” ورفع المتواضعين ” ( لوقا ١ : ٥٢ )
نرفع أفكارنا وقلوبنا إلى السماء حيث انتقلتِ يا أمنا بالنفس والجسد، ونأمل أن نحظى بنعيم السماء فنلقاكِ مع ابنكِ يسوع فنكرمكِ على الدوام ، آمين .
الحادي والثلاثون : أدخلوا إلى حديقتي :
إن لازمتم حديقة قلب البتول فإنكم تصبحون خاصتي ، ولن يستطيع أحدٌ أن يُبعِدَكُم عنّي ، لأَنِّي أكون ملاذكم حيث تجدون الطمأنينة .
تعالوا إليّ . تعالوا إليّ أيّها الأحبّاء واختبروا عن كَثب قلبي النقيّ . ادخلوا إلى حديقتي التي فيها تتجلّى أنوار الثالوث الأقدس البهيّة .
فالآب يجد فيها أن تصميمه الإلهي قد تمّ دون شائبة، وأنّ الخليقة بأسرها تتجدّد لتنشد معي أناشيد التسبيح لخالقها وسيّدها. في هذا المكان بالذات يَلقى الآب السماويّ تمجيدًا عظيمًا منقطع النظير . أمّا الابن فهنا، في قلبي، يجد له مسكنًا، في قلبي، حيث أخذ الكلمة جسدًا وحياة بشريّة، وحيث وجد يسوع ملجأً وتعزيةً .
إلى هذا المكان بالذات أتى المسيح بتلاميذه الأوائل ليتشدّدوا وينالوا مسحةً خاصّة منه ، في هذه الحديقة نموا رويدًا رويدًا في الإيمان بما صمّمه الله، فباتوا أكثر تواضعاً ونقاوةً، أكثر عطاءً وقوّةً. هنا أيضاً عملوا بجدّ فتشبّهوا بالمسيح بحسب إرادته .
أمّا قلبي فكان ذاك المذبح الذي أُريقَت عليه دماء إبني، وتلك الكأس التي احتوت دمه قطرةً قطرة .
إنّه هو الذي أراد أن يهبكم حديقته الخاصّة وهو الذي وهبكم أُمّه .
أمّا الروح القدس فهو البستاني الوحيد الذي عمل في حديقتي ، فأفاض عليّ فيضاً من نِعَمِهِ وأنوارهِ السماويّة ، وملأني بالنعمة ، وسربلني بعظمتهِ ، فبتُّ له . وهكذا تمّ في أحشائي عملَ الله الخارق الوصف .
فحديقتي بكليّتها لَهُ ، وهو الذي يرعاها بأنوارهِ ، وينمي أزهارها الجميلة ، إنّه هو الذي يهبها رونقاً ولوناً وشذاً ، ويُدخِل إليها من يشاء .
لا أحد يستطيع الدخول إلى حديقتي إلاّ بإذنٍ منه ، ولا يمشي فيها ما لم يَدعْهُ هو .
بَنيَّ ، أقِرّوا بهذه العطيّة التي نلتموها عندما نذرتُم أنفسكم لقلبي الطاهر . الروح القدس ذاته أدخلكم إلى حديقتي . وها هو الآن ومن خلال أُمّكم السماويّة ، يعتني بكم ويُجمِّلُ نفوسكم بالعطايا ويُغنيها بكامل نِعَمه .
وهكذا أراكم تنمون في القداسةِ فتتحقّق فيكم أمنيتي ، ويدخلكم الروح إلى قلبي حيث يشعّ مجد الثالوث بعظمةٍ وبهاء .
رسالة ٢٩ يوليو / تموز ١٩٧٣ ” الكتاب الأزرق ” : رسائل العذراء الى الأب ستيفانو غوبي ” مؤسس الحركة الكهنوتية المريمية ” ، ومن ثمارها تكريس العالم لقلب مريم الطاهر .