها مصر ونحن علي مشارف أزمة غذائية؟!