شىء غريب يدعو للدهشة ، و للعجب: لو أنك لا ترغب فى أن تمارس التغريد بنفسك ، وأقصد هنا فعل “التويت” كما هو متعارف عليه ، لماذا تقوم أصلاً بإنشاء حساب لك ؟! ، السؤال طبعاً ليس موجهاً للأشخاص العاديين ، فهؤلاء بطبيعة الحال ، يقومون بالتغريد بأنفسهم ، فى محاولة للتواصل مع العالم ، أوحتى للفضفضة ، أو ممارسة هواية السب واللعن ، أو غيرها من الممارسات التى خرجت بتويتر عن مساره الأصلى ، من كونه شبكة للتعبير عن الأفكار ،وتبادل الأخبار ، وغيرها من آليات التواصل ،إلى ساحة لتبادل الشتائم.
والسؤال هنا يعود فيطرح نفسه ، لو أنك شخصية عامة ، أو تهدف لكى تكون شخصية عامة ، واتخذت “تويتر” سبيلاً ، للتعريف عن ذاتك ، وعن مواقفك ، أو حتى سبيلاً للشهرة ، عبر السير عكس المألوف ، حتى تحصل على أكبر عدد من “الفولورز” (المتابعين) فتصبح فى حد ذاتك مؤثراً فى الرأى العام ؛ لماذا لا تفعل ذلك بنفسك ؟ فالأصل فى هذهِ الوسيلة للتواصل ، هو أن “تتواصل” مع الآخرين ، وتكون حاضراً بذاتك فى اللحظة ذاتها التى تمارس فيها التغريد ، كى ترد على أسئلة الآخرين ، المدهش أن هذهِ الوسيلة التى بدأت للتواصل بشكل شخصى ، أدت إلى ظهور وظائف جديدة ترتبط بها ، وتعتمد على الحصول على أكبر عدد من المتابعين ، عن طريق سُبُل عدة ، يعرفها الشباب الذى أصبح يحترف هذهِ المهنة :مهنة توظيف الشبكات الاجتماعية ، ولكنها فى الأصل ، مهنة تستهدف توظيف هذهِ الشبكات ، للحصول على الأخبار ، أو ترويجها ، أو الحصول على العملاء لعلامات تجارية ، إلا أنها وبفعل المنطق المعكوس ، تحولت إلى وظيفة يسترزق منها الشباب ، الذين لا يستطيعون الحصول على وظيفة ، لكنهم فى الوقت نفسه يتقنون لعبة الحصول على متابعين / فولورز على “تويتر”، فيوظفهم بعض المشاهير ، للحصول على هؤلاء ، كى يبقوا فى صدارة مشهد سياسى واجتماعى عبثى ، يصبح فيه الأعلى صوتاً هو الأجدر بالاستماع إليه ، وينسى هؤلاء المشاهير والشخصيات العامة ، أنه ما من أحد يظل مستيقظاً 24 ساعة فى اليوم ، للتواصل مع معجبيه ، والالتحام بالأحداث الجارية ، لذا فإن المسألة “مفقوسة قوى” ، حيث يدرك أى مدقق للوضع ، أن الشخصية ليست بذاتها التى تتواصل مع جمهور معجبيها ، وهنا تذهب المصداقية إلى غير رجعة .
ومرة أُخرى، لو أنك شخصية عامة ، لماذا لا تمارس التواصل مع معجبيك بنفسك؟! مهما كانت درجة انشغالك ، فإن أى وقت ستقضيه مع جمهورك، هو بالتأكيد سيمثل متعة حقيقية لك ،وسيلهمك بالجديد من الأفكار الإبداعية، وينشط ذهنك لإدراكك بالمستجدات، وسيعطيك مزايا تخصك وحدك ، يدركها من يرغب حقاً فى التواصل معك ،أى أنك ستعطى وتأخذ، أما أن تستأجر غيرك ليقوم بهذا الدور معك ؛فإنه سيفقدك محبيك بمرور الوقت،وسيفتضح زيفك يوماً ، أذكر أن شخصيتين كان على حسابيهما الغلطة النحوية نفسها فى اللحظة ذاتها فى الجملة ذاتها ! ، أفلا تعقلون !.
twitter: fatmakhir
http://fatmakheir.blogspot.com/
http://fatmakheir.net