ظهرت علي مر العصور الكثير والكثير من الحضارات العظيمة في شتى أنحاء الأرض زال منها ما زال وبقي ما بقي ، تميزت كل حضارة بثقافاتها وتطورها وحياتها وكتاباتها ، وفيما يلي نسرد لمحات خاطفة لحضارات اندثرت.
حضارة جزيرة الفصح هي حضارة اشتهرت بتماثيلها العملاقة والغامضة لرؤوس البشر، وكانوا يوزعون هذه الرؤوس البشرية على طول ساحل الجزيرة كحراس لها، وشعب هذه الجزيرة هو مثال للحضارة المفقودة، ويظن العلماء أن سكان هذه الجزيرة أثناء قرون استيطانهم فيها استنفذوا كافة الأشجار والزراعات فرحلوا عنها، بعدما قضوا مئات السنين في بناء تماثيلهم الحجرية والإبحار لمئات الأميال لتصل حضاراتهم من جزيرة إلى أخرى.
حضارة كوبيكلي تيبه وهى أحد أكبر الألغاز البشرية التي اكتشفت على الإطلاق، وقد بنيت قبل الميلاد بنحو 10,000 سنة، تقع في ذروة الهلال الخصيب، وكانت عبارة عن مجموعة من النصب الحجرية الضخمة على شكل دائري مقسمة بواسطة جدران والنصب الحيوانية بطريقة توحي بشئ ما مجهول- ذات الحجم الأكبر من سابقتها.
وكان هناك اعتقاد أن هذا المكان كان معبدًا للقبائل في تلك المنطقة، ويعتقد أنها كانت جزء من حضارة بلاد الرافدين، إلا أننا لم نتوصل إلي معلومات عن عبادات هذه الحضارة ومتى قدموا وعاداتهم.
حضارة النيا وهي اليوم بقعة مهدمة في الصحراء الصينية، إلا أنها قبل 1600 عام كانت مدينة مزدهرة في واحة علي طريق الحرير الشهير، على مدى القرنين الماضيين.
وتمثل نيا الأثر الباقي من بداية طريق الحرير الذي ربط الصين بوسط وغرب آسيا وبأوروبا وأفريقيا، وهو الطريق الذي سلكه التجار والحجاج والعلماء يتبادلون الأفكار والثقافات خالقين حضارات مدنية ومتطورة علي طول 7000 كم من الطريق، والي زال أثره بانهيار الإمبراطورية المغولية وتفضيل التجار الطرق البحرية للتجارة مع الصين بعدها.
وقد استخرج علماء الآثار كنوزًا لا تعد ولا تحصى من بين الرمال لمكان كان عامرًا بالبيوت الخشبية والمعابد.
حضارة صحراء مصر وظهرت تلك الحضارة مابين 7000 – 6500 عام قبل الميلاد، وكانت حضارة مدنية عظيمة، وقام سكان هذه الحضارة بتربية الأبقار ومارسوا الزراعة وصنعوا أواني خزفية، وتركوا وراءهم حجارة تدل على وجود فلكيين بينهم. ويعتقد أن الأمطار الموسمية هي من جعلت من قيام حضارة هكذا في وسط الصحراء أمرًا ممكنًا ، حتى أن العلماء حتى يومنا هذا يظنون أنها سلف حضارة مدن النيل العظيمة التى قامت فيما بعد.
حضارة المسيسيبي قام من يعرفوا بالمسيسيبيين قبلما يفعلها الأوروبيون بزمن ببناء مدينة كبيرة محاطة بعشرات الأهرام الترابية والمجموعات الدائرية من البنايات الخشبية التي كان هدفها في الأساس مراقبة النجوم .
وكانت مساحة هذه المدينة نحو 16كم2 ،ويوجد بقاياها في ولاية إيلينويس في أمريكا، وأحاط بهذه المدينة حوالي 100 هرمًا. احتوت المدينة في مركزها على ميدان واسع، وكان عدد سكانها يزيد عن 40,000 نسمة من الفنانين والمعماريين والمزارعين البارعين، والذين أبدعوا فنونًا رائعة من الأصداف والمحار والنحاس والحجارة، حتى أنهم حولوا مجرى أحد فروع نهر الميسيسيبي لري أراضيهم.
ولا نعلم تحديدًا أسباب اختفاء هذه الحضارة إلا أن أغلب الظن أن الأمراض والأوبئة أبعدت الناس عن مدينة كاهوكيا.
حضارة كاتال هيوك وتعد أقدم مدينة في العالم، وهي مدينة كبيرة وحضارة زراعية قامت منذ 9000 – 7000 سنة في الجنوب التركي.
ولعل المثير في الأمر حول هذه المدينة هو تصميمها المختلف جدًا عن المدن في تلك الفترة، فلم تكن تملك شوارع، نعم كانت بلا شوارع، حيث كانت الأبنية تبنى علي شكل خلية نحل، وكانوا يتنقلون عبر السلالم بين السقوف ويدخلون بيوتهم عبر فتحات الأسقف، وأغلب الظن أنهم كانوا يزينون مداخل البيوت بالجماجم المزخرفة.
وعلى الرغم من وجود هذه الحضارة قبل العصر الحديدي وعصور الكتابة إلا أنها تركت أدلة على وجود مجتمع معقد، ومتشبع بالفنون والمراسم والعادات العامة، وقد استمرت هذه الحضارة ل 2000 عام ، ثم اختفت لسبب غير معروف.
حضارة أنفكور ربما سمعت ذات يوم عن معبد أنفكور وات الشهير في كمبوديا، إلا أنه جزء بسيط من حضارة مدنية كبيرة قامت في عاصمة الإمبراطورية الخمرية أنفكور.
وقد بلغ عدد سكانها نحو مليون نسمة، ويعتقد أن أسباب سقوطها تعود في الأساس إلى الكوارث الطبيعية والحروب والتي أدت جميعها إلي طمس هذه الحضارة في غابات كمبوديا اليوم.
ومما يثير الدهشة في هذه المدينة هو عدم قدرة العلماء علي تحديد الرقم الحقيقي لسكانها، حيث أننا إذا أخذنا بعين الاعتبار الطرق والقنوات المائية التي ربطت بين مناطقها، فستكون بذلك أكبر تجمع بشري في عصرها.
حضارة المايا وتعتبر حضارة المايا هي المثال الكلاسيكي للحضارة التي فقدت تماما تماثيلها العظيمة، طرقها وكذلك مدنها جميعها غائرة في أعماق غابات أمريكا الوسطي، وتبعثر سكانها في قرى صغيرة متناثرة.
إلا أن لغاتها وتقاليدها ما تزال باقية إلي يومنا هذا، إلا أن الذروة التي بلغتها هذه الحضارة كانت في الألفية الأولي بعد الميلاد، حيث كانت الإنجازات العمرانية والمشاريع الزراعية الضخمة التي غطت ما يعرف اليوم بيوكاتان (وهي المنطقة الممتدة من المكسيك إلي جواتيمالا في أمريكا الوسطى)، كأعظم حضارة في أمريكا الوسطى.
هذا وقد اعتمدت المايا بشكل وواسع علي الأدب والرياضيات والتقويم المفصل والهندسة المعقدة، والتي ظهرت جلية في أهراماتها المشهورة والمصاطب الزراعية .
إلا أن بدء انهيار حضارة المايا جاء في القرن الأخير من حياتها، ولكن لا توجد دلائل كثيرة على تسبب الظروف المناخية القاهرة والحروب الطاحنة في مجاعة المايا ونزوح السكان عن مراكز المدن.
حضارة السند تعتبر من أعظم حضارات العالم القديم قبل آلاف السنين، وقتما كان عدد سكان العالم لا يتجاوز ال50 مليون نسمة، قارب سكان هذا الوادي من الخمسة ملايين نسمة، مابين الهند وباكستان وإيران وأفغانستان.
ويبدو أن شوارعها الكبيرة (مع أنظمة التصريف المعقدة علي جانبي الطرق) ومحلات بيع المعادن وأبنيتها الضخمة متعددة الطوابق والتي بنيت بقطع الطوب بقيت كلها مهجورة من 3000 سنة وحتى يومنا هذا، ويعتقد أن التغيرات التدريجية في كميات هطول الأمطار حرمت الناس من تأمين الطعام الكافي لهذا العدد الضخم من السكان مما جعلهم عزفوا عنها.