مفهوم أرض الميعاد في العهد الجديد (21)
2ــ أي مملكة وأي ملك؟(تابع ما سبق)
إن المقصود بالحق الذي جاء يسوع يشهد له في عالمنا,وهذا بالنسبة للمؤمن بكل جوارحه,هو يسوع نفسه.فالحق يتماهي مع شخص يسوع نفسه.لأنه القاضي الحقيقي في هذه القضية الغريبة الشأن والمتهمون الحقيقيون هم رافعو القضية علي يسوع والقاضي الذي هو بيلاطس.هؤلاء هم الجناة الحقيقيون الذين يقاضيهم يسوع فهم لايعرفون الحق.بل يعرفون مناصبهم ومصالحهم ,أما هو فقدم نفسه بكل وداعة علي أنه الطريق والحق والحياةفي يوحنا 14/.6وللبلوغ إلي المعرفة العميقة لهذا الحق يجب أن يصبح المؤمن جزءا من هذا الحق فكل من هو من الحق يصغي إلي صوتي
أما الأناجيل الثلاثة:متي,مرقس,لوقا,فموقفهم من المملكة هو التركيز علي القيم الأخلاقية للملكوت.فالمملكة كما يرونها,هي مملكة للفقراء كما جاء في لوقا 20/6:ورفع يسوع عينيه نحو تلاميذه وقال:طوبي لكم أيها المساكين ,لأن لكم ملكوت الله وللودعاء.والمضطهدون من أجل العدالة,والأطفال كما جاء في الأناجيل:متي 19:14 فقال يسوع:دعوا الأطفال يأتون إلي ولا تمنعوهم ,لأن لأمثال هؤلاء ملكوت السماوات.
مرقس 14/10فرأي يسوع ذلك فغضب وقال لهم:دعوا الأطفال يأتون إلي ولا تمنعوهم لأن لمثل هؤلاء ملكوت الله.
لوقا 16/18ولكن يسوع دعا الأطفال إليه وقال:دعوا الأطفال يأتون إلي ولا تمنعوهم ,لأن لمثل هؤلاء ملكوت الله.
وصيغة التطويبات عند متي تبدأ وتنتهي بالإشارة إلي المملكة:
متي 3/5 طوبي للمساكين في الروح لأن لهم ملكوت السماوات.
10/5 طوبي للمضطهدين من أجل الحق,لأن لهم ملكوت السماوات.
3ــ الودعاء وأرض الميعاد وملكوت السماوات
جاء في العهد الجديد في إنجيل متي فصل 5/5 طوبي للودعاء فإنهم يرثون الأرضهكذا قال يسوع.ولأن يسوع يهودي ومفترض أنه يعرف كتب العهد القديم المقدسة.فلابد من الرجوع إلي النصوص التي تستدعيها هذه التطويبة بخصوص الأرض.
لقد جاء في مزمور 37 ذكر يرث الأرض خمس مرات:ميراث الأرض هذا له شروط نذكرها كما يلي:
مزمور37:3 توكل علي الرب واعمل الخير تسكن الأرض ويحفظك السمائي
9 ــ فالأشرار يقطعهم الرب,والذين يرجونه يرثون الأرض
11ــ أما الودعاء فيرثون الأرض وينعمون في سلام عميم
18ــ الرب يصون حياة الأبرار وميراثهم يبقي إلي الأبد
22ــ المباركون من الرب يرثون الأرض والملعونون منه ينقطعون.
27 ــ تجنب الشر واعمل الخير تسكن الأرض إلي الأبد.
28 ــ أما الصديقون فيرثون الأرض ويسكنونها إلي الأبد.
34 ــ تقو بالرب واحفظ طريقه فيرفع قدرك لترث الأرض وتري الأشرار ينقطعون.
ولو رجعنا إلي الكلمة التي أضافها متي الإنجيلي الودعاء فهي فأخوذة من الترجمة السبعينية والتي يرجع أصلها باللغة العبرية anawim المزمور 37 نفسه يجبرنا أن نرفس في هؤلاء الودعاء الفقراء الذين يتكلمون علي الله ويخافونه.
أما الخلفية الكتابية للمزمور 37 فيري علماء الكتاب المقدس أنها مرتبطة بتحرير العبرانيين الذين تحرروا من عبودية مصر ودخلوا في راحة أرض الميعاد.
هذا الدخول إلي أرض الميعاد بدلا من أن يصبح تتويجا لمغامرة روحية,أصبح بداية النهاية لكثير من الأوهام حول إمكانية البقاء في هذه الأرض.
ففي أرض الميعاد تراكمت المظالم ,خاصة التي حاقت بالفقراء,وسقط وهم إقامة مملكة للعدل والسلطة:فازدهرت تجارة الفاسدين وسحقت الفقراء وأصبحت أرض العهد أرضا للتباغض واللاعدالة.