بعد انتشار برامح الطبخ بالقنوات الفضائية المصرية، كثر الحديث عن هذه البرامح فالبعض يرى إنها مفيدة والبعض الآخر لديه آراء مخالفة لذلك، وفي ظل تضارب الأقاويل كان علينا أن نلتقي بالناس والمتخصصين لنقترب أكثر من الحقيقة.
قالت سامية كميل، ربة منزل، إنها متابعة جيدة لمعظم برامج الطبخ لأنها بالفعل مفيدة وتعلمها أكلات جديدة و تكسبها مهارات أفضل في عمل الأكلات التي تعرفها.
كما أنها تشغل وقت فراغها وتسليها ، ففي الماضي كانت تعاني للحصول علو الطريقة الصحيحة لصنف معين حيث كانت تشتري كتب الطبخ والتي كانت اسعارها ليست بهينة.
وأعربت منى إبراهيم، مدرسة، عن سعادتها بمثل هذه البرامج وخصوصا برنامج “الشيف حسن” وبرنامح “الشيف علاء الشربيني”، حيث تساعدها هذه البرامج في وضع قائمة طعام الأسبوع فتجعلها ترتب أفكارها عند دخولها السوبرماركت أو ذهبها للسوق لشراء ما يلزم لتنفيذ هذه الأكلات.
وترى مي عصام، محامية، أهم ميزة لهذه البرامج أنها تسهم في تعليم الأمهات أكلات غير تقليدية لأن الأطفال الآن صعب إرضائهم بأي أكل خصوصاً مع اانتشار مطاعم “الفاست فود” أصبح الأطفال يفضلون أكل هذه المطاعم عن أكل الأم لتنوعة و مزاقه المميز، فهم لا يعرفون الأكل الصحي من غيره، الفيصل الوحيد بالنسبة لهم المذاق وطريقة التقديم، لذلك تبحث كل أم عن ما هو جدبد في عمل الطعام لتشبع أعين وأنفس أطفالها.
بينما على الجانب الآخر يرى سامي رسلان، محاسب، أن هذه البرامج تجعل السيدات ينفقن الكثير من المال لجلب منتجات عديدة لتنفيذ الوصفات التي تقدمها هذه البرامج منها المصري والمستورد، مما يثقل الأمر على ميزانية الأسرة بغض النظر عن مدى صحية هذه المنتجات.
كما ترى ماريان راجي، طبيبة، أننا شعب “مهلهل” ففي حين يخرج علينا محلل اقتصادي في أحد البرامج الحوارية ليطلعنا عن مدى سوء الأحوال الإقتصادية التي تمر بها البلاد و ضرورة ربط الأحزمة.
يطل علينا أحد “الشيفات” بطريقة عمل “الديك الرومي” و “والأرز بالخلطة” و “التشيز كيك بالتوت”، في حين تنقل مباشرة قناة ثالثة تهافت الناس علي السلع التموينية والأزمة الحادثة بسبب عدم توفر أحدها، بينما تذيع قناة ” me tv ” جنازة شهداء العمل الإرهابي الأخير وتنقل صراخ أسرهم .
وأكدت دكتورة عبير محمود، أخصائية التغذية العلاجية و خبيرة الاقتصاد المنزلي، أن ما تقدمه برامج الطبخ عبر القنوات الفضائية تثقل الأعباء على كاهل الأسرة المصرية بشكل عنيف، فهم يدعون أنهم يقدمون وصفات بمكونات اقتصادية وهذا غير حقيقي فهم قد يقدمون أكله واحدة اقتصادية وباقي الوصفات تكون بتكلفة عالية جدا، فهذه البرامج تعمل من أجل الدعاية لمنتجات سواء داخل البرنامج نفسه أو خلال الفواصل الإعلانية، لأن هذه الإعلانات هي التي تتحمل نفقات مثل هذه البرامج، فنجد الشيف يستخدم الصلصة الفلانية لإنجاح الأكلة فماذا لو لم نستخدم هذه الصلصة هل سوف تفشل الأكلة.
وعلى الجانب الآخر، لم تنكر “محمود” فائدة هذه البرامج مع السيدات المتزوجات حديثان حيث تكسبهم بعض خبرات الطبخ، ولكنها تجد أن الضرار الذي تتسبب فيه هذه البرامج أكبر من المنفعة العائدة منها، فقد نجد سيدة نأخذ الطريقة من برنامج ما وقد لا تتقنها فتخسر الخامات، ولكنها لو رجعت إلى والدتها مثلاً بالطبع سوف تفيدها لأنها سوف تعطيها وصفة مجربه وعملية أكثر.
وأوضحت محمود أن هذه البرامج لا يفرق معها أن توعي الجمهور وتحاول رفع مستواهم الثقافي والفكري، فالهدف الأسمى بالنسبة لهذه القنوات هو جذب المعلنين.
كما بينت “محمود”، أن هذه البرامج لا تخاطب كل الطبقات والمستويات الاجتماعية بل ما يستطيع تنفيذ وصفاتهم فقط الشريحة العليا من المجتمع.
أما عن الطبقة المتوسطة وما دونها فما عليهم سوى أن يشاهدون وتنتابهم الحصرة فقط.
ولامت عبير بعض برامج التوك شو التي تسلل لها فقرات الطبخ واستضافة أصحاب المطاعم، حيث أن هذه البرامج هدفها الأسمى جذب شرائح مختلفة من المشاهدين وحصد مشاهدات كثيرة على “اليوتيوب” للمحافظة على المعلنين فالقائمين على هذه البرامج دارسين جيداً لسيكولوجية المصريين ويعلمون مدى حبهم للأكل.
وأضافت عبير أن المأساة ليست فقط في تكلفة شراء الخامات لعمل هذه الأكلات، بل أصبحت بعض النساء تريد شراء منتجات الإعلانات التي تتخلل هذه البرامج بغض النظر عن إمكانيات أسرتها ومستواها الاقتصادي، فأصبحنا شعب استهلاكي فقط، وقد تضاعفت المأساة بعد انتشار القنوات الفضائية فنحن الآن منفتحين على ثقافات مختلفة و شعوب متنوعة وعادات غذائية غريبة ، فأصبح لدينا في مصر مطاعم “لأرجل الضفاضع” و “السوشي” بغض النظر مدى صحة هذه الأكلات.
وقد ترسخ لدى العديد من الناس أنه عندما يأكلون مثل هذه الأكلات فقد أصبحوا أكثر رقيا.
وتتمنى “محمود”، أن تشعر هذه القنوات بالناس واقتصاد البلد المنهار، فأغلب الشعب المصري يصرخ من ارتفاع أسعار السلع الأساسية و بالكاد يستطيعون شراء الفول والبيض والجبن، في حين يعلم الشيف “الفلاني” طريقة عمل “الفخدة الضاني”، فعلى هذه القنوات أن تبث في الناس رقي الأخلاق وسمو المبادئ وحب الثقافة والتعليم وحب الإنتاج والتصنيع بدلاً من حب الأكل و كثرة الإنفاق