أكدت جامعة الدول العربية أهمية تعزيز التعاون الثقافي العربي مع دول أمريكا الجنوبية من أجل بناء مستقبل أمثل للعلاقات الثقافية بين الجانبين بما يخدم المصالح المشتركة. جاء ذلك خلال ورقة العمل التي قدمتها الجامعة العربية واستعرضها د. محمد الصوفي الوزير المفوض مدير إدارة الثقافة وحوار الحضارات بالجامعة العربية حول “مستقبل التعاون الثقافي العربي الأمريكي الجنوبي”
أمام الاجتماع المشترك لكبار المسؤولين العرب ونظرائهم من دول أمريكا الجنوبية الذي عقدت أعماله اليوم بالرياض للتحضير للاجتماع الثالث لوزاري الثقافة المشترك بين الجانبين المقرر غدا.
واستعرض د. محمد الصوفي موجزا للجهود المبذولة على المستويين الرسمي والشعبي للارتقاء بالتعاون المشترك إلى مستويات تتناسب مع المشتركات التاريخية والحضارية وتكافئ الطموحات والمعطيات الديمغرافية التي تقدر عدد العرب في دول أمريكا الجنوبية بنحو 40 مليونا فضلا عن حضورهم النوعي في المجالات الاقتصادية والسياسية.
وشددت ورقة العمل التي أعدها الصوفي على أن الحضور العربي في أمريكا الجنوبية لا يثير أي نوع من المشكلات أو التخوفات خلافا لما عليه الحال في مناطق مهمة من العالم حيث خلفت تداعيات أحداث 11 سبتمبر توجسا لدى البعض ومواقف تتسم بالنمطية والتحامل أحيانا لدى الكثيرين، وبالتالي فإن هذا البعد المتعلق بالحضور العربي مفيد لتنمية علاقات وطيدة متعددة الجوانب بين العالمين العربي والأمريكي الجنوبي بما يخدم السلم والأمن والتبادل الثقافي والتجاري بين الإقليمين وذلك من منطلق أن علاقات الجنوب بالجنوب مبنية على الندية والتكامل والاحترام المتبادل وليست على الفوقية والنظرة الدونية. وطالبت الجامعة العربية في رؤيتها حول مستقبل التعاون الثقافي العربي الأمريكي الجنوبي بضرورة إجراء تقييم شامل لما تم حتى الآن في المجال الثقافي على مستوى الحوار بين الجانبين والخطوات المطلوبة لتعزيز هذا التعاون خاصة وأن هناك مجالات متنوعة من أبرزها إصدار دراسات ومجلة بعنوان المجلة العربية الأمريكية الجنوبية، وترجمة كتب من العربية إلى الإسبانية والبرتغالية والعكس، وإنشاء مكتبة افتراضية، ومشروع متنقل بعنوان “قصة نهري الأمازون والنيل” ومعرض للصور بعنوان “الوجود العربي في أمريكا الجنوبية” وانتظام منتدى السنيما الأمريكية الجنوبية على هامش مهرجان قرطاج الدولي السنيمائي لأمريكا الجنوبية. كما تقرر إنشاء قاعدة بيانات حول أهم المجالات الثقافية وذلك بالتركيز على الفعاليات والشخصيات الثقافية في كلتا المجموعتين.
وقال د. محمد الصوفي الوزير المفوض مدير إدارة الثقافة وحوار الحضارات بالجامعة العربية الصوفي إنه في إطار تشييد المؤسسات الثقافية المشتركة تقرر إنجاز مؤسستين هما المكتبة العربية الأمريكية الجنوبية بالجزائر ومعهد الدراسات والأبحاث حول أمريكا الجنوبية بالمغرب، إلى جانب الاتفاق على منح جائزة لأحسن كتاب أمريكي جنوبي في المجالات الأدبية والفكرية عن العالم العربي وجائزة لأحسن كتاب عربي في المجالات نفسها عن أمريكا الجنوبية.
ونبه الصوفي إلى أن بناء تعاون وحوار ثقافي مستقبلي متميز بين الجانبين العربي والأمريكي الجنوبي يتطلب التركيز على عدد من المحاور أهمها الاهتمام بالمكانة الواعدة للغتين الإسبانية والعربية في المستقبل القريب خاصة في ظل الدور المتنامي لهاتين المجموعتين في الاقتصاد العالمي كسوق هام للمنتجات ولتشغيل العمالة الأجنبية حيث ستصبح اللغة الإسبانية من أكبر وأكثر اللغات الحية تأثيرا وانتشارا في العالم، كما أكد الصوفي أهمية الأدب والسنيما والتبادل والإنتاج المشترك لبناء أرضية ثقافية مشتركة بين الجانبين، بالإضافة إلى ضرورة توسيع مجال الآثار ودراسات الحضارات القديمة لتمحيص الصلات القديمة بين الحضارات القديمة في الفضاءين واختبار الفرضيات القوية التي تشير إلى أن أصول الشعوب الأصلية لأمريكا اللاتينية تعود إلى مصر والسودان.
وأوصى د. الصوفي بضرورة تشكيل لجان متابعة عربية أمريكية جنوبية تنظم لقاءات منتظمة بمشاركة منظمات المجتمع المدني والبرلمانيين والمنظمات الإقليمية لخلق بوتقة لتبادل الآراء في الشأن الثقافي وتبني المقاربات المفيدة لتأسيس حوار ثقافي مثمر بين الجانبين، وتنظيم ندوات وورشات مشتركة لدعم ومضاعفة مستوى التبادل، ووضع خطة لجمع المقالات للمجلة العربية الأمريكية الجنوبية مع خطة موازية لتوزيعها في مختلف المكتبات والجامعات ومراكز البحث الوطنية، والعمل على ترقية تدريس اللغات المشتركة بكل المستويات التعليمية وتبادل البعثات الطلابية والعلمية بين المنطقتين، وتكثيف المشاورات لإرساء نواة حوار حضاري بين المجموعتين يتناول بالأساس إشكاليات الهوية والاندماج ودور الدين في الحياة العامة ونشر نتائجه لتستفيد منها مختلف الحضارات والأديان.