“كونوا في كل حينٍ مستعدينَ للردِ على كلِ مَن يَطلبُ منكم دليًلا على الرجاء الذي فيكم وليكن ذلك بوداعٍة واحترامٍ” (1بط3: 14-17 )
“كونوا في كل حينٍ مستعدينَ للردِ على كلِ مَن يَطلبُ منكم دليًلا على الرجاء الذي فيكم وليكن ذلك بوداعٍة واحترامٍ” (1بط3: 14-17 )
الرجاء هو ثقتنا التي لا تتزعزع في الله أنه المانح العون الذي نحتاجه في مسيرة حياتنا اليومية، ويظهرهذا الضمان الأكيد في شخص الرب يسوع الذي يسندنا في أزماتنا الشخصية في عالمنا الصغير، وفي مجتمعاتنا الكبيرة، فهو يتيح لنا فرصًا نتخطيِ بها كل ما يواجهنا، ويمنحنا النعم والقوة فنواجهه كل صعوبة، لأن حضوره حقيقي في كياننا، وفي قلوبنا يسكن، وفي عمق أعماقنا يتفجر كنبع ماء عذب، وكربيع يتفتح في ثنايا نفوسنا.
إذاً الرجاء هو الحياة، فيه نشعر بمعنى الحاضر, ونكون فيه مشدودين لمستقبل أفضل، واثقين أنه سيتحقق، فصبرنا وثباتنا في الرب هما شرطان أساسيان لتحقيقه، لأن الرجاء يعطينا قناعات تدفعنا للمضي قدمًا.
فالرجاء يعني أيضا الاستمرارية، والمثابرة أمام التحديات، وتحمل الأعباء الناجمة عن ثقل الحياة اليومية في عالم يئن من الحروب، وعدم السلام، في عالم يميل للإلحاد أكثر من الإيمان بإله واحد محب لكل أجناس البشر باختلاف أطيافه، عالم ملئ بالبغض، والكراهية أكثر من المحبة، عالم يشجع الأنانية، والانغلاق أكثر من الخدمة للجميع، والانفتاح على ألوان متنوعة.
لماذا اخترت هذا التأمل؟ لسببين، الأول هو مشاركتي مع الشباب في دعوة لقضاء يوم روحي معهم كان بعنوان ” الشباب وهموم الغد” وتناولوا فيه عرضاً لقضايا يمرون بها في حياتهم اليومية مثل البطالة وقلة فرص العمل، والغلاء، وقله الدخل، وتزايد متطلبات الحياة، وعدم الاستقرار، والاضطهاد، والهجرة، الرغبة في الارتباط في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، وأخيرا الخوف من المستقبل بصورة عامة. قالوا الإنسان بطبيعته قلق ولا يفكر في الغد فقط بل لسنين طويلة، وتواجهه العديد من الصعاب والهموم. ونتساءل هل من خطوات وحلول يمكن أن يتبعها الإنسان ليتمكن من التغلب على هذه الصعاب؟
والسبب الثاني هو يوم خلوة مع أخواتي الراهبات بعنوان ” الرجاء المسيحيَّ” الذي فيه عشتُ ما شاركت به الشباب وأخواتي، أشارككم به من خلال تأملاتي عن الرجاء المسيحيِّ فيقول القديس بطرس في رسالته الأولى، لا تخافوا من أحد ولا تضطربوا، إذا يشجعنا بقوة المسيح مهما كان جبروت الأشخاص، فالله معنا فلا نخاف ” ها أنا معكم طوال الأيام, إلى انقضاء الدهر” (مت 28 :20 ). لا تضطربوا من ظروف المعيشة الحياتية اليومية كالمأكل والمشرب والملبس لأنه يهتم بنا، يحبنا ونثق في عنايته، ورعايته الأبوية، تطمئن قلوبنا لأنه يعتني بطيور السماء التي لا تزرع ولا تحصد وهو يرزقها، ونحن أبناؤه أفضل من الطيور فيرد علينا بقوله في إنجيل القديس لوقا ” مَن منكم إذا اهتم يقدر أن يزيد على قامته ذراعًا واحدة؟ فإذا كنتم تعجزون عن أصغر الأمور, فلماذا يهمكم الباقي؟… فلا تطلبوا ما تأكلون وما تشربون ولا تقلقوا… لا تخف أيها القطيع الصغير! (لو12 : 25- 32) .
لا نخاف ولا نضطرب من الاضطهاد وعدم الاستقرار، فليبتعد عنا كل قلق, ولا نفكر في ترك مكاننا، وبيوتنا، وبلادنا، وطننا، لأن الله خلقنا في هذا الزمان وهذا المكان، للقيام برسالة يكلفنا بها، لا أحد يقوم بها سوانا، ” أقول لكم، يا أحبائي : لا تخافوا الذين يقتلون الجسد، ثم لا يقدرون أن يفعلوا شيئا”.( لو12 : 4) يأتي هذا عندما نثق في قوة إلهنا، وعمله في حياتنا، وأيضا يطلب منا أن نكون سبب رجاء لمن فقدوا الرجاء، يطلب منا الإيمان بنوره، وعمله فينا مهما كان الظلام من حولنا نضئ شمعة الرجاء.لأنه هو رجاؤنا الأكيد، لكي نرد على مَن يسأل عن سبب رجائنا رغم ما يحيط بنا من مضايق نرد بتعاملنا مع مَن حولنا بوداعةٍ واحترامٍ، وسلامة ضمير، حتى إذا عاملنا الناس بسوء ” فمن الأفضل أن تتألموا وأنتم تعملون الخير إن كان ذلك مشيئة الله، مِن أن تتألموا وأنتم تعملون الشر” (1بط 3 : 17) أدرك أن الناس يقولون هذا صعب مَن يقدرعلى معايشة هذا، أقول الإنسان المؤمن الذي يقول أؤمن بك يارب مهما كان الظلام، إذ ضعف إيماننا يسندناحب الله، وإن فترت محبتنا، قام الرجاء لإشعال إيماننا بمحبة متقدة، لأن ” رجاؤنا لا يخيب لأن الله سكب محبته في قلوبنا بالروح القدس الذي وهبه لنا” (رو5:5).
وأنا اليوم هل في قلبي فضيلة الرجاء؟ وكيف أعيشها في حياتي اليومية؟ وهل كنت علامة رجاء لمن حولي، أعطى خبرة اختبرتها؟ هل أشعر أني بحاجة لتقوية رجائي في الرب، أطلب النعمة بالصلاة؟
يارب قوّ ِرجاءنا فيك، امنحنا الثقة والإيمان بك، والمحبة لك ولكل مَن حولنا، وأعطنا نعمه روحك القدوس، فنعطي الرجاء لكل مَن يسأل عن سبب الرجاء الذي فينا فهو أنت يا رب. آمين