قرأت بالتقدير والتوقير مقال الأستاذ مجدي خليل والمعنون ## العلمانية والديموقراطية في فكر مراد وهبة##. والمقال ينطوي علي إشكالية جديرة بتحليلها مع إبداء الرأي.
وإذا كانت الإشكالية تنطوي علي تناقض فما هو هذا التناقض؟
في المقال ثمة تناقضان : تناقض يخصني وتناقض آخر يخص الأستاذ مجدي خليل ولكنه يخصني أنا كذلك. هو يتفق ويفترق مع ما أفكر فيه . يتفق معي في صكي لمصطلح ## رباعية الديموقراطية ## التي تعني العلمانية والعقد الاجتماعي والتنوير والليبرالية. وهذه الرباعية استغرق تحقيقها في أوربا ربعمائة عام , أي منذ القرن السادس عشر حتي القرن التاسع عشر.
والسؤال إذن :
هل معني ذلك أن علي المجتمعات التي تريد الديموقراطية أن تذعن إرادتها لهذه المدة الزمنية ؟
جواب الأستاذ مجدي خليل بالسلب , إذ ثمة حالتان تاريخيتان فرضتا هذه الرباعية علي المجتمع بدون انتظارا ربعمائة عام وهما : الحالة الأمريكية والحالة التركية .
في الحالة الأمريكية تم فرض الرباعية علي المجتمع بفضل من النخبة , إذ وضعت الدستور وبنت دولة المؤسسات وسيدت القانون وفصلت بين السلطات . أما أنا فأري أن هذه الرباعية السياسية التي فرضتها النخبة هي في الأصل كانت متمثلة في عقول المهاجرين الأوربيين, وحملتها مع رباعية الديموقراطية عند وصولها إلي أمريكا. ولهذا يبدو ## ظاهريا ## أن الديموقراطية مفروضة ولكنها لم تكن كذلك . ومع ذلك فثمة صراع الآن ,في أمريكا, بين كل من الأصولية المسيحية القائمة والأصولية الاسلامية الغازية من جهة, والعلمانية الإنسانية من جهة أخري .
هذا عن الحالة الأمريكية فماذا عن الحالة التركية ؟
جواب الأستاذ مجدي خليل أن تركيا ليست علي غرار أمريكا , إذ فرضت العلمانية بقوة الجيش وليس بقوة العقل, ومن هنا الصراع الدائم , العلني والخفي , ضد الجيش . وأظن أن هذا هو السبب في عدم قبول تركيا في الاتحاد الأوربي.
وبعد انبهار الأستاذ مجدي خليل بكل من الحالة الأمريكية والحالة التركية, أصيب بالتشاؤم بالنسبة إلي الحالة المصرية بسبب ما يراه من عدم استعداد المجتمع المصري لقبول ## رباعية الديموقراطية ##, فتساءل عما إذا كان في إمكاني أن أرشده إلي وسيلة تخفف عنه حمولة التشاؤم.
واستجابتي لمطلبه هي علي النحو الآتي :
في عام 1984 أصدر الاتحاد الدولي للجمعيات الفلسفية الجزء الثاني من سلسلة ## فلاسفة ينقدون أنفسهم##. وكنت واحدا من هؤلاء, ومن بين ما جاء في بحثي أن فكرتي المحورية في فلسفتي هي النضال ضد الروح الدوجماطيقية , أي ضد توهم امتلاك الحقيقة المطلقة . وختمت بحثي بالعبارة الآتية : ** أنا كمفكر متشائم ولكني كمناضل متفائل **.
والسؤال :
هل في الإمكان رفع التناقض بين التشاؤم والتفاؤل من أجل تأسيس ## رباعية الديمقراطية ## في مصر ؟
الجواب بالإيجاب إذا توقفت السلطة الثقافية عن الثرثرة خارج ## رباعية الديموقراطية ##.