نحتفل اليوم بالذكرى الثانية لثورة ” 30 يونيه ” , تلك الثورة المجيدة , التى برهنت على الإرادة المصرية و قوة عزيمتها , راهنت ايضاً و كسبت الرهان على الجيش المصرى العظيم و الذى انحاز لرغبة الوطن و أبنائه , و الأهم تمكنت من إعادة الهوية المصرية , و حفظ مصر و مقدراتها بل و إعادتها أيضاً من جماعة أرادت القضاء عليها , و محوها من ذاكرة التاريخ , لم تنقذ 30 يونيه مصر و المصريين فحسب , بل امتدت ثمارها و نتائجها الإيجابية لتشمل المنطقة بأسرها , فباستقرار مصر يكون استقرار المنطقة , حتى و إن كانت لا تزال ملتهبة , لكن يظل الصوت المصرى , هو صوت الحكمة بها , يميل للحلول السياسية , بديلاً عن الصراعات و النزاعات و الأهم مفتدياً دماء العرب .
30 يونيه 3013 كانت البداية , بعدها اتحدت مصر جيش و شعب , استكملا معاً خريطة الطريق , دستور نزيه , ثم رئيس منتخب ” الرئيس عبد الفتاح السيسي ” , و أخيراً مجلس النواب , و كلها أمور إيجابية , تحركت بمصر للأمام , لكن يظل سؤال , ربما يعد بمثابة المعيار للأوضاع , كيف أصبح المشهد السياسى بعد ثلاثة أعوام من 30 يونيه ؟….
مشهد مستقر
فى البداية قال د. ” يسرى العزباوى ” _ المحلل السياسى بالأهرام الإستراتيجى _ المشهد السياسى بات مستقراً فى ملفات عدة , و إن كان ثمة بعض الملفات تحتاج إلى تدخل من قبل الرئيس رأساً , كملف الحقوق و الحريات ” حقوق الإنسان ” , و معها تظل الطامة الكبرى , و هى الأحزاب و ضعفها حتى بعد انعقاد مجلس النواب , ايضاً منظمات المجتمع المدنى هى الأخرى فى احتياج شديد إلى إعادة هيكلة , و ذلك لن يتحقق إلا من خلال مجموعة من التشريعات القوية , و أضاف ” العزباوى ” مجلس النواب ” عصب المشهد السياسى ” لم يرتق أداءه حتى الآن إلى المثالية , كما إنه جاء مخالفاً للتوقعات , حتى إمكانياته أقل بكثير مما هو مرجو منه , عاجز عن وضع تشريعات جادة , تخدًم على العدالة الإجتماعية , لم يتمكن من معالجة المشكلات الأخيرة , كمشكلة نقابة الصحفيين مع الداخلية , مشكلة نقابة الأطباء , و فى انتظار البت فى جزيرتى تيران و سنافير , و أضاف ” العزبى ” الإرهاب من أهم تحديات المرحلة , بل و يعد من المعرقلات الأساسية , نجحت الدولة إلى حد كبير فى مكافحته و إن لا يزال متواجداً , فهذا أكبر دليل على نجاح الدولة المصرية ألا و هو توافر المعرقلين , و عن الاحتقانات الأخيرة و التى ساهمت فى زعزعة المشهد بعض الشئ , كقضية الجزيرتين تيران و سنافير, استطرد ” العزباوى ” لم تكن المشكلة فى حالات الاحتقان , إنما كانت فى الأسلوب و الذى عولجت من خلاله هذه الإحتقانات , و قتها فشلت الحكومة فى معالجة معظم القضايا , حتى و إن تم الإفراج عن العديدين و اللذين تم اعتقالهم خلال هذه الأحداث , أيضاً الفساد المستشرى بالدولة , يعد أحد أهم العوامل و المزعزعة للإستقرار السياسى , و عن الحلول اختتم ” العزباوى ” القضاء على الفساد فى مقدمة الحلول , من خلال قوانين رادعة و عدالة ناجزة , مع هيكلة الأحزاب و جعلها قادرة على تقديم بدائل حقيقية عن السياسات القائمة , و الأهم تشكيل حكومات سياسية قادرة على إتخاذ القرارات السياسية , و لديها الرؤية الشاملة فى التعامل مع الأمور .
استقرار تدريجي
و من جانبه أضاف د. ” أيمن سمير ” _ الباحث السياسى _ بقوله بعد مرحلة إنتقالية استمرت ما يزيد على ال4 سنوات , تتجه مصر تدريجياً نحو الاستقرار السياسى , فبعد أن كان المشهد عشوائياً و ارتجالياً , بدأ يبدو أكثر فعالية و انضباط ,..ززز.تلك طبيعة الدولة و التى تمر بمراحل أنتقالية عقب ثورات و تغييرات , كثيراً ما تشهد تذبذبات و تقلبات , و قد تستمر هذه التقلبات لعامين و أكثر ,و مما يدل على هذا الاستقرار التديجى مجلس النواب و الذى بدأ فوضوياً , الآن ارتقى فى أدائه إلى الجدية و الاتزان فى معظم قراراته و تشريعاته, و استكمل ” سمير ” الأحداث الأخيرة تمكنت من التأثير على المشهد السياسى , و ربما فى مقدمتها قضية جزيرتى تيران و سنافير, إلى جانب خلافات النقابات , كنقابة الصحفيين مع وزارة الداخلية , و الأهم التحديات المستمرة و التى تواجهها مصر , كالإرهاب و هو التحدى القائم و الذى لا يزال متواجداً بالرغم من مجهودات الدولة المكثفة , تحدى آخر متعلق بدمج فصيل كالإخوان ضمن فئات المجتمع المصرى , و إلا ستقف هذه الجماعة فى وجه الدولة المصرية كفئة تفتقر إلى العدالة الإجتماعية , و ربما يستغل الغرب هذه الثغرة فى التنديد و الترويج لها , تحدى آخر , يعد فى مقدمة هذه التحديات , هو التحدى الإقتصادى و المتمثل فى أرتفاع الدين العام لأكثر من 2 تريليون جنيه مصرى , و أرتفاع الدين الخارجى إلى 2,5 مليار دولار , إلى جانب الفجوة بين الناتج القومى و احتياجات الدولة ,و كلها تحديات تؤثر سلباً على المشهد السياسى , و استكمل ” سمير ” متعجباً من الإرادة السياسية و التى تقاوم الفساد , و مع ذلك يظل مستشرى و بهذه الصورة , حتى أن أحدث التقارير الدولية صنفت مصر فى مقدمة الدولة و التى تعانى من الفساد , مؤكداً على أن البيروقراطية و المتوفرة فى الجهاز المصرى الإدارى قد تسهم فى الفساد أحياناً , و تابع ” سمير ” أداء الحكومة من أكثر ما يؤثر على المشهد السياسى , فإنعدام الرؤية السياسية و الإستراتيجية الواضحة لدى أى حكومة من شأنه خلق العجز و الضعف لديها , لا سيما فى إتخاذ القرارات المناسبة , و لنا أكبر مثل فضيحة ترسيب إمتحانات الثانوية العامة , عجز مدقع و عدم مقدرة على المواجهة , و عن مروجى الدعوات للتظاهر قبيل كل مناسبة اختتم ” سمير “بقوله هذا ما يعرف بالطفولة السياسية , فعندما نرى إنجازات الدولة , و تحركها , و مع ذلك نصر على الفوضى و التظاهر , هذه هى الطفولة السياسية , و لمواجهتها نحتاج شفافية تامة الدولة و مؤسساتها من ناحية و الشعب من ناحية أخرى .